شهدت الفقرة الإعلامية التى خصصها الإعلامى معتز الدمرداش فى برنامجه 90 دقيقة مساء أمس للحديث عن المجتمع المصرى بصفة عامة ووسائل الإعلام بصفة خاصة وكيفية مواجهته لتفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية، جدلاً كبيرًا بين المتحدثين.
استضاف الدمرداش فى الحلقة كل من آمال عثمان رئيس تحرير جريدة أخبار النجوم، وخالد صلاح رئيس تحرير جريدة اليوم السابع، والإعلامى يسرى فوده، وخالد إمام رئيس تحرير جريدة المساء.
أوضحت الإعلامية آمال عثمان أن الإعلام كان يقوم بتغطية حالة من الاحتقان فى المقام الأول، وجريمة إرهابية كان لا بد من تناولها من كافة جوانبها وعدم وضع رؤوسنا فى الرمال، مؤكدةً أن المجتمع المصرى بكل طبقاته وهيئاته المؤسسية مشارك فيما وصلنا إليه، مشيرة إلى أن الجميع كان يعلم إلى أى طريق نسير، بدءًا من ازدياد عدد البرامج الدينية وما يقوله المشايخ يوم الجمعة طبعت الشعب المصرى بصبغة إسلامية ظاهرية سطحية فقط، بالإضافة إلى تحول مدارسنا إلى بؤرة متطرفة تخرج لنا كل يوم أطفالا أكثر تطرفًا عن اليوم الذى يسبقه.
من ناحية أخرى، قال الإعلامى يسرى فودة "لا أعتقد أنه يجب علينا أن نناقش قضية كبرى، ملامحها غير محددة حتى الآن قبل مناقشة الحادثة التى وقعت بالفعل، مضيفًا "عايز أعرف إيه اللى حصل الأول وأكون معلومات".
واستكمل فودة "لم يكن من المتوقع أن يكون الإعلام حياديًّا فى مثل هذه القضية، فالسمة الغالبة على وسائل الإعلام المختلفة سواء الخاصة أو المملوكة للدولة كانت تؤكد على المسئولية الاجتماعية".
وأوضح فودة "الحيادية أثرت على المهنية الصحفية، فلو أتينا بمكيالين لنعرف حجم المعلومات التى حصلنا عليها خلال الأيام الماضية لنقارنها بالمشاعر والعواطف، سنجد أن العواطف غلبت المهنية إلى حد بعيد جدًا"، مؤكدًا "فلن نستطيع أن نحلم باتخاذ قرار صحيح إن لم يكن لدينا قدر من المعلومات فى البداية، والدليل على ذلك أننى حتى الآن لا يمكننى أن أضع يدى على معلومة واحدة".
وقال فودة "لا يمكننى أن أفهم وجه الاختلاف فى عناوين صحف المصرى اليوم والشروق والأهرام، فالأولى قالت بأن المنفذ ارتدى حزاما ناسفا، والثانية قالت سيارة مفخخة، والثالثة أوضحت أن المنفذ جاء مترجلاً يحمل حقيبة بها متفجرات، بالرغم من أن الثلاثة نقلوا عن مصادر من وزارة الداخلية"، مضيفًا "كنت أتوقع أن يكون لدينا عنوان واحد وهو المصدر الوحيد للمعلومات، ولم أكن أتمنى أن نسمع كلمة ترجيحات واحتمالات آراء، وكان يجب عقد مؤتمر صحفى لو أراد جهاز الأمن أن يوصل معلومات ما إلى الجمهور والإعلام.
وتابع فودة "الجريدة الوحيدة التى قدمت شيئا ما أقرب إلى المعلومة هى صحيفة المصرى اليوم عندما أعدت تقريرا أرشيفيا حول عدد الحوادث التى وقعت خلال أربعة عشر عامًا وما تم فيها".
ومن جانبه، لم يتفق الكاتب خالد صلاح رئيس تحرير جريدة اليوم السابع مع يسرى فودة، وأوضح "برأيى أن يسرى حرق مرحلة، وهى أننا أمام وطن يتعرض لهجمة قد لا تحتاج إلى حيادية وموضوعية، ولسنا بصدد معرفة تفاصيل منفذ الحادث من حيث أكان يرتدى بنطالا أحمر أم أصفر، هل هو أفغانى أم إيراني؟، كان تنظيما من الإسكندرية أو البحيرة؟، فالمرحلة التى نحن إزاءها هى أننا أمام وطن يتعرض لمحاولات للتشتيت سواء من الداخل أو الخارج".
وأضاف صلاح "برأيى أن الإعلام المصرى بوسائله المختلفة تعامل بحيادية فى تناوله لهذه القضية الحرجة، وأتصور أن "اليوم السابع" كانت جزءًا من هذه المسيرة فى محاولة الحفاظ على وحدة الوطن، وألا يصنف هذا الحدث على أنه فعل من مسلمين ضد أقباط، وأنه فعل ضد مصر وضد أمنها وضد المسلمين والأقباط معًا".
وأوضح رئيس تحرير "اليوم السابع" أن المعلومات الحقيقية حول الحاث لن تظهر إلا بعد انتهاء التحقيقات، لأنه من المتوقع أن يسرب جهاز الأمن بعض المعلومات التى من شأنها أن تشوش على منفذى ومرتكبى الحادث، ومن هنا فلا يمكن لأى مؤسسة صحفية ألا تتعامل مع المعلومة وتأخذها من المصدر الأمني، وهذه المعلومات على طبيعة اختلافها فى الصحف لا يجب أن تؤثر فى الرسالة الأساسية للإعلام وهى المحافظة على وحدة مصر، وأن يتم الحفاظ والاحترام فى التعامل مع مظاهر الأقباط.
وأكد صلاح "لا توجد جريدة واحدة أكدت مصداقية المعلومات، ولكنها رجحت خطوطا موازية للتحقيقات، فالأمن لن يعطى لأحد المعلومة الحقيقية لديه إلا بعدما ينتهى من تحقيقات، فنحن فى حالة حرب"، فعلق فودة "أنا أؤمن أن المعلومة هى التى ستؤدى إلى تماسك المجتمع وليس الإعلام الموجه".
ومن جانبه أبدى خالد إمام رئيس تحرير جريدة المساء اتفاقه مع ما قاله رئيس تحرير اليوم السابع، مضفيًا "قمنا بواجبنا بلا توجيه، لإحساسنا بأن البلد فى خطر، وهذا الخطر وضعنا فيه، وكان لبعض الصحف دور فيه حينما شاركت فى شحن الاحتقان من قبل هذه الواقعة، والواقع الحالى هو أننا أمام أولويات، وأن الأقباط مشحونون، وغاضبون فى يوم عيدهم، ولا بد من توضيح أن هذه الضربة موجهة للأقباط بهدف إحداث فتنة، وليقال بأن المسلمين هم من فعلوا التفجيرات".
وأضافت آمال "كان لا بد من احتواء جراحنا قبل أى شىء، وأن نمتص الغضب، وخاصة أن مثل هذه الأحداث دائمًا ما تتكرر، والأقباط وصلوا لحالة من الغضب، وسبق وأن طالبنا بإلغاء خانة الديانة من البطاقة وعدم وجود أى مجال للتمييز بين المسلمين والمسيحيين".
وقال فودة فى اعتقادى أنه لن ينبنى أى قرار صحيح إلا بتوافر معلومات صحيحة، ومع شديد احترامى وتقديرى للظروف التى نمر بها، إلا أننى لا أريد لذلك الحس أن يطغى على العقل، ولا على السعى إلى الوصول للمعلومة الدقيقة والتى يمكن أن أبنى عليها، فيما بعد، قرارا صحيحا.
وانتقد فودة عددًا من العناوين الرئيسية للصحف المصرية المستقلة والقومية، مضيفًا "ما قرأته فى الصحف خلال الأيام الماضية مجرد ولولة".
وقال صلاح، لا شك أننا نقدر الانحياز للمعلومات، ولكننا الآن أمام عدو، أيًّا كان، فكلنا ضده، ولكن الإجماع الشديد من الصحف المستقلة والقومية دليل على أننا أمام ضربة يجب أن نتحد فيها، فدور الإعلام لا يقتصر فقط على تقديم معلومة بقدر ما يتحتم عليه أن يعمل على ضبط حالة الشارع.
وأضاف فودة "كنت أتمنى أن يقوم رئيس تحرير جريدة بتكليف أحد المحررين لديه بعمل تحقيق عن عدد محلات بيع المسامير فى الإسكندرية، وعدد الورش التى تبيع الرومان بلى".
فسأل صلاح "مين قال إن القنبلة صنعت من المسامير، ومين قال إنها صنعت فى الإسكندرية؟".
وحول مطالب العديد للحكومة المصرية بتفعيل نظام المواطنة، أكد صلاح أن هذه الحادثة البشعة لأول مرة تضع الشعب المصرى على قلب رجل واحد بشكل غير مسبوق لحوادث تعرضت لها الكنائس المصرية، فالإحساس العام فى مصر حاليًا أقوى بكثير مما كان عليه الوضع فى حادثة نجع حمادى مثلاً، وذلك لأن الكثير لم ير ما حدث مثلما شاهدنا هذه الكارثة.
وتابع صلاح "نحن أمام خطر حقيقي، وهو أن عجلة التعصب والتطرف الدينى لا تزال تدور بقسوة يومًا عن يوم دون أن نلتفت إليها".
وأوضح صلاح "عندما صدر العدد الأسبوعى لـ"اليوم السابع"، وقلنا بأن العدو فى الداخل وليس الموساد، فالقصد هو أن من خطط استخدم عناصر محلية لتنفيذ هذه الجريمة الوقحة، وهذه هى القضية الحقيقة كيفية تأمين الجبهة الداخلية من أن تستثمر بهذه الطريقة الدنيئة، فلا بد من استثمار كل الحالة الروحية هذه المرة فى مواجهة مشاكلنا، ولا بد من طرح قانون دور العبادة الموحد، والمواطنة، فلا بد من استثمار هذا الزخم ومناقشة كافة القضايا".
من جانبه، عاد فوده وطالب المتحدثين فى الفقرة بتحديد أسماء أعداء مصر، موضحًا أن الإعلام يرتفع فى بعض الأحيان أثناء حديثه وكأنه يتحدث بلسان الدولة، فرد عليه رئيس تحرير جريدة اليوم السابع، مؤكدًا أن أعداء مصر هم "الذين قتلوا الأقباط فى الإسكندرية هم الذين قتلوا المصريين فى مقهى وادى النيل قبل سنوات، والذين قتلوا الأقباط فى الإسكندرية هم الذين فجروا سيارات مفخخة أمام البنوك قبل سنوات، وهم الذين قتلوا السائحين والمصريين فى الأزهر وفى الأقصر قبل سنوات، فنحن أمام منظومة واحدة من العنف وهذه المنظومة تتجدد، بصرف النظر عمن يدعم فى الخارج، فنحن لدينا مرض داخلى وهو شيوع مناخ من الفكر المتطرف والذى لا يزال كامنًا تحت وجه هذا المجتمع".
فأضاف فودة "برأيى الشخصى أن إسرائيل لا يهما أن تعبث بالأجواء الداخلية لمصر"، فرد صلاح "ازاى واحنا لسه ماسكين جاسوس من كام يوم؟"، فأوضح فودة "هو بيحب يراقبك فقط لكن وضعك الحالى دلوقتى بالنسبة له كويس جدًا".
واستكمل فودة وبرأيى السياسى، فأنا أقرب إلى تحليل خالد صلاح، ولكن من وجهة نظرى أن التغطية الإعلامية لمثل هذا الحادث كان يجب أن تتم على مستويين، أولهما التكتيكى ومعرفة الفاعل، والاستراتجى كما يقول الزملاء".
وختمت آمال عثمان حديثها بالمطالبة بمعالجة الشعب المصرى من التعصب والتطرف الدينى الذى جعل الشعب تربة صالحة للإرهاب ويحتاج علاج من الجذور.
جدل إعلامى حول التغطية الإعلامية لتفجيرات الإسكندرية
الأربعاء، 05 يناير 2011 06:41 م
الإعلامى معتز الدمرداش
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة