لم تمنع التصريحات الأثيوبية النارية ضد مصر من مواصلة القاهرة لتسيير القوافل الطبية لأثيوبيا، فالصندوق المصرى لدعم التعاون الفنى مع إفريقيا،بدا للاستعداد لإرسال قافلة لجراحات المناظير إلى أثيوبيا نهاية يناير الجارى، مع إنشاء المركز المصرى للمناظير فى أحد المستشفيات الأثيوبية، بتكلفة مليون جنيه، ويديره أطباء أثيوبيون تم تدريبهم فى مصر.
هذه القافلة جاءت فى الوقت الذى يستعد فيه الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، لرئاسة وفد مصر فى قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقى يومى الأحد والاثنين المقبلين، وقبله سيرأس أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، وفد مصر فى الاجتماع الوزارى للقمة.
هذه الزيارة وإن كانت مرتبطة بالمشاركة فى قمة أعمال الدورة السادسة عشرة لقمة الاتحاد الأفريقى، إلا أنها لا تبعد كثيرا عن العلاقات المصرية الأثيوبية، التى شهدت سريان مياه عديدة، لكنها فى الغالب مياه سارت عكس اتجاه سريان نهر النيل، بعد أن صعد المسئولون الأثيوبيون من لهجتهم الاتهامية ضد مصر على خلفية مسودة الاتفاق الإطارى لحوض النيل الذى وقعته أثيوبيا وأربع دول أخرى من حوض النيل " أوغندا وكينيا ورواندا وتنزانيا " فى 14 مايو الماضى فى مدينة عنتيبى الأوغندية، لكنه أصبح عديم المفعول بعدما رفضته دول المصب "مصر والسودان"، وكذلك دولتان من دول المنبع "بوروندى والكونغو الديمقراطية"، وهو ما أثار احتقان المسئولين الأثيوبيين الذين بدأوا فى توزيع الاتهامات يمينا ويسارا دون دليل ضد مصر، فمرة يتهمون القاهرة بدعم متمردين أثيوبيين، وأخرى يقولون إن القاهرة تستعد لحرب بسبب مياه النيل.
الزيارة التى سيبدأها نظيف وأبو الغيط لأديس أبابا للمشاركة فى القمة الأفريقية تأتى بعد أيام قليلة من التصريحات التى قال فيها هيلامريام دسالنى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأثيوبى إنه يتعين على مصر " أن تخرج من منطقة الراحة (الحياة التى اعتادت عليها) وأن تفكر بطريقة مختلفة، فى التعامل مع مياه نهر النيل، مؤكدا أن كلا من جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندى سيوقعان قريبا على اتفاقية الإطار المؤسسى والقانونى لمبادرة حوض النيل مما يمهد الطريق أمام التصديق على الاتفاقية التى تجرد مصر من حقوقها- وفق الاتفاقيات السارية حاليا- فى الحفاظ على تدفق مياه أطول نهر فى العالم دون أن تمس، واعتبر الوزير الأثيوبى فى تصريحاته أن الصراع العسكرى على النهر سيكون كارثيا لكل الأطراف وهو غير مرجح تماما.
وقال " لا يمكن أن تمتد يد أثيوبيا بسوء لمصر لأن الترابط بين البلدين كبير جدا. وليس بوسع أحد البلدين أن يسبب متاعب للآخر إذا أردنا أن نزدهر".
هذه التصريحات تشير إلى التوتر الذى يريده الإثيوبيين للعلاقات مع مصر ، وكان واضحا أن هذا التوتر يأتى من الجانب الاثيوبى وهو ما أثار دهشة المسئولين المصريين وعلى رأسهم الرئيس حسنى مبارك الذى أبدى اندهاشه من التصريحات التى أشار فيها رئيس الوزراء الأثيوبى ميليس زيناوى إلى دعم مصر للمتمردين فى بلاده، وشدد الرئيس مبارك على أن مصر لا يمكن أن تقوم بذلك مع أى دولة سواء عربية أو أفريقية ، وقال " هذه أول مرة أسمع أننا نساند أى قوة فى أى بلد وليس فى أثيوبيا، وأثيوبيا تربطنا بها علاقات طيبة جدا، وأنا استغربت من هذا التصريح ولكن لا يمكن أن نفعل هذا العمل مع أى دولة عربية أو أفريقية ولا نتعامل بهذا الأسلوب".
الدهشة أيضا كانت هى العنوان الذى حمله بيان لوزارة الخارجية قال فيه السفير حسام زكى، المتحدث الرسمى باسم الوزارة، "إن ما يثير الدهشة والاستغراب هو حديث رئيس الوزراء الأثيوبى عن مواجهات عسكرية بين البلدين بشأن مياه النيل "، مؤكدا تمسك مصر بمواقفها القانونية والسياسية الثابتة فى موضوع مياه النيل، مشددا على أنها اتبعت نهج الحوار ومحاولة الإقناع والتفاهم مع أثيوبيا على مدار سنوات، بهدف التوصل إلى التوافق المطلوب، لتحقيق تقدم فى الاستفادة الجماعية والمتوازنة من مياه النهر، وقال "إنه كان من المؤسف أن تسرع بعض الدول ـ وفى مقدمتها إثيوبياـ إلى استباق نتائج الحوار من خلال التوقيع على مسودة الاتفاق الإطارى غير المكتمل قبل التوصل إلى التوافق المنشود.. وتابع زكى بقوله: "إنه من الممكن وفى ضوء التطورات الأخيرة تفهم الإحباط الذى يستشعره الجانب الأثيوبى تجاه الصعوبات، التى تواجه مبادرة حوض النيل ومسودة الاتفاق الإطارى".
بعيدا عن العلاقات المصرية الأثيوبية، فإن الشق الأساسى لزيارة الوفد المصرى متعلق بقمة الاتحاد الأفريقى التى ستعقد هذا العام تحت عنوان " نحو مزيد من الوحدة والتكامل من خلال القيم المشتركة" والتى ستعقد على هامشها العديد من الفعاليات والاجتماعات الهامة مثل القمة الرابعة والعشرين للجنة تنفيذ النيباد والتى تحظى باهتمام مصرى ومشاركة فعالة كون مصر إحدى الدول الخمس المؤسسة للنيباد، وكذلك انعقاد القمة الرابعة عشرة لرؤساء الآلية الأفريقية لمراجعة النظراء وقمة لواء إقليم شرق أفريقيا للقوة الأفريقية الجاهزة والأول الأفريقيات، لإضافة إلى اللجنة الوزارية لإعادة إعمار السودان.
السفيرة منى عمر، مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية، أشارت إلى أن القمة ستناقش عددا من البنود المقترحة من جانب الدول الأعضاء، من أهمها المقترح المصرى لإنشاء مركز تابع للاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، وذلك فى إطار الدور المصرى الداعم للدول الأفريقية وفى إطار تعزيز منظومة السلم والأمن الأفريقية، خاصة فيما يتعلق بعمليات بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية بالدول الخارجة من نزاعات، ومعالجة جذور النزاعات والحد من انزلاقها مجددا فى دائرة العنف ووضعها على طريق الاستقرار والتنمية المستدامة.
بالقوافل الطبية والزيارات الرسمية
مصر تمتص الإحباط الأثيوبى من فشل اتفاق "عنتيبى"
الخميس، 27 يناير 2011 07:57 ص
الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة