المشهد الأول: لم أتوقع أن أرى حالة الضجر والحزن والبكاء والنحيب التى خرجت من زميلتى المنتقبة أثناء متابعتها أحداث كنيسة القديسين بالإسكندرية.. ولم أسمع طيلة زمالتنا أنها علقت على أى أحداث سياسية أو غيرها.. فهى تكتف دوماً بالانضباط فى عملها ومتابعته جيداً وأداء الصلوات التى يأتى توقيتها أثناء العمل.. ولكنها هذه المرة انفعلت مثل القطة الشرسة وقال بصوت مسموع هذا إهمال حكومى جسيم وترهل غير طبيعى وعدم مراعاة مشاعر الشعب القبطى.. فماذا أفعل الآن؟.. وماذا يحدث إذا تعرضنا لمثل هذه الهجمة الوحشية أثناء أدائنا صلاة الجمعة أو فى صلاة الأعياد التى ترى تجمعات إسلامية كبرى.. هل نصلى فى منازلنا ونترك المساجد خشية أعمال وحشية مماثلة، وظلت زميلتى المنتقبة تواصل كلماتها الغاضبة وتقول: ما ذنب أسر وعائلات هؤلاء الذين لاقوا حتفهم أثناء تأدية فرائضهم؟.. ماذا يستفيدون من تلك التعويضات المالية التى قررتها الحكومة؟.. أشعر بالمهانة لما حدث ليس للأبرياء الذين أصابهم الذعر من الناجين فى هذه المذبحة، ولكن لأن الجانى يريد أن يلقى التهمة البشعة على الإسلام والمسلمين وهو الهدف الأول من هذه التفجيرات.
المشهد الثاني: كعادته ركب سيارته الفارهة متجهاً إلى مدينة الإسماعيلية ليلتقى مع بعض أصدقائه والذين يرتبط معهم بأعمال تجارية، وأثناء سيره فى مدينة العبور، حيث مسكنه، اكتشف أن مخزونه من البنزين لن يتحمل هذا المشوار.. فوجد فرصته لكى يأخذ احتياجاته من البنزين فى محطة فى مدينة العاشر من رمضان.. وسلم صديقه مفتاح سيارته إلى عامل المحطة وترك رأسه على كرسى السيارة وسرح فيما حدث فى أحداث كنيسة القديسين ولا يرى تحليلاً أو تبريراً يرضى عقله أو يهدأ قلبه أو يشعره أنه وأسرته المسيحية تستطيع أن تستكمل حياتها فى مصر بعدما زاد الاحتقان والشحن الطائفى لهذه الدرجة وأثناء حالة الشرود والسرحان انتبه فجأة على صوت عال جهورى يزلزل محطة البنزين ويصرخ ويقول منهم لله.. إللى عايزين يدمروا البلد.. هيروحوا من ربنا فين.. إزاى يستبيحوا دم إخواننا المسيحيين.. يا جماعة دول ناس كانت بتصلى.. هو فيه كفر أكثر من كده.. فاقترب صديقى المسيحى وهمس فى أذن صاحب ثورة الرفض ضد حادث الكنيسة، وقال له: ما اسمك.. فرد محمود وأعمل سائق على هذا التاكسى.. فعاد صديقى المسيحى مختالا وركب سيارته وطرد الهواجس التى أرادت أن تسيطر عليه وتقدم له أن البديل هو الهجرة والسفر وترك وطنه مصر.. وقال مبتسماً لو عرفت أن هذا السائق مسيحياً لما شعرت بالسعادة، ولكنى أن أرى مواطناً مصرياً مسلماً بسيطاً يتعاطف بهذا الشكل التلقائى هو ما أكد لى أن مصر ستظل شعباً محافظاً لا يعرف التطرف لأننى بصراحة متناهية لا أثق فى هؤلاء المسئولين والحكوميين الذين يخرجون فى كل أزمة يصدعون رؤوسنا بالتصريحات الكاذبة التى لا يصدقها مسيحى ولا مسلم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة