شاهدت العرض المسرحى "حلو الكلام" للمخرج خالد جلال، الذى يعرض حالياً فى مركز الإبداع بدار الأوبرا المصرية، ويقوم ببطولته طلاب الدفعة الثالثة من المركز، ويعتمد العرض على عدد من النصوص الشعرية العامية منها والفصحى لكبار الشعراء الكبار مثل أحمد فؤاد نجم، ونجيب سرور وجمال بخيت، وهو ما لفت انتباهى، ودفعنى لتسجيل بعض الانطباعات التالية.
- أرى أن الإيمان بتأسيس شباب يافعين صغار هواة، وجعلهم فاعلين مسرحياً هو البطل فى كل ورشة قدمها خالد جلال، البطولة لمن؟ سؤال لابد من طرحه بعد انتهاء العرض.
- ثم نقول إن الروح الجماعية فى العرض بطل، والأداء للغالبية بطل، والفكرة بطل، والرؤية الإخراجية بطل، الشعر بطل، الإلقاء، الديكور، الموسيقى، كل عناصر العمل أبطال.
- كل عنصر فى العرض أحسن المخرج توظيفه بشكل يجعل من المسرح حالة متدفقة من الجماليات الممزوجة بخفة دم، يتمتع بها أغلب شخوص العرض، بالإضافة إلى وصول الفكرة بيسر وجمال.
- صعوبة مسرح خالد جلال ببساطته المستحيلة، بالهواة يصنع الأمل ويشكل نواة لجيل جديد يملأون شاشات بيوتنا ومسارحنا، ويضخ بالمواهب ليتلقفهم المخرجين فى السينما والتليفزيون لدرجة أنَ أولاده منتشرون بشكل ملفت، وبنجاح كونهم طاقة جديدة خارجة عن المألوف.
- حضرتُ عروضه لثلاث ورش مسرحية، وفى كل مرة يتأصل مشروعه الإبداعى وتظهر ملامحه الخاصة جداً، من حيث اللامتوقع فى غالبية مشاهد العرض.
- إنه مسرح جديد يشبه أوركسترا كتب لها عمل بهارمونى وبخطوط متوازية يقوده مايستروا مقتدر بدون ادعاء وبمهارة لافتة.
- إن مفاجآت خالد جلال تُبهر بتلقائيتها الحساسة لالتقاط المهمل فى الحياة وتوظيفه أبداعياً وجمالياً، على كل مشهد، والمهم فى هذهِ الورش الإيمان فى المسرح الذى يسرى فى تكوين هؤلاء الشباب، وهذا ما نلمسه فى غالبية تلاميذته.
- أن اعتماد المخرج على الشعر أساساً للعرض، بحد ذاته مجازفة! لكن، لكل نص شعرى تأويله، وأفضل تأويل للشعر، هو الذى اعتمده العرض.
- صلاح جاهين، أمل دنقل، نزار قبانى، فؤاد حداد، نجيب سرور، محمد حمزة، فاروق جويده، أحمد فؤاد نجم، عبد الرحمن الأبنودى، سيد حجاب جمال بخيت حضر أبداعهم العرض، لأنهم ومن قاربَ إبداعهم يشكلون روح ولغة وهوية مصر.
- حساسية المخرج فى استخدام الموسيقى ربما تصل لأعلى مستوى بين المخرجين، كونها لديه كفعل أساسى لا مكمل لفعل آخر، لذلك اختياراته تؤتى ثمارها لصالح العرض والمتفرج.
- الارتجال الذى يصغى إليه المخرج وهو يتدفق من الشباب، ثم يأخذ أفضل التماعاته ويعيدها بتاحتراف مع الحفاظ على بكارة الفكرة، هو إبداع آخر فى غاية الأهمية، مع ما يحتاج من جهد ووقت لكى يصبح مقنع وجديد ومؤثر.
- إن خالد جلال يقّرب المسرح للعامة دون أن يخسر من أسس البناء المسرحى المحترف، وهذهِ معادلة لم يفلح فيها إلا القلة النادرة فى عالمنا العربى.
- وجود فضاء مركز الإبداع سمح للجميع بممارسة حب المسرح، وتعاطيه، ممثلين وجمهوراً وتكاد العروض تشبه المكان بجديدها وحميميتها وتجريبيتها.
- مع عروض الورشة لم أفكر كما يحصل معى فى أغلب العروض المسرحية التى حضرت، حالة مونتاج متواصلة، أقول، ممكن لو استغى المؤلف عن هذا المشهد أو لو حذف المخرج آخر ربع ساعة كان ربحنا إيقاع متصاعدا وناجحا للعرض، وأحياناً أرى وغيرى حذف شخصيات من العرض، دون أن تخل بتوازن العمل، هذا لم يحصل إطلاقاً مع الرؤية التى استنبطها خالد جلال فى عروضه مع أعطاء الشباب أكبر قدر من الحرية ليعلنوا عن شخصيات بعضها جديد وبعضها تواصل مع نجوم مسرحية رسخت بصمتها ويعاد تقديمها نوعاً من الاعتراف والتقدير، دون أن تكون تقليداً ثقيلاً كونها تملك ديناميكية وطموحا مع عنفوان الجيل الجديد.
- من فاته حضور عروض خالد جلال فاتته متع جمالية وفنية وفرجوية وفكرية، وشباب بعضهم موهوب بشكل حقيقى وسيكون له شأن هام، والآخر سيكون ملحا لكثير من الأعمال الدرامية.
- ميزة تضاف لرصيد نجاح هذا العرض تقشف الإنتاج والعمل، بكل الظروف دون انتظار ميزانيات قد تتأخر أو لا تأتى.
- شكرًا صديقى خالد على وفرة السعادة، وما تمنح من عطاء للإنسان والثقافة والمسرح، الذى نحب، وشكراً لفريقك ولكل من آمن بمشروعك صندوق التنمية الثقافية، وزارة الثقافة وأصدقاؤك وكل من صفق لكم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة