قصة 25 يوماً من التحقيقات الأمنية منذ تفجير رأس السنة إلى الإعلان عن المتهمين فى عيد الشرطة

الخميس، 27 يناير 2011 11:04 م
قصة 25 يوماً من التحقيقات الأمنية منذ تفجير رأس السنة إلى الإعلان عن المتهمين فى عيد الشرطة الصورة التخيلية التى نشرت للجانى
سحر طلعت - محمود المملوك - عبدالحليم سالم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ المسؤول الأول تلقى التعليمات والأوامر أثناء عملية جراحية فى أذنه.. والمتهم خطط ودبّر لكنه جند آخرين للتنفيذ وتمكنوا من الهرب خارج البلاد
25 يوماً كانت فارقة وحاسمة فى تاريخ اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية، بل فى تاريخ الوزارة كلها، ليس باعتباره عيداً للشرطة فقط، لكن بعد أن وجد الوزير نفسه، ومعه الوزارة، أمام تفجير هزّ أركان الوطن كله، وتمثل فى تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية، والذى راح ضحيته 24 قتيلاً، وأكثر من 90 مصاباً ليلة رأس السنة.

ربما لم تكن صدفة أن تنظيم «جيش الإسلام» الفلسطينى هو الجهة التى تقف وراء التفجير، حسبما أعلن اللواء حبيب العادلى فى كلمته خلال عيد الشرطة، وذلك لأنه هو الجهة نفسها التى تقف وراء تفجير «الحسين» وسط القاهرة، كما ذكرت وزارة الداخلية فى بيان سابق لها حول الحادث.

وفجّر بيان وزارة الداخلية مفاجآت من العيار الثقيل، أولها أن أحمد لطفى إبراهيم محمد، المسؤول عن إعداد العملية، هو الذى تم القبض عليه، لكن المنفذين الحقيقيين لم يتم التعرف عليهم حتى الآن، ولم يتم الكشف عن هويتهم، بسبب ترجيح هروبهم ومغادرتهم البلاد إلى غزة عن طريق الأنفاق بعد ارتكاب الواقعة.

وغادر المتهم البلاد لإجراء عملية جراحية فى أذنه، ويرجح أنه تلقى التعليمات والأوامر خلال تلك الفترة فى أحد الأماكن خارج البلاد، وخلال استمرار تواصله مع التنظيم، تم إبلاغه خلال ديسمبر الماضى بأنه تم بالفعل الدفع بعناصر لتنفيذ العملية، وأنه تلقى من مسؤول تنظيم «جيش الإسلام» الفلسطينى تهنئة بإتمام العملية، وتقديرهم لدوره فى الإعداد لتنفيذها.

ثانى المفاجآت تمثلت فى أن المتهم تبنى عقيدة الجهاد، وأفكار تنظيم القاعدة «إلكترونياً»، كما أنه اقترح استخدام الأسلوب الانتحارى لتنفيذ تلك العملية، وأنه فى سبيل التخطيط لذلك استعان بأحد العناصر المصرية المرتبطة بالتنظيم الذى تتم متابعته لارتباط نشاطه بإحدى البؤر الجهادية التى تم ضبط عناصرها، ويجرى فحص أبعاد نشاطها.

وتمثل ثالث المفاجآت فى أن نفس الأسلوب الذى تم به حادث القديسين هو الذى حدث فى تفجير الحسين، ونفس الطريقة التى تم بها التخطيط للعملية، فالمسؤول عن الحادث سبق له التردد على قطاع غزة عام 2008 متسللاً، وخلال تواجده بقطاع غزة تواصل مع عناصر تنظيم «جيش الإسلام» الفلسطينى، وتم إقناعه بأن استهداف دور عبادة المسيحيين واليهود يُعد ضمن فرضية الجهاد، وعقب عودته للبلاد استمر تواصله إلكترونياً مع عناصر التنظيم، وتم تكليفه خلال عام 2010 برصد بعض دور العبادة المسيحية واليهودية، تمهيداً لتنفيذ عمليات إرهابية ضدها.

أما رابع مفاجأة، فهى أن مصر عرفت أولى عمليات «جيش الإسلام» الفلسطينى بـ«الوكالة» فى حادث تفجير ساحة المشهد الحسينى، وسط القاهرة، فى فبراير 2009، وأثار البيان الذى أعلنته الداخلية وقتها، شكوك الخبراء بالنظر إلى أنه أشار للمرة الأولى إلى وجود نشاط لتنظيم «القاعدة» فى مصر.

وكما توقعت «اليوم السابع» على موقعها الإلكترونى السبت الماضى، عندما نشر الزميل عبدالفتاح عبدالمنعم أن وزارة الداخلية ستعلن عن مرتكبى حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية فى عيد الشرطة، فقد أعلن وزير الداخلية صباح أمس الأول أثناء كلمته أمام الرئيس مبارك نجاح الأجهزة الأمنية فى تحديد التنظيم الذى قام بتفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية فى اليوم الأول من يناير.

وطبقا لتصريحات العادلى فإن منفذى الجريمة تابعون لـ«جيش الإسلام» المرتبط بتنظيم القاعدة، والذى يقف وراء حادث كنيسة القديسين، وهو ما أشارت إليه «اليوم السابع»، وأن هناك رابطا فكريا بين المنفذين والقاعدة، أما الارتباط التنظيمى فإن «جيش الإسلام» لا يرتبط بتنظيم بن لادن.

وبعيدا عن موعد إعلان منفذى جريمة الكنيسة، فإن رحلة التوصل إليهم استمرت 25 يوما، بدأت فى أغلبها غامضة من جانب الأجهزة الأمنية، وربما يعود ذلك للتمويه حتى لا يفلت الجناة، وهو ما جعل الأجهزة الأمنية تتساهل كثيرا فى نشر تقارير صحفية حول هوية المتهمين، ومن أشهر القصص هى رأس منفذ العملية، والتى تردد كثيرا أنها رأس لشخص باكستانى أو أفغانى، والحقيقية أن الأمن نجح فى فرض سرية كاملة على عملية البحث والتحرى، حتى أنه سرّب أخبارا عن تشكك تلك الأجهزة فى أن منفذى العملية من التيار السلفى بالإسكندرية، وبالفعل تم استجواب العشرات من أعضاء وقيادات هذا التيار، وطبقا للتسريبات الأمنية فإن الأجهزة لم تجد ما يدين أى عضو فى هذا التيار.

وفى الجانب الآخر كانت الأجهزة الأمنية تجمع معلومات عبر مصادرها السرية عن أسماء كل من دخل البلاد عبر حدود مصر، وبصفة خاصة الحدود بين مصر وقطاع غزة، سواء عبر المنافذ الرسمية أو الأنفاق السرية، مستعينة ببعض التقارير الأمنية من الجانب الفلسطينى والإسرائيلى، وهو ما سهّل مهمة الأجهزة الأمنية التى كانت قد رصدت بالفعل أسماء عدد من المتسللين قبل الحادث بـ24 ساعة، وذلك من خلال عدد من المهربين المصريين والفلسطينيين الذين تم القبض عليهم، ونجحوا بالفعل فى تحديد اسم المتهم أحمد لطفى إبراهيم الذى ذكره بيان وزارة الداخلية، والذى نجح فى الهروب من خلال عصابات تهريب يقال إنها فلسطينية تابعة لتنظيم «جيش الإسلام» قبل ساعات قليلة من تتبع الأمن المصرى له، وهو ما جعل البعض يربط بين إطلاق النار على الحدود المصرية والمطاردة الأمنية لمنفذى الجريمة.

الأجهزة الأمنية لم تنس مراقبة كل مواقع التيارات الإسلامية التى بثت أخبار الحادث، وحللت من خلال قياداتها المتخصصة، وربطت بين التنظيم المنفذ وبعض المواقع. وبالرغم من عدم صدور إعلان واضح عن مسؤولية أى تنظيم خارجى بما فيها القاعدة، فإن الأجهزة الأمنية وضعت أمامها هدفا حقيقيا، هو أن إعلان مسؤولية أى تنظيم فى بدايات الحادث ربما يؤدى إلى القبض على عدد من أعضائه فى الداخل، والذين يشكّلون خلايا نائمة لعدد من التنظيمات الإرهابية، سواء القاعدة أو «جيش الإسلام»، وهو ما حدث عقب حادث الحسين الذى لم يخرج أى تنظيم ليعلن مسؤوليته عنه.

إذن، التحرك الأمنى اعتمد على سيناريو التحرك الشامل، ورفض فكرة التحرك الأحادى، وهو ما حقق النجاح فى هذه الفترة القليلة، وسرعة تحديد الجناة فى حادث الكنيسة بالإسكندرية. وفى السياق نفسه أرسلت وزارة الداخلية ملف تحرياتها الأمنية إلى النائب العام، تمهيداً لإحالته لنيابة أمن الدولة العليا طوارئ للتحقيق فيه.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة