سعيد الشحات

علاقة الموساد بجريمة القديسين

الأربعاء، 05 يناير 2011 03:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الطبيعى أن يربط الرأى العام بين حادث الإرهابى أمام كنيسة القديسين بالإسكندرية، وقضية التجسس التى ضبطتها الأجهزة الأمنية، والمتورط فيها طارق عبد الرازق.

الربط يأتى من زاوية أن شبكة التجسس التى جندها جهاز الموساد الإسرائيلى فضحت ما تفعله إسرائيل من عبث داخل مصر والمنطقة العربية، حيث كشفت التحقيقات أن شبكة التجسس شملت مسئول المفاعل النووى السورى، بالإضافة إلى محاولة تجنيد رئيس تحرير جريدة "الديار" اللبنانية، وهو ما يعنى أن الأجهزة الأمنية المصرية وجهت ضربة قاصمة للمخطط الإسرائيلى، وفضحت أهدافه الدنيئة فى مصر خاصة والمنطقة عامة، ومع كشف هذا المخطط لم يخف الشعب المصرى فرحته، والتأكيد على ثقته فى الأجهزة التى تسهر على حراسة أمن وطنه، كما أنه ساهم فى تنشيط العداء لإسرائيل، وأنها هى العدو الطبيعى لمصر مهما كان هناك اتفاقيات سلام تربطها بدول المنطقة وفى مقدمتها مصر.

وليس من قبيل الصدفة أن يتحدث فى الفترة الماضية مسئولون مصريون عن أن إسرائيل لها علاقة مباشرة بالمشكلات الطائفية فى مصر، وكان آخر هؤلاء الدكتور مصطفى الفقى رئيس لجنة الشئون العربية بمجلس الشورى، الذى قال خلال اللقاء الذى عقدته جامعة عين شمس فى إطار فعاليات الموسم الثقافى للجامعة إن المشكلات الطائفية التى تحدث فى مصر يقف وراءها جهات خارجية تسعى إلى تفتيت وحدة الوطن، وأشار إلى أن رئيس الاستخبارات الإسرائيلية أكد أن إسرائيل وراء معظم تلك المشكلات الطائفية، وأضاف أن مصر فى حاجة ماسة فى الفترة الحالية إلى مزيد من الاستقرار الداخلى ومنع أية تدخلات أجنبية فى شئونها، فضلا عن ترابط قطبى الأمة مسلمين وأقباط.

كلام الفقى الذى استند فيه إلى ما ذكره رئيس جهاز الموساد الإسرائيلى، ينقلنا إلى ما قاله اللواء عاموس يادلين بالضبط حول هذا الموضوع: "لقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية فى أكثر من موقع، ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى، لتوليد بنية متصارعة متوترة دائما ومنقسمة إلى أكثر من شطر فى سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، لكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك فى معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى فى مصر".

هذا الكلام من يادلين، والذى استند إليه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، فى إحدى حلقاته مؤخراً على قناة الجزيرة، لشرح كيف وصل بنا الحال فى الصراع مع إسرائيل، كما استند عليه الدكتور مصطفى الفقى، لم يمر عليه وقت كبير حتى وقع حادث الإسكندرية، كما لم يمر عليه وقت كبير حتى تم الكشف عن شبكة التجسس لإسرائيل المتهم فيها طارق عبد الرازق، وإذا كان نشاط الشبكة هو جمع المعلومات من مصر لصالح إسرائيل، حتى تتعامل معها كمادة تقودها إلى كيفية التخريب داخل مصر، فإن حادث كنيسة القديسين فى الإسكندرية يصب فى نفس أهداف إسرائيل، وبالأدق هو هدف إسرائيلى خالص، فكيف جاء ذلك؟

منذ نحو شهرين تقريبا، وبعد تفجير كنيسة "سيدة النجاة " بمنطقة الكرادة فى بغداد بالعراق، والتى راح ضحيتها 52 قتيلا، وأعلن تنظيم دولة العراق الإسلامية مسئوليته عن التفجير، وبعدها أعلن تنظيم القاعدة عن تهديده لشن عمليات ضد الكنائس المصرية، إذا لم تفرج عما سمته بالأسيرتين وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة، لأنهما من وجهة نظر القاعدة والتيارات السلفية المتشددة فى مصر، مسلمتان وتحتجزهما الكنيسة، ورغم أن تهديدات القاعدة وجدت رفضا عاما فى مصر من المسيحيين والمسلمين فور إطلاقها، إلا أن خطرها لم يكن فقط من إطلاقها، ولكن فى أنها تصب فى مصلحة إسرائيل أولا وأخيرا، كما أنها تتفاعل مع ما ذكره رئيس الاستخبارات الإسرائيلية.

أعلنت القاعدة تهديدها، وبعدها بفترة قليلة جاء كلام رئيس جهاز الموساد الإسرائيلى عما يفعله الجهاز فى مصر، ثم جاءت ضربة الأجهزة الأمنية المصرية فى الكشف عن شبكة التجسس، وضمن الاعترافات التى تحدث بها طارق عبد الرازق وجود جاسوس آخر أطلق عليه اسم "الأستاذ" يعمل لصالح الموساد، وأنه يطلق لحيته ويجلس على كافتيريا فى جامعة الدول العربية، ويعمل فى أوساط الجماعات الإسلامية، وبالرغم مما ذكرته تقارير رسمية تنفى وجود هذه الشخصية، إلا أنه فى عموم التحقيقات يتبين مدى اهتمام الموساد بالمعلومات الخاصة بالتيارات الإسلامية وواقعها فى مصر، ومن الطبيعى أن هذه المعلومات لا يحصل عليها الموساد ليضعها على الرف، وإنما لتوظيفها لصالحه، بما يعنى توجيهها لصالح الفتن الطائفية.

بين تهديد القاعدة ومخططات الموساد وقعت العملية الإرهابية فى الإسكندرية، ولأن إسرائيل هى المستفيد الأول من الجريمة، من الطبيعى أن تتوجه إليها أصابع الاتهامات، وإذا لم تنفذها بشكل مباشر فإن ما تريده من أهداف، كما قلنا من قبل، وجد طريقه إلى التنفيذ حتى لو كان عبر آخرين، وتأتى أول الأهداف فى محاولة صرف أنظار الرأى العام عن قضية التجسس، وما تعنيه من استدعاء معانى الوطنية بالعداء لإسرائيل، وأن أهدافها فى تخريب مصر لم تتراجع عنه أبدا، وتستخدم فى ذلك كل الأساليب من تجسس وتحريض على الفتنة الطائفية وأشياء أخرى، ولأنها تريد أن تنفذ أهدافها دون أن يبدو أنها متورطة فيما تفعله بشكل مباشر، فليس من المستبعد أن تقوم بتهيئة الظرف لتنفيذ العمليات الإرهابية، كأن تبث مثلا تقارير عن مصر، يستفيد منها الطرف الذى يريد تنفيذ جريمته الإرهابية، وفى قائمة الأهداف التى تسعى إليها إسرائيل أيضا، سعيها الدائم لأن يكون أمام الرأى العام فى مصر عدو غيرها، ومن الطبيعى أن يكون هذا العدو هو الذى ينفذ الإرهاب ويعمل من أجله، ولذلك فإن إسرائيل هى الطرف الذى جنى الحصاد الأكبر من جريمة كنيسة القديسين.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة