ناشد عدد كبير من السياسيين والخبراء فى شئون الأمن والإعلاميين الشعب المصرى بتلقيه جميعاً عزاء ضحايا حادث كنيسة الإسكندرية، وليس أسر الضحايا فقط، أو فئة بعينها، داعيا المواطنين إلى التلاحم والتوحد، ووصفوا الحادث بالكارثة مرجعين أسبابه إلى ضعف الإرادة السياسية، مشددين على أن حرب المناورات تتطلب أن يكون المجتمع ديمقراطياً.
وحذر العميد صفوت الزيات الخبير العسكرى، خلال الندوة التى عقدها حزب الوسط مساء أمس، الاثنين، بعنوان "الأمن القومى والجاسوسية"، من خطر تنظيم القاعدة واستهدافه مصر للقيام بعمليات تخريبية داخل الحدود المصرية، قائلا: "بالنسبة لحادث كنيسة القديسين، فإن القاعدة ما زالت موجودة وتريد أن تقول للعالم كله أنا هنا"، موضحا أن المستهدف ليس المسيحيين، متهما عناصر خارجية بالتخطيط للحادث.
وأضاف الزيات، أن حادث الإسكندرية، قد تتعرض مصر لمثل هذه الحوادث فى ظل استمرار الأزمات الداخلية وما وصفه بالاختراقات الأمنية، مشدداً على أن المنطقة تواجه الآن ما أسماه، حرب مجانين عبروا الأطلنطى، مشيرا إلى أن المسألة ليست مسألة الإرهاب، ومصر لابد أن يكون لها وقفة جادة لمواجهة هذا الخطر، باستخدام إستراتجية سياسية وعسكرية تساير التطور، قائلا: "حدود القوة هى نهاية الإستراتجية الأمريكية".
ووصفت الندوة التى حضرها عدد كبير من السياسيين والإعلاميين والخبراء الإستراتيجيين تفجيرات كنيسة القديسين بالكارثة، وأرجع الحضور الحادث إلى ضعف الإرادة السياسية، وعدم قدرة الحكومة على الدفاع عن وحدة وتماسك المجتمع، وعدم استيعاب الدولة لمقومات وتحديات الأمن القومى، ضاربة المثل بتمرد دول حوض النيل على مصر، بجانب ومحاولات إسرائيل وأمريكا لاحتراق وحدة الصف السودانى، وإحداث الانقسام بين شماله وجنوبه، متهمة الحكومة المصرية بأنها تتعامل فى ملف الوحدة الوطنية بساسة "إطفاء الحرائق".
وأوضح الزيات أن القاعدة تنظيم قائم على الاحتقان الموجود فى العالم العربى والإسلامى، ولا تريد أن تغادر أمريكا من أفغانستان والشرق، أو أن تتوقف إسرائيل عن عمليات التدمير، لأنها أيضا تبنى وجودها على ذلك.
وذكر أن أمريكا وإسرائيل يعملان وفق خطة إستراتجية، يسعون لتحقيقها عن طريق حرب المعلومات والفضاء الإلكترونى والأقمار الصناعية، إلى جانب عمليات التدمير والاعتداءات وإحداث الانقسامات بين البلدان العربية والإسلامية، مما أوجد أساليب سهلة وميسرة للتجسس وفبركة الوثائق، قائلا: "الرئيس الأمريكى باراك أوباما نفذ فى سنة واحدة هجمات أكثر مما فعله الرئيس السابق بوش فى ثلاث سنوات"، مشيراً إلى أن هناك تحديات تواجه الأمن القومى المصرى، وأهمها البرنامج النووى والتفوق العسكرى لإسرائيل، والذى يشكل خطراً كبيراً على مصر والدول العربية.
ومن جانبه، طالب أبو العلا ماضى، وكيل مؤسسى حزب الوسط، بضرورة مواجهة العنف والتعصب والأزمات الداخلية أولا للقضاء على جذور الإرهاب، مشيرا إلى أن هذا الخطوة الأولى قبل النظر لمواجهة الخطر الخارجى، حتى لا تعطى مصر الفرصة والمجال لزعزعة وتهديد استقرار الوطن، مضيفا أن هناك محاولات كثيرة لاختراق مصر خاصة فى المجالات الثقافية والفكرية والمعلومات.
فيما دعا الإعلامى حسين عبد الغنى، مدير مكتب الجزيرة السابق بالقاهرة، إلى ضرورة دراسة الأوضاع والأحداث جيدا ومنها، عمليات التجسس، والأحداث الإرهابية مثل حادث الإسكندرية، والبحث عن مخرج فى ضوء حرب المعلومات الهائلة فى العصر الحالى، معبراً عن قلقه بسبب عدم قدرة مصر على منافسة أمريكا وإسرائيل فى التطور العسكرى والتكنولوجى والتقنى.
وذكرت د. منار الشوربجى، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بالجامعة الأمريكية، أن الخطر الأكبر والتهديد من إسرائيل التى استطاعت أن تخترق الحدود المصرية، وذلك فى صورة شاب مصرى يتجسس لصالحهم ضد مصر، مضيفة أن هناك أزمة فى موقف دول حوض النيل وما سيجرى من انفصال فى السودان، وكل هذا يتضح فيه أثر الأصابع الإسرائيلية، مطالبة بإعادة الروح المصرية كما كانت، خاصة فى وقت ظهر فيه أن هناك حالة مما أسمتها الغيبوبة لدى القوى السياسية التى كانت تتخندق وراء كثير من المواقف.
واختتم الحضور بالتأكيد على أنه خلال السنوات العشر الأخيرة حدث فى مصر ارتباك فيما يعرف بعقيدة الأمن القومى، وعدم قدرتها على ترتيب الأولويات بين تحديات التى تهدد الأمن القومى لمصر، معتبرين أن الملف النووى الإسرائيلى أخطر هذه التحديات، ويليه الملف النووى الإيرانى، وتنظيم القاعدة وحزب الله، ودعوا إلى وجود صحوة سياسية وثقافية لمواجهة ذلك الخطر وحرب المعلومات، وعدم إلقاء المسئولية كلها على الحكومات، باعتبار أن الشعب مسئول أيضا، وإلغاء فكرة وجود احتمالين عند حدوث الأزمات، معتبرين أن الخطر الخارجى مهما توافرت له القوة فإن لها حدوداً.
سياسيون وإعلاميون يطالبون الشعب المصرى بتلقى العزاء فى ضحايا الإسكندرية
الثلاثاء، 04 يناير 2011 03:27 م