نسمع كثيراً هذه الأيام أن ثورة 25 يناير ستذوب أو ستضمحل أو يذهب البعض إلى القول إنها انتهت فعلاً وقد يكون ذلك صحيحاً إلى حد بعيد. فكثير من الثورات أكلت نفسها إما بسبب الرفض الشعبى لها أو مؤامرات ودسائس القائمين عليها على بعضهم البعض أو نجاح الثورة المضادة عليها وغيرها من الأسباب ولكن ثورتنا إذا ذهبت مع الريح ولن يحسب لها إلا خلع رأس نظام جثا على قلب مصر ثلاثين عاماً، إلا أن اضمحلالها سيأتى من أن الثورة والثوار والشعب فى مجمله أسير للانتقام من الماضى، فلا نقرأ فى الصحف إلا عن محاكمات رموز النظام السابق، وتتسابق وسائل الإعلام فى شرح وتحليل كل همسة وكل حركة وتقدم لنا التحليل كذلك فئات كان لها مطالب، ولم تكن تجرؤ أن تفتح فمها فى الماضى القريب إلا على استيحاء، أصبحت معظم مظاهرات واحتجاجات واعتصامات ثائراً من الظلم الذى كان واقعاً عليها.. وأتساءل.. ماذا بعد؟ فحدودنا الشرقية والغربية والجنوبية مهددة من العصابات والمطامع وتهريب السلاح واقتصادنا يتهاوى، وأصبح البلطجة والبلطجية رمزاً للشعب المصرى أمام العالم الخارجى، فلا يأتى السائح الأجنبى أو العربى، أو حتى المصرى والمقيم فى الخارج، فالكل يؤجل الزيارة أو العودة إلى أن تستقر الأمور، وذلك بجانب المصريين المتطلعين للهجرة فى أقرب فرصة.. وأتساءل.. ماذا بعد؟ تحضرنى كلمة لبولس الرسول فى رسالته لأهل فيلبى "أترك ما ورائى وأمتد لما هو أمامى" فأدعو الجميع "ترك" المحاكمات وتفاصيلها، أو الثأر من الحكومة بسبب سياسات سابقاتها الظالمة إلى المتخصصين "وليمتد" الشعب كله إلى الأمام، والى المستقبل، أى بناء دولة مصرية حديثة تكون دولة القانون ودولة العمل الدؤوب ودولة يتجدد فيها الجميع من أجل مصر جديدة حقاً، لا أسيرة للماضى بل منفتحة على المستقبل، دول كبيرة مرت بما نمر به الآن، ولكن هذه الدول طوت سريعاً تاريخها المُظلم، وانطلقت نحو العمل الإيجابى، فانتقلت دولتهم لصفوف الدول المتقدمة، مثال على ذلك ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، أو دول شرق أوروبا التى فى أقل من عشرين عاماً من الحكم الشيوعى الديكتاتورى أصبحت من الدول المتقدمة، وكذلك دول أمريكا اللاتينية التى تخلصت من ديكتاتوريات عاتية، ها هى الآن تصدر إنتاج مصانعها، وتبيع ليالى السياحة فيها، وتتقدم تكنولوجيا يوماً بعد اليوم فلنتعلم من أخطاء الماضى، ولا نكون مأسورين فيه فمصر بكل المقاييس تستطيع أن تعوض سنوات العجاف بهمة ونشاط وضمير ووطنية أبنائها.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
helmy
كلام فى عاية العقل و المنطق
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير جمال لمعي
الكلام 100 %
عدد الردود 0
بواسطة:
جورج
أوافق ... ولكن
عدد الردود 0
بواسطة:
الأب شريف ناشف
نعوض ما فاتنا