هذه قصة توجع القلب!
أب يحتضن طفله بسنواته الثلاث ويقفز من الدور العاشر.. ويموت!
مات الطفل الصغير وهو بين أحضان أبيه المنتحر بسبب ديون تراكمت عليه.
ليس المهم أين رسم القدر تفاصيل هذه القصة الموجعة هذا الأسبوع. المكان هنا ليس بأهمية بطليها: المنتحر خوفا من فقره وحزنا على عالمه الفارغ من الأحلام وحرقة قلبه على طفله الجائع بين يديه.
والطفل الذى لا ذنب له سوى ميلاده على اسم هذا الرجل الذى جعل الحب شهادة وفاة لطفله، وجعل مشاعره لطفله قفزة من الدور العاشر! يتحول الحب إلى طوق نجاة فى حالات الغرق، ويتحول إلى مشنقة فى حالات الجوع والفقر واليأس.
تأملت هذه العلاقة الغريبة التى ربطت بين هذا الرجل وابنه، وتألمت من المشهد الذى تخيلته حسب وصف محرر الخبر، كان الرجل الأب قد أخبر زوجته أنه فقد النفس الأخير فى قدرته على كسب الفلوس، ولابد أنه تجاوز اليأس المعترف به نفسيا، ووصل إلى الحد الأدنى من القدرة على التفكير، وأقل.. من القدرة على المقاومة.
ثم حدث كل شىء فى اللحظة التالية..
سأل الرجل عن طفله، كان نائما يسبح مع الملائكة فى الأحلام ويبتسم بتلك الملامح التى تفقدنا القدرة على مقاومة وضع قبلة على جبينهم الصغير.
تقدم منه فى حنان يليق بأب مهزوم.
احتضنه، وضع قبلة عميقة مبللة بآخر ما تبقى معه من دموع.
حمله بين ذراعيه.. نظر نحو النافذة المطلة على شارع فقير من أحياء شعبية رفعت أبراجها النحيفة فى عشوائية متعمدة، كانت مفتوحة بما يكفى ليقف فى غفلة على مقعد ويصعد ويقفز..
قفز دون أن ينتظر توسلا من أحد أن يعود.. أن يفكر.. أن يتراجع عن قرار اعتزال مبكر للحياة.
دون أن ينتظر حلا أو يبحث عن حل أو يدبر لحل!
قفز.. موحيا للجميع بأن الشجرة حين تموت يجب أن تسقط زهرتها معها.
فتافيت رجل وطفل فى شارع خانق بهمومه.. خافت الأضواء التى تطل على أى أمل.
كان كل شىء على الأرض خليطا من رائحة الموت ورائحة اليأس.
مر من مر.. فكان المشهد قارسا كشتاء، قاسيا كتعذيب.
يصف أهل الشارع المشهد بأنه كان حزنا على حزن.
لقد أحسوا أنهم هم الذين قتلوا هذا الرجل الشاب الذى لم يتجاوز الثلاثين، وضربوا رءوسهم فى الحائط على أنهم قتلة هذا الطفل البرىء!
كثيرا ما نفقد القدرة على أن نسمع صوت أقرب الناس لنا.. حتى وهو يصرخ، وحتى وهو يبكى، وحتى وهو يستنجد بنا أن ننقذه قبل فوات الأوان.
ولكننا نتألم بشدة.. ونعلق الندم والألم على كل النوافذ بعد فوات هذا الأوان.
لو كانت هذه قصة أكتبها من وحى خيال كاتب.. لغيرت النهاية، وجعلت الطفل يعيش بأى طريقة، يعيش ويكون رمزا لما يجب أن تكون عليه الحياة من أمل ومن حب ومن إنسانية.
يعيش فى رعاية كل سكان الشارع ويكبر ويفرح ويحب ويتزوج وينجب ويكشف أن الحياة مهما كانت مظلمة.. فهناك فى آخر الطريق نقطة أمل. > >
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة