محمد حمدى

غريب فى وطنى

الخميس، 06 يناير 2011 12:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد ثلاثة أيام فقط، وتحديداً الأحد التاسع من يناير الجارى يتوجه السودانيون فى جنوب السودان لتقرير مصيرهم، إما بالبقاء ضمن حدود الدولة السودانية، أو الانفصال عنها، وهو الأمر المؤكد ليس من الآن فقط، وإنما منذ سنوات طويلة حينما استحالت العشرة بين السودانيين، فاختاروا الانفصال بإحسان كما يقول رئيس وزراؤهم السابق زعيم حزب الأمة الصادق المهدى.

السودان فى منعطف خطير جدا، فهو لن يفقد جنوبه فقط، وإنما يفتح الباب لانسلاخ كيانات أخرى عن بدن الدولة السودانية، فى مقدمتها مناطق مثل أبيى والنيل الزرق وجبال النوبة على حدود التماس بين الشمال والجنوب، لكنها تشبعت بأفكار الحركة الشعبية لتحرير السودان، ولم يعد أهلها يطيقون البقاء ضمن السودان الموحد.

وليس بعيدا عن ذلك ما يجرى فى غرب السودان فى دارفور الذى تعصف به حرب أهلية مستمرة منذ سبع سنوات، وتطالب بعض حركاته بحق تقرير المصير أسوة بجنوب السودان، وهو ما قد يلجأ إليه أهل الشمال أيضا فى مناطق النوبة.

السودان كان أكبر بلد عربى وأفريقى على الإطلاق، وأكثره تنوعا وثراء بالأعراق والأديان المختلفة، منها ما هو سماوى ومنها ديانات محلية غير سماوية، وقد أمل العرب والأفارقة كثيرا أن تكون السودان الجسر الذى يتواصل عليه العرب والأفارقة ويجدون على أرضه صيغة لعبور الحضارات وتمازجها.

لكن هذا التنوع الذى يعتبره كثيرون نعمة تحول إلى نقمة، لأن السودانيين لم يدركوا فوائد هذا التنوع، ولم يفلحوا طوال تاريخهم لا فى صهره فى بوتقة واحدة، ولا صنع هوية سوادنية قائمة على المشتركات، ولا تفجرها الخلافات كما يحدث الآن فى السودان.

زرت السودان مرات ومرات، ولى فيه مئات الأصدقاء من الشمال والجنوب، وشرقه وغربه، ولى فيه ذكريات لن أنساها أبدا، شربت من نيله، وتنفست هواءه، وأكلت وشربت مع أهله الطيبين فى مختلف أنحاء السودان، وحين يتجه جزء من هذا السودان الغالى إلى الانفصال أشعر وكأن أحدا ينتزع قطعة من جسدى ويلقيها فى العراء، أشعر وكأنما بتر لى أحد قدما، فأصبحت أعرج على قدم واحدة بعد كنت أسير مختالا أمام الجميع.

فى السودان الذى يتمزق الآن أشعر وكأن كل صوت يوضع فى صناديق الاقتراع يأكل بعضا من ذكرياتى.. يأخذ من تاريخى.. أنا العربى الذى كان له وطن كبير، لكنه مشغول بحروب داخلية، وفتن ، وقتل بعضه بعضا.. أنا العربى الذى يتمزق وطنه ويتفتت كل يوم.. أنا العربى الذى أصبح غريبا فى وطنه.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة