كنت قد قررت أن أكتب مع بداية العام الجديد موضوعا بعنوان "ليكن 2011 عاماً للتسامح"، وللحقيقية كنت قد استمديت فكرة هذا الموضوع من الدعوة التى تبنتها العديد من القنوات والبرامج الرياضية، على هامش مباراة الأهلى والزمالك، والتى قامت على شعار "لا للتعصب .. نعم للروح الرياضية".. وتمثل هذه الدعوة من وجهة نظرى الاستفادة الكبرى من المباراة، خاصة أنها خرجت باهتة فنيا، ولكن نظرا لحالة الإحباط الشديدة التى قد انتابتنى بعد الأحداث الدامية التى شهدتها كنيسة القديسين بالإسكندرية، ترددت كثيرا قبل الشروع فى كتابة هذا الموضوع، إلا أننى شعرت بضرورة التضامن مع مثل هذه الدعوة بأى شكل، خاصة فى ظل الظروف المحيطة بنا فى هذه الأيام.
لعل التعصب قد أصبح أحد السمات البارزة، والتى يشهدها المجتمع المصرى خلال السنوات الأخيرة، وتعد المشكلة الحقيقية فى هذا الإطار أن هناك نوعا من الخلط بين قيمة الانتماء وسمة التعصب، فأصبح التعصب دليلا على الانتماء الشديد الذى لا يقبل التشكيك، ويظهر ذلك جليا فى أحاديث الشباب، فعندما تسأل شابا – على سبيل المثال – عن انتمائه الرياضى، يجيب مثلا "أهلاوى متعصب"، وكأنه يريد أن يقول إن أهلاويته لا تقبل التشكيك، من هنا نجد أن مثل هذا الخلط غير الواعى يعد سببا رئيسيا فى تفشى ظاهرة التعصب داخل العديد من المجتمعات الشرقية، ومن بينها المجتمع المصرى، والذى امتد إلى تعصب رياضى أو تعصب دينى أو حتى تعصب سياسى لحزب على حساب.
من ناحية أخرى، تعانى مجتمعاتنا من غياب الآخر القدوة الوطنية القادرة على لفت أنظار الشباب باعتدالها والتزامها وانتمائها للوطن، وبالتالى حشد قواهم خلف مصلحته، ولعل أول ما يتبادر إلى الذهن فى هذا الصدد هو الزعيم الوطنى "سعد زغلول" الذى استطاع بحنكته ووطنيته الصادقة أن ينهى ما أسماه الدكتور "مصطفى الفقى" – فى كتابه "الأقباط فى السياسة المصرية" - الفترة الحرجة فى العلاقات بين المسلمين والأقباط، والتى امتدت منذ عام 1908 حتى عام 1911، والتى تحولت بعد ذلك إلى نموذج رائع من التوحد خلف "وفد سعد زغلول" المطالب باستقلال مصر من الاستعمار.
يعد أيضا الانتشار الواسع لبعض القنوات الفضائية والتى تبث سمومها لزعزعة استقرار وأمن بلادنا عاملا مهما لتأجيج سمة التعصب فى المجتمع المصرى، خاصة فى ظل غياب القدوة، وهو ما فتح الباب أمام عدد من المتطرفين ومعدومى الثقافة، من رواد تلك القنوات، ليقفزوا للعب دور القدوة فى المجتمع، فهناك الفضائيات الدينية والتى تسعى لنشر أفكار متطرفة، والتى كان لها دورها السلبى فى زيادة حالة الاحتقان التى تظهر بين الحين والآخر فى أشكال مختلفة، بالإضافة إلى قنوات أخرى جعلت من نفسها منبرا لنشر سفاهاتها من خلال قراءة رسائل بذيئة، لإثبات حالة التواصل غير المسبوق مع مقدمى تلك البرامج! والذين جعلوا من قنواتهم منبرا للدفاع عن موقف شخصى أو للتطاول على من ينتقدهم.
فى الواقع إن محاربة التعصب هى مسئولية جماعية تقع على عاتق كل المؤسسات المصرية، ويأتى على رأسها المؤسسات الدينية ومؤسسة التعليم وكذلك مؤسسة الإعلام وغيرها والتى يجب أن تسعى بكل طاقاتها لدحض أفكار متطرفة قد تؤثر على استقرارنا ومستقبل التنمية فى بلادنا.
بيشوى رمزى رياض يكتب: ومازالت الدعوة قائمة.. "لا للتعصب"
الجمعة، 07 يناير 2011 12:33 ص
هلال مع صليب صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة