د. أشرف بلبع

الغمة الكبرى

الخميس، 13 أكتوبر 2011 06:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتعرض مصر لغمة عميقة يثير شجونها تسرب آمال عريضة كدنا نراها تتجسد أمام أعيننا يوم خلع الرئيس السابق.. إنها ليست بالغمة البسيطة، ولكنها وياللأسف غمة مركبة.. هل نترك أنفسنا لهذه الغمة تحتوينا؟ هيهات ولن نكف عن النضال.

نتذكر كل أحاسيسنا الجميلة السامية يوم التنحى وكيف ملأنا البشر بمصر التى توحدت بالمصريين كلهم يد واحدة، مسلمين وأقباطاً، أغنياء وفقراء، إخوان مسلمين وغير إخوان، الجميع كان على قلب رجل واحد والجميع رأى طريق النهضة مفتوحا أمام مصر لتنطلق عليه بعد أن زالت العقبة الكبرى، الجميع ظن أن كل ما يلزم هذه الانطلاقة سيتم دعمه بقوة وحسم ونشاط فى فترة انتقالية قصيرة وعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن تكون حوالى ستة أشهر.

كان الشعب وقت التنحى فى كامل توحده واستعداده للتعاون والعطاء والتضحية، وكان يملؤه الأمل ولكن هيهات فقد تمت استطالة الفترة الانتقالية حتى أنها تتحول إلى الفترة التدميرية لقدرات التوحد والعطاء، هذه الاستطالة التى شابتها كل النقائص أهدرت الأمل، وهذه هى الغمة الكبرى.

نرى أمامنا أحداثا تدمى قلوبنا وعنوانها كنيسة ماريناب، ونضرب كفا على كف عندما نتذكر على الفور أن هذا هو نفس الجحر الذى لدغنا منها قبلا ومرارا.

كنا نظن أن إدارة تحس بأوجاع المصريين وتحاصر أسباب الخطر على تماسك الأمة ستقوم فور استقرار الثورة بإصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة، والذى بح صوتنا مطالبين به طوال حكم الرئيس المخلوع، كنا نظن أن ولاة أمورنا يحسون بنا ولكن الغمة التى تقبض على نفوسنا تجعلنا ننطق ونقول «منكم لله».

ثمانية أشهر بعد التنحى ومازلنا نتعجب ونتساءل ماذا عن الأمن وماذا عن إصدار القانون الموحد لبناء دور العبادة وماذا عن إصدار قانون الغدر أو العزل أو الهزل أيا ما كان؟ لقد ابتلانا الله بمن أشار إلى بقاء نسبة الخمسين فى المائة عمال وفلاحين وكأننا مازلنا فى ستينيات القرن الفائت وابتلانا أيضا بمن أصر على بقاء مجلس يزدريه كل المصريين تقريبا ولا يفيد إلا فى تعطيل نقل السلطة إلى الحكم المدنى المنتخب.

ابتلانا الله بمصدر مقرب لا يعلن اسمه ولكنه يطلق طلقة تكدير، إن المعركة القادمة للمجلس العسكرى هى فى إنشاء وضع خاص له بالدستور، ومؤدى هذا من الآخر هو استمرار الجيش كقوة مستقلة عن الحكم المدنى، ولكن من الآخر أكثر استمراره كقوة فوق قوة السلطة المدنية، ومن الآخر أكثر وأكثر استمرار حكم العسكر الذى استمر ستين سنة متصلة، ولكن من وراء ستار.

أليست هذه غمة كبرى لكل من حلم بمصر الدولة المدنية الناهضة التى تقوم على الديمقراطية الكاملة وتداول السلطة بأمر الشعب وحده؟ ألا يهدد ذلك حلم النهضة؟ ألا يكون ذلك هو أكبر غمة؟

لقد سئمنا من البطء والتباطؤ والتلكؤ والتماحك والمناورة والتوهان.
كما بدأت أنتهى، وبمنتهى الإصرار أقول لن ندع حلم النهضة يسرق منا، ولن تسرق ثورتنا، ولن نكف عن النضال.. لكى الله يا مصر.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة