قبل أكثر من ثلاثين عاماً زرت السودان فى معسكر لشباب وادى النيل أقيم فى مدينة الدمازين جنوب السودان، وعدت من هذا المعسكر بالكثير من الأصدقاء وبمعرفة معقولة إلى حد ما عن الأوضاع السودانية بنيت عليها بعد ذلك الكثير من المعلومات والعلاقات.
هكذا تتعارف الشعوب، وتنسج فيما بينها علاقات شعبية، تتخطى ذلك إلى صور أخرى منها علاقات المصاهرة، وأنشطة المجتمع المدنى، والاستثمارات، وتدفق العمالة، إلى جانب البعثات التعليمية والوفود الثقافية، والأنشطة الرياضية.
لكننا طيلة سنوات افتقدنا مثل هذه النوعية من العلاقات الشعبية ليس مع السودان فقط، وإنما مع دول حوض النيل ومعظم القارة الأفريقية، تقريبا انكفأت مصر على نفسها، ولم يعد المصريون يعرفون الكثير عن دول الجوار، أو الدول التى ترتبط معها مصر بمصالح مشتركة وروابط تاريخية وحياتية.
هذه الأيام تستضيف القاهرة الدورة الدولية الأولى لدول حوض النيل فى كرة القدم، ورغم أنها فرصة لإعداد الفرق الوطنية لتلك الدول قبل استئناف التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الأفريقية لكنها فى نفس الوقت فرصة لوصل بعض ما انقطع طويلا.. ويمكن للرياضة وغيرها من الوسائل المماثلة أن تبنى دبلوماسية شعبية جديدة، وتخلق روابط بين شعوب الدول المختلفة.
فى مصر ست دول من تسع تشترك فى مصير واحد، يشقها نهر النيل، حاملا لشعوبها الحياة، وفى هذه الدورة ربما يعرف بعض المصريين لأول مرة أسماء دول حوض النيل، وهى بداية مهمة لكى نعود إلى جذورنا ونتعرف على محيطنا الإقليمى.
صحيح أن هذه البطولة ليست كافية لبناء العلاقات بين مصر ودول حوض النيل لكنها خطوة على الطريق، أتصور أن علينا جميعا البناء عليها، ببطولات رياضية مختلفة فى كافة اللعبات، وفى بعثات تعليمية وإعادة احتضان طلاب تلك الدول للدراسة فى الجامعات المصرية، وعبر مدارس مصرية تبنى فى جميع دول حوض النيل، إلى جوار كل مدرسة ستنشأ رابطة من العلاقات بين السكان المحليين والمدرسة بمدرسيها المصريين.
نحتاج أيضا إلى صحافة وطنية تعيد نشر الوعى بأهمية أن نعرف أفريقيا جميعا، وأن نتواصل معها، صحيح أننا ننتمى إلى الأمة العربية، لكننا فى نفس الوقت دولة أفريقية، تعتمد فى الكثير من حياتها على تواصلها وعلاقاتها مع دول وشعوب القارة السمراء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة