خديجة كمال

دماء مصرية على أعتاب عقد جديد

السبت، 08 يناير 2011 03:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإرهاب الذى نشر خيوطه فى الدول العربية والغربية من القضايا الأكثر اهتماماً فى عصرنا الحالى، وأصبح شبحاً يزحف تدريجياً ويهدد أمن وسلامة المجتمعات بأسرها، وهو ليس ظاهرة حديثة وليدة اليوم، فقد عرف الفراعنة جريمة الإرهاب فى 1198ق.م وأطلقوا عليها جريمة المرهبين، واستخدم الرومان العنف فى مصادرة الممتلكات وإعدام المعارضة، إلا أن الإرهاب الحديث قد ظهر مع قيام الثورة الفرنسية عام 1789 بعد سقوط الملك لويس السادس عشر، وبعد القضاء على نظام الإقطاع فى فرنسا وقيام الجمهورية اليعقوبية، حيث استخدم قادة الثورة الإرهاب كأسلوب من أجل تحقيق أهداف الثورة، مما أدى إلى إعدام آلاف من المواطنين الفرنسيين بحجة عدائهم وخيانتهم، حيث عرفت تلك الفترة باسم حكم الإرهاب، إلا أن ما يميز تلك الفترة هو انحصاره داخل حدود الدولة القومية.

ولعل ظروف المجتمع الدولى آنذاك ووسائل الاتصال والمواصلات كانت محدودة ولعبت دوراً فى حصر تلك الظاهرة والحد من انتشارها وشيوعها عالميا، إلا أننا فى السنوات الأخيرة نلاحظ إرهابا جديدا من نوعه، قائما على مرتكزات دينية من جهة ويهدف إلى إيقاع أكبر عدد ممكن من الخسائر المادية والبشرية من جهة أخرى، ويعتمد على الانتقاء والتميز بهجمات مميتة غاية فى التدمير، بل أكثر من ذلك، تطورت أشكاله بتطور الآليات الجديدة المستخدمة والموازية للتطور العلمى والتكنولوجى فى شتى بقاع العالم، ولم تعد كما سبق الذكر إرهابا شخصيا ضد الطرف الآخر فى الصراع مثلا بين المحتل ومعاونيه، وتأرجح وصفه بل خرج حتى عن إطار المقاومة وطرد العدوان، وذلك حسب كل واحد ومعتقده الذى يدين به فكريا وسياسيا، بل أصبح استعمالا عمديا منتظم بوسائل من طبيعتها إثارة الرعب بقصد تحقيق أهداف معينة، واستغل فى معارك مشبوهة لها مآرب أخرى، وبات مظهراً من مظاهر العنف الذى يمارسه الإنسان داخل المجتمع مدعما بمنظمات محكمة وشبكات عالمية، فهذا العمل البربرى الشنيع يخالف الأخلاق الاجتماعية ويشكل اغتصابا لكرامة الإنسان وحقوقه فى الحياة، مهما كانت دوافعه.

ستبقى معظم الديانات والأوساط تستنكر هذا الفعل الإجرامى وترفض أن تضع تفسيراً ومعنى لما سمى بالإرهاب الممدوح الذى اتخذه الفاسدون فكريا ذريعة لبث الفتنة، فالإرهاب إرهاب وواقع مقلق وحركة تزحف بشكل سريع، وهى اليوم أسعد حظا فى ظل وسائل الإعلام التى أدت بشكل غير مقصود إلى إنعاشها مقابل أدنى قدر من الجهد المادى ووسائل الاتصال التى جعلت الاتصال بينهم يزداد انتشارا وتنسيقا، ولأن أى مجرم إرهابى ليس إرهابياً بطبيعته أو بالفطرة، إنما هو نتاج لعوامل شتى استراتيجية محكمة التنسيق والتطبيق، ومن جهة أخرى نتيجة لسلوكيات عنيفة وتربية غير سليمة ونظام سياسى غير عادل كل هذه الدوافع جعلته يسقط ضحية فى أيدى متزعمى شبكات إرهابية دولية، لذا نلتمس من مجتمعاتنا محاربة الأمية والجهل والتركيز على الجانب الاجتماعى خاصة لأن الخدمات الأمنية ستبقى غير كافية وحدها للتصدى لهذه الجرائم البشعة، فمن قام للأسف بالعملية الإرهابية التى استهدفت مصر بتاريخ 31_12_2010 أكيد وقع ضحية غسيل محكم للدماغ، لذا نطلب مجهودا فعالا من دولنا بتطاير الشباب وتلقينهم مبادئ إسلامية صحيحة قائمة على احترام باقى الديانات السماوية بصفة خاصة، واحترام حق الحياة والاطمئنان والآمن لأى إنسان مهما اختلفت جذوره بصفة عامة، لأنه لا ذنب لأى مدنى اختار ديانة غير الإسلام، وذلك لكى لا يقع أيضا أفراد مجتمعاتنا فى انزلاقات متطرفة وظلامية لا تبت للإسلام بصلة، بل ستظل تندد بها البشرية عامة، فكم هو مأساوى أن تستهدف كنيسة القديسين المتواجدة بالإسكندرية ويذهب ضحيتها واحد وعشرون بريئاً منهم مسلمون لتظل دماء الضحايا التى لامست جدران المسجد المجاور خير شاهد على المذابح التى ذهب ضحيتها أبرياء تركوا وراءهم أسر ستظل تتألم ما بقى لها من حياة حسرة ويتما على فقدان فرد من أفراد عائلتها وككل مرة سيبقى السؤال مطروحا من اقترفوا هذا الفعل الإجرامى، هل هم فعلا عرب؟ أم أنهم باعوا عروبتهم لقضاء مصالح دولة أخرى؟

فيا مجوس ويا برابرة ويا تتار.. مصر عظيمة كبيرة وأبية وشعبها درع وحصن قوى ضدكم فابحثوا عن مجدكم الآتى بعيدا عنها، فربما كان فى مكان آخر، فهنا قد سبقكم بناة الأهرامات ومهد الرخاء والحضارة، فما زدتم هذه الأرض يا جبناء إلا شهداء ومفخرة ستقرؤها أجيالهم اللاحقة بتمعن وستطلع على ما سجلته مصر من ضحايا بإرهابكم لتلعنكم أيها القوة القذرة التى ستظل ليوم الدين تعيش فى ذل وعار، فلا تحزنوا يا شهداء مصر الغالية فالشهداء سبعة على قول رسول الله (المطعون المبطون الغرق الحرق وصاحب ذات الجنب والذى يموت تحت الهدم والمرأة التى تموت بالجمع) فناموا قريرى العين فالبشرية جمعاء ترثيكم بحرقة الدمع تبكيكم، فمبروك عليكم الشهادة، وحسبى الله ونعم الوكيل، هذا هتاف عربى آتيكم عبر الأثير يندد ويستنكر فيعلوا صوته فيسمعه العالم، فاسمو واشمخ أيها العلم، فأنت رمز مصر فليس غريب عليك دم الشهداء، وخير أجناد الله أبناؤك، وختام قول حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذى جاء على لسان عمر ابن العاص (إذا فتح الله عليكم مصر بعدى فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فذلك الجند خير أجناد الأرض) وفى صحيح مسلم (إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القراط فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة ورحمة) تكرمتى يا مصر بشهادة الحديث وذكر اسمك فى القرآن وتعدد فى كتب التاريخ يا مهد الحضارة وأرض الكرامة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة