ثلاثة أيام مرت على حادث "القديسين" ولم أعد احتمل، مللت سماع "أكلاشيهات" المواساة وكلمات العزاء الباردة التى لا تضيف إلى أسر الضحايا شيئاً، مللت الحديث عن الفتنة وأسبابها ودوافعها أيضاً، كرهت جلسات النقاش التى نحاول فيها اختيار متهم مناسب نعلق عليه شماعة فشلنا فى القبض على مرتكب الحادث قبل وقوعه، ضقت بكل العبارات الكلاسيكية التى يستعملها محترفو برامج التوك شو والخطب والمقالات.
توقفت حياتى عند سنوات كنت أزور فيها كنيستى ليلة السادس من يناير احتفل ولا أودع موتى، ابتهج مع أصدقاء الطفولة وجيران السكن ولا أصلى صلاتى الأخيرة على أجسادهم.. اقشعر بدنى من كل أصوات الفتنة ودعاة التطرف من حولى فى الطريق وفى الشارع وفى النادى وعلى "الفيس بوك"، هؤلاء الذين حرموا علينا وضع الهلال مع الصليب تضامناً، لأن الأقباط "مشركون" وهم لا يؤمنون بالصلب، هؤلاء الذين استكثروا علينا المواساة والتعلق بأحبال زمن كان فيه الهلال مع الصليب حقاً وليس لمجرد محاولة إبراء الذمة أمام أنفسنا، هؤلاء الذين نسفوا بفتاواهم السلفية دم الوطن واستمتعوا بضياعه وهم يهتفون "أفرجوا عن كاميليا المسلمة"، هؤلاء الذين افتتنت عقولهم فعاثوا فى الأرض ينشرون الفتنة، هؤلاء الذين غضبوا عندما اعتذرنا للأقباط على الحادث، لأنهم "معملوش حاجة" رغم إننا جميعاً مدانون، وكلنا تلطخه دماء القتلى وأشلاء الضحايا، كلنا مدانون بالصمت على وضع تفاقم حتى فاض الكيل فانفجر أمام الكنيسة، كلنا مدانون والإسكندرية وحدها تدفع الثمن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة