انتهى المستشار الدكتور محمد فؤاد جاد الله، نائب رئيس مجلس الدولة، من وضع تقريره الأول عن ثورة 25 يناير، بمناسبة مرور ثمانية أشهر على الثورة، رصد خلاله الموقف والنجاحات والإخفاقات الدستورية والقانونية والسياسية والاقتصادية والفكرية والسلوكية والإعلامية، وذلك بالنسبة لكل أطراف العملية الثورية، وهم الشعب والثوار والحكومة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة والإعلام والقوى الداخلية والخارجية، كما وضع رؤية لبناء مستقبل مصر كدولة عظمى 2020.
وشارك جاد الله فى إعداد هذا التقرير مجموعة من المتخصصين، من بينهم الدكتور إبراهيم عرفات أستاذ العلوم السياسية والخبير السياسى والدكتور عبد الله شحاتة أستاذ الاقتصاد والخبير المالى، كما اعتمد على قراءة أفكار وكتابات العديد من المفكرين والكتاب، وينقسم التقرير إلى مقدمة وستة أجزاء، جاء الجزء الأول عن مقدمات الثورة والتنحى، وأسبابها ونشأتها وتطورها ورصد موقعة الجمل وأحداثها، حتى يوم تنحى مبارك وإدارة المجلس العسكرى لشئون البلاد.
ورصد التقرير إنجازات وإخفاقات المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى إدارة الدولة، وجاء بالإنجازات أن المجلس العسكرى اتسم أداؤه بالتماسك والقدرة على إدارة المؤسسة العسكرية واحتواء أى أزمات أو خلافات داخلية وعدم ظهور أى خلاف علنى أو مواقف متعارضة داخل المجلس، وانحيازه لجانب الشعب وحماية الثورة وعدم حماية النظام السابق الذى فقد شرعيته وإدارة عملية الانتشار السريع لتعويض الفراغ الأمنى.
أما عن الإخفاقات، فانتقد التقرير تخبط المجلس الأعلى فى التعامل مع الثورة والبطء فى تحقيق أهداف الثورة، خاصة محاكمة الرئيس السابق، وإحدث فجوة بينه وبين الشعب الثائر، ثم حاول المجلس التقرب من الثوار والقضاء على هذه الفجوة بمحاكمة مبارك فى 3 أغسطس، ثم زادت الفجوة مرة أخرى بالتعديلات الحكومية والإعلان عن المبادئ فوق الدستورية ثم قانونى مجلسى الشعب والشورى وتقسيم الدوائر والموقف من العدوان الإسرائيلى على سيناء واستشهاد ستة من أبناء الوطن، والإجراءات الاستثنائية المتمثلة فى تفعيل قانون الطوارئ وتقييد حرية الإعلام.
وأكد أن المجلس العسكرى فشل فى تحقيق أهداف الثورة وتعامل معها باعتبارها حركة إصلاح نظام قائم، وليس ثورة تستهدف التغيير الشامل والسريع واتخاذ قرارات ثورية، وعدم وجود رؤية أو خطة واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية وتخبط القرارات واتخاذ قرارات والعدول عنها، الأمر الذى عكس عدم جاهزية المجلس لإدارة الدولة.
كما أكد التقرير أن المجلس العسكرى تأخر فى نقل السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة، رغم الوعد بنقلها خلال ستة أشهر، ورفضه العفو عن المدنيين الذين تمت محاكمتهم أمام القضاء العسكرى، وانفراده بصنع القرار وعدم السماح للثوار أو القوى السياسية بالمشاركة فى ذلك، وتدخلاته فى تشكيل الحكومة الأولى والثانية وحركة المحافظين، وعدم تعيين حكومة ثورية، ووجود وزراء من النظام الساقط، ومن رموز الحزب الوطنى فى الحكومة الحالية وفى حركة المحافظين، وإدارته للدولة بنفس أسلوب إدارة النظام السابق وبنفس رجاله من الصف الثانى والثالث وبنفس العقلية وأسلوب الإدارة.
وفى جزئه الثانى، استكمل التقرير تحليله للإنجازات والإخفاقات والتحديات لكل أطراف الثورة، وهم المجلس العسكرى – كما سبق الإشارة - والحكومة والشعب والثوار والإعلام والقوى الداخلية والخارجية.
وألقى التقرير الضوء على الأوضاع الدستورية والقانونية والسياسية والاقتصادية، ووضع رؤية لإدارة المرحلة المقبلة عن طريق السير فى خطين متوازيين، الأول هو استكمال تحقيق أهداف الثورة وهدم النظام السابق والخط الثانى عن طريق البدء فوراً فى بناء الاستقرار والتغيير ومستقبل مصر.
ووضع التقرير خارطة طريق للاقتصاد المصرى، رصد فى بدايتها خطايا نتجت من النظام الاقتصادى فى مصر قبل الثورة نعانى من آثارها حتى الآن، كانخفاض معدلات النمو الاقتصادى وضعف قدرته على الاستدامة، وعدم العدالة فى توزيع ثمار النمو والاختلالات المالية الهيكلية وضعف وعدم كفاءة الخدمات العامة وضعف بنية المؤسسات الاقتصادية.
وتوقع التقرير 3 سيناريوهات خلال المرحلة المقبلة، أولها استمرار حالة الوفاق بين المجلس العسكرى والشعب وتحمل الأحداث والمحن، وإجراء تعديلات على قانونى مجلسى الشعب والشورى، خاصة إعادة تقسيم الدوائر ووضع الفئات على رأس القائمة، وصدور قانون بمنع أعضاء الحزب الوطنى المنحل من مباشرة الحقوق السياسية، وإجراء الانتخابات البرلمانية فى وقتها وصدور قرار دعوة الناخبين أواخر سبتمبر، وثانيها حدوث صدام قوى بين المجلس العسكرى والشعب حال قيام المجلس العسكرى بتأجيل الانتخابات أو إصدار ما يسمى بوثيقة فوق دستورية أو حاكمة للدستور ووضع ضوابط لاختيار أعضاء اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وحدوث حالة من المظاهرات العارمة تشمل مصر كلها والمطالبة بإسقاط المجلس وتشكيل مجلس رئاسى لإدارة المرحلة الانتقالية.
أما السيناريو الثالث، فيتوقع معدو التقرير فيه استمرار حالة الفلتان الأمنى وعدم الاستقرار، وتزايد أعمال التخريب، ونجاح القوى المناهضة للثورة والتابعة للنظام السابق والحرس القديم داخل وزارة الداخلية والجهات الأمنية والحكومة ورجال الأعمال وأصحاب القرار والقوى الخارجية، وعلى رأسها إسرائيل فى جرّ البلاد إلى حالة من الفوضى والصراع وأعمال التخريب والصدام بين الشعب والجيش والشرطة، وقيام المجلس العسكرى أو الجيش بالاستيلاء رسمياً على السلطة والحكم وإعلان الأحكام العرفية والقفز على السلطة وإجهاض الثورة.
واقترح التقرير عدة توصيات، أهمها ضرورة القضاء على الفراغ الأمنى وإعادة هيكلة جهاز الشرطة وإجراء الانتخابات البرلمانية ونقل السلطة لحكومة مدنية فى المواعيد المتفق عليها، مهما كانت التضحيات والمعوقات وقانونى مجلسى الشعب والشورى وإعادة تنظيم الدوائر الانتخابية والإعلان عن جدول زمنى واضح لإدارة المرحلة الانتقالية، خاصة الانتخابات البرلمانية والرئاسية ووضع الدستور الجديد، ورفض ما يسمى بالمبادئ الحاكمة أو فوق الدستورية وحرمان كافة من أفسدوا الحياة السياسية من مباشرة حقوقهم السياسية وتطهير السلطة القضائية وتوعية المواطنين بالنظام الانتخابى وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى قوية لتكون حكومة ثورة تهدف إلى التغيير وليست حكومة إصلاحية ولا تضم أيا من وزراء النظام السابق أو أعضاء الحزب المنحل أو لجنة السياسات وتشجيع الأحزاب والكيانات الشبابية على الانخراط فى العمل السياسى، وغيرها من التوصيات.
كما وضع توصيات مستقبلية رؤية وخارطة طريق واضحة لبناء دولة عظمى بحلول عام 2020 تقوم على تغيير المنظومة الصحية والتعليمية للوصول إلى شعب يتمتع بمستوى صحى وعلمى يمكنه من البناء، وذلك على أساس من إرساء الأمن والعدل وترسيخ العدالة الاجتماعية، واستعادة هيبة القانون، والاعتماد على الزراعة والسياحة والصناعة لاستهداف الاكتفاء الذاتى من السلع والخدمات الأساسية، ثم الانتقال إلى مرحلة التصدير، من خلال استغلال الموارد المتاحة، والوصول إلى 50 مليون سائح خلال خمس سنوات، والتركيز على الصناعة، خاصة البرمجيات والصناعات الثقيلة والمركبة والاستراتيجية التى تمكنا من بناء دولة عظمى.
والبدء فى إقامة المشروعات القومية اعتمادا على الشراكة فى رأس المال والإدارة بين الدولة والشعب مع تملك الشباب المشارك فى البناء والتشييد لهذه المؤسسات الصناعية وغيرها، وذلك للقضاء على البطالة والفقر المدقع والسلبية، وذلك فى المشروعات الزراعية والصناعية والسياحية والتنموية، ومشروعات الطاقة، مع تنفيذ المشروعات التنموية.
وأخيراً يؤكد التقرير أن كل الأحداث والخلافات والانقسامات التى حدثت وتحدث هى نتائج طبيعية ومتوقعة وتحدث فى أعقاب جميع الثورات التى شهدتها الإنسانية، وعلى الشعب المصرى أن يصبر لقطف ثمار الثورة والشعور بالتغيير ولا يستعجل النتائج الإيجابية للثورة.
نائب رئيس مجلس الدولة يرصد حصاد 8 أشهر من ثورة يناير.. وخبراء يضعون خارطة طريق لإدارة المرحلة الانتقالية.. ويؤكد: المجلس العسكرى فشل فى تحقيق أهداف الثورة وتعامل معها كـ"حركة إصلاح"
الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011 03:06 م
المستشار محمد فؤاد جاد الله نائب رئيس مجلس الدولة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين
hussinawed@yahoo.com
كلام جميل جدا بس عايزين نعرف ازاى يتم تنفيذه
عدد الردود 0
بواسطة:
سيد السيسى
مع أحترامى لرأيك .. هذه كانت حركه تصحيح لان الثورات لها أسباب أخرى
عدد الردود 0
بواسطة:
ابويوسف
الثائر الحق
عدد الردود 0
بواسطة:
عماد الغريب
لا لعمل القضاء بالسياسة
عدد الردود 0
بواسطة:
حسن رزق
هذه هى الحقيقه
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
ياريت
عدد الردود 0
بواسطة:
fouad
انا اعتقد