شهادات من شارع خليل حمادة.. دماء على الهلال والصليب

الخميس، 06 يناير 2011 07:37 م
شهادات من شارع خليل حمادة.. دماء على الهلال والصليب الأضرار التى لحقت بالمسجد المقابل للكنيسة
محمود سعد الدين -هناء أبوالعز - تصوير: ماهر إسكندر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄4 مآذن تتعانق فى السماء.. وأصوات التكبير فى المسجد تمتزج مع دقات أجراس الكنيسة
شارع خليل حمادة بمنطقة سيدى بشر بالإسكندرية يضم أكبر مسجد وكنيسة فى منطقة سيدى بشر فى منظر يجذب الأبصار.. 4 مآذن تتعانق فى السماء، وأصوات التكبير فى المسجد تمتزج مع دقات أجراس الكنيسة ليمارس كل مسلم ومسيحى ديانته بحرية تامة.

هكذا هو الحال دائماً فى شارع خليل حمادة منذ سنوات طويلة، على اليمين خطبة الجمعة، وعلى اليسار قداس الأحد، يتقابل المسلمون والأقباط بعد أن ينهى كل منهم صلاته ويتحدثون ويتشاورون، حتى جاء الحادث الأليم فى الدقائق الأولى من العام الجديد 2011 وتحديداً فى الساعة الثانية عشرة و20 دقيقة بانفجار سيارة أمام باب كنيسة القديسين وعلى بعد أمتار قليلة من المسجد. كنا فى موقع الحدث على الطريق الفاصل بين المسجد والكنيسة، لنرى تأثير الليلة المشؤومة التى لا ينساها الأقباط أبداً ولا المسلمون.

وفى دير مارى مينا الذى تم اختياره لتشييع جنازة ضحايا الحادث الأليم، وهى الجنازة التى شارك فيها ما يقرب من 10 آلاف قبطى ومسلم بكل حزن وأسى، انتهينا من تشييع الجنازة وتوجهنا بعد ذلك إلى منطقة سيدى بشر لرصد الأحوال بعد مرور 24 ساعة على الحادث، حاولنا الدخول إلى موقع الانفجار غير أن أجهزة الأمن أغلقت المداخل والمخارج ورفضت السماح لأحد بالمرور «ممنوع يا أستاذ»، كررنا المحاولة فى أحد الشوارع الخلفية المطلة على شارع خليل حمادة، غير أن الإجابة كانت مماثلة «ممنوع يا أستاذ».

بحثنا عن فندق لقضاء الليلة وفى طريق البحث تقابلنا مع أحد أفراد الأمن المركزى الذى كان يشترى لأصدقائه «ساندوتشات فول وطعمية» تبادلنا الحديث معه عن الحادث فقال فى هدوء «يا أستاذ دا رفعوا العربية خلاص من قدام الكنيسة» فقلت له ببديهية: «طيب طالما كده، هما مانعين حد يدخل ليه» فأجابنى قائلاً: «والله يا أستاذ ما اعرف لكن كل واحد وشطارته».

وقتها قررت وزميلى ماهر إسكندر تكرار المحاولة من جديد بأسلوب مختلف، فأقدمنا على الكردون الأمنى وأخبرنا العسكرى أننا داخلون لمحمد بيه، فقال «اتفضلوا يا باشوات»، وفى الصف الثانى من الكردون كانت نفس العبارة وانفتح الحاجز الحديدى وبخطوات هادئة أصبحنا على نفس مكان انفجار السيارة أمام باب الكنيسة فى نفس توقيت الانفجار أيضاً وتحديداً فى الثانية عشرة و20 دقيقة بعد يوم من الجريمة. كانت أجهزة الأمن على أهبة الاستعداد تخوفاً من أى عملية جديدة خاصة أن أحد المواقع الجهادية على شبكة الإنترنت أعلن عن أعمال تفجيرية جديدة فى مصر بالتزامن مع عبارة «البقية تأتى» التى تم العثور عليها على الزجاج الخلفى للسيارة.

الأجهزة الأمنية زادت من نطاق إجراءاتها حول الكنيسة والمسجد من شارع خليل حمادة إلى شارعى جمال عبدالناصر والعيسوى المتقاطعين، مع فرض حظر التجوال فى المنطقة ومنع دخول المواطنين الكردون إلا لساكنى شارع خليل حمادة فقط. على باب الكنيسة يجلس 4 من القيادات الأمنية بمحافظة الإسكندرية بينما يجلس على باب المسجد 3، وآخر رابع يقف فى منتصف الشارع يمسك فى يديه سيجارة مشتعلة، وبقدر ما يبدو على كنيسة القديسين من حزن إلا أن الأضواء فيها لم تنطفئ، لتظهر على يمينها ويسارها دماء ضحايا الإرهاب.
المشهد الأكثر حزنا على باب الكنيسة هو صليب خشبى كبير ملفوف بقماشة بيضاء وبها صورة للسيدة مريم تحمل السيد المسيح طفلاً، وبدت كأنها تبكى على الدماء التى كانت بقعها على الصورة.

حاولت «اليوم السابع» أن تدخل كنيسة القديسين لاستكشاف التلفيات وتوابع الحادث على الكنيسة من الداخل، غير أن الأبواب كانت مغلقة تماماً ولم يكن أمامنا أى وسيلة لاستكشاف الكنيسة إلا عن طريق المسجد، فتوجهنا إلى الجهة المقابلة وصعدنا إلى الدور الثانى للمسجد، وهناك كان التأكيد الأكبر على أن الإرهاب لا يميز بين مسلم ومسيحى.

فى أول نظرة إلى المسجد تبين لنا أن جميع ألواح الزجاج بالنوافذ مكسورة ومتبعثرة على الأرض، وعندما سألنا عن السبب رد علينا أحد أفراد الأمن أن قوة الانفجار أمام باب الكنيسة أثرت على نوافذ المسجد، والأغرب من ذلك أن جدران المسجد المواجهة للكنيسة تأثرت وظهر بها نتوءات. وعلى الرغم من كل ضحايا الحادث من الأقباط فإن الحادث انتقل تأثيره للمسجد ومن فيه، ومثل صورة العذراء كانت واجهة المسجد المزينة بآية كريمة من القرآن الكريم، لطخت بالدماء ونوافذ المسجد تحمل أشلاء من جثث ضحايا الحادث الأليم، والزجاج انتشر على الكتب الدينية والمصاحف. وكانت الصورة معبرة تجمع بين القرآن الكريم وواجهة كنيسة القديسين.

مر الوقت سريعاً ودقت الساعة مشيرة إلى الواحدة صباحاً، وشعرنا بتحرك غريب فى الشارع حيث توقيت تغيير الحراسات الأمنية على المسجد والكنيسة من أفراد الأمن المركزى، فنزلنا من المسجد وبدأنا نقترب إلى الكنيسة وإذا بسيدة مسلمة محجبة تنظر إلى داخل الكنيسة وتقول: «حسبى الله ونعم الوكيل منهم لله اللى كانوا السبب، يارب احفظ مصر».





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة