نبيل عمر

رسالة إلى المجلس العسكرى!

السبت، 01 أكتوبر 2011 03:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فكرت كثيرًا قبل أن أسطرها إليكم، ليس خوفًا ولا تملقًا، وإنما حسابات تتعلق بالوطن، الذى أنتم بالضرورة حماة أمنه وحراس عافيته، وأتصور أن الوطن الآن فى خطر، ربما هو الأكثر تهديدًا لمصر فى العصر الحديث، منذ محمد على، خطر يتضاءل أمامه الاحتلال البريطانى بعد ثورة عرابى، والاحتلال الإسرائيلى لسيناء بعد هزيمة 1967، فهذه أخطار لم تكسر إرادة الأمة، ولم تهدد بنيانها النفسى والحضارى، وكان المصريون على علم ودراية بما يريدون، حتى وهم لا يملكون وقتها أدوات درء هذه الأخطار، لكن وعيهم كان متيقظًا، ولم يفسده التشرذم والانقسامات والتناقضات، وإرادتهم كانت منتصبة دائمًا وتسن سلاحها الذى سوف تطرد به المعتدين سواء بعد 74 عامًا أو بعد ست سنوات.

لكن الآن المسألة أكثر تعقيدًا.. الخطر من الداخل، حتى الأخطار الخارجية تتخفى فى أقنعة مصرية وشعارات مصرية، بل وتتشدد فى مصريتها إلى حد التطرف.. هذا زمن اختلط فيه العدو بالصديق، الشهيد بالبلطجى، الثائر بالانتهازى، الأتقياء بالشياطين.

ورسالتى إليكم تسألكم وتسأل معكم كل المصريين: لماذا تركنا الأمر يصل إلى هذه الفوضى العارمة؟!

وسؤالى ليس صك براءة لكم.

صحيح أنتم الذين حميتم الثورة، وحرصتم على أن تحقق هدفها البسيط الأول، وهو «إسقاط» الرئيس السابق، ولكن مثل هذا الهدف لا يصح أن يكون «أمل» أمة، ومشروع نهضتها، هو مجرد خطوة أولية إلى «إسقاط» نظام أفسد على المصريين حياتهم، وسد عليهم كل سبل التقدم والخروج من التخلف.. لكن ما حدث بعد 11 فبراير كان شيئًا فظيعًا، إنكم عملتم بالعقلية نفسها، والأدوات والأفكار التى كان يعمل بها النظام القديم، من أول لجنة تعديل الدستور التى تشكلت بطريقة التوفيق والتلفيق، التى تصورتم أنها سترضى القوى السياسية الأكثر حضورًا على أرض الواقع، والأعلى صوتًا على المنابر وشاشات الإعلام، والمجتمعات حين تفكر وتعمل على أن تتغير من حال إلى حال تهجر الأساليب القديمة، وتبتكر نهجًا جديدًا مخالفًا للنهج الذى هوى بها إلى قاع الأزمات والمشكلات.

وفى السياسة رجال الدولة لا يتخذون الإجراءات التى يريدها الناس، وإنما التى تفيد الناس، جموع الناس، فالناس على سبيل المثال يريدون مطالب فئوية عاجلة، بغض النظر عن قدرة الدولة على الوفاء بها، يريدون أن يبنوا على الأرض الزراعية بيوتًا لأولادهم وأحفادهم، غافلين عن أن أولادهم قد لا يجدون أرضًا يزرعونها محاصيل يأكلون منها.. ويريدون ويريدون.. إلخ.

ومادمتم تصديتم للحكم، سواء كان ذلك مخططًا أو بالمصادفة، فالمسؤولية لا تتجزأ، فأنتم على سبيل المثال المسؤولون عن أمن الناس داخليّا، حتى لو كانت وزارة الداخلية هى المكلفة بالمهمة، ولا نستطيع أن نعفيكم بعد سبعة أشهر من الفشل فى حصار الانفلات الأمنى، قد نتفهم الموقف شهرًا أو شهرين أو ثلاثة، لكن دوامه يضع ألف علامة استفهام، فالوزارة - بما فيها رئيس الوزراء - إذا فشلت فأنتم أصحاب الأمر، ولا يمكن أن تكون مصر بكل خبراتها ورجالاتها قد أعدمت وسيلة لضبط أمور الأمن الداخلى فيها.

وبالطبع البدايات الخطأ جرتنا إلى هذا المنزلق، لا أريد أن أعدد الأخطاء التى ارتكبناها جميعًا، ولستم أنتم وحدكم، القوى السياسية، والتيارات الجديدة، وشباب الثورة، وفئات كثيرة من الشعب، فالكل كان مشغولاً بوراثة الامتيازات المتاحة أو الحفاظ عليها أكثر من انشغاله بمصر القوية المتحضرة الديمقراطية القائمة على العدالة والمساواة والتفكير العلمى المنظم، فتحول الوطن من «حالة» الثورة إلى حالة «الاضطرابات السياسية والاجتماعية»، وهى حالة مخيفة لا يمكن التنبؤ بنهايتها أو كيفية الخروج منها.

والسؤال: هل يمكن فعلًا تصحيح المسار والخروج من النفق الحالى؟!
الإجابة: نعم، بالرغم من صعوبة الحالة.

وأول خطوة هى فتح حوار مجتمعى موسع، وهو الذى بدأ أيام الدكتور يحيى الجمل بطريقة فيها خلل، ولم يكتمل، حوار حول ما نريده لمصر، نناقش فيه كل القضايا المطروحة من أول البلطجة إلى المطالب الفئوية، ونضع برنامجًا واضحًا للتحول من نظام إلى نظام، والأدوات التى سنستخدمها، والإجراءات التى نتبعها، ويكون الحوار فى جمعية كبيرة، يتشكل أعضاؤها من ممثلين عن النقابات والأحزاب والجامعات والتيارات السياسية واتحاد الجمعيات الأهلية، وجمعيات المستثمرين ورجال الأعمال تنتهى بخريطة طريق نلتزم بها، وتنتقل بها السلطة من المجلس إلى المدنيين فى زمن معلوم مسبقًا.. حتى يكون المجتمع كله مسؤولاً عن سلامته ومشاركًا فيها!

وإذا كان لديكم طريق آخر فدلونا عليه.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة