قصة 10 سنوات حوّلت ياسين عجلان من هارب وسجين إلى الفائز بصفقة «عمر أفندى»!

الخميس، 27 يناير 2011 11:04 م
قصة 10 سنوات حوّلت ياسين عجلان من هارب وسجين إلى الفائز بصفقة «عمر أفندى»! عمر أفندى وفى الإطار "ياسين عجلان"
محمد الدسوقى رشدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ هل انتهت أزمة «عمر أفندى» أم أن وجودها فى يد رجل أعمال سبق اتهامه فى قضية قروض يعنى أنها لم تقع فى الأيدى التى تحفظها؟
◄◄ لماذا تذكّر رجال الأعمال المصريون فجأة أن هناك شركة مربحة اسمها «عمر أفندى» وبدأوا الصراع على هذا الكيان الذى ظل تائهاً طوال سنوات؟

لو أن لألف ليلة وليلة ملحقا جديدا يهتم بالحواديت الاقتصادية، فلن يجد المؤلفون أفضل من «عمر أفندى» ليكون هو المادة الرئيسية لحدوتة الليلة ألف وواحد فى كتاب الأساطير العربية الشهير، فالحدوتة هنا لا تتضمن صراعاً حماسياً أومشكوكاً فى نزاهته على عمر أفندى، ولكنها تتضمن تفاصيل حالة تفنن حكومية فى تدمير كيان يحمل من الأهمية التاريخية والأثرية أكثر مما يحمل من الأهمية الاقتصادية بكثير.

قصة «عمر أفندى» تصلح- وبلا أدنى شك- لكى تكون حدوتة شعبية واقتصادية نرويها لأطفالنا فى البيوت، وللطلبة فى الجامعات والمدارس، ليتعلموا منها أصول الفساد والتفريط فى الحق، وإهدار المال العام، وهدم التاريخ. ولأن لكل حدوتة غير عادية نهاية غير اعتيادية، كان لابد أن يكون المشهد الأخير فى حدوتة عمر أفندى مثيرا وغريبا ومدهشا ومحيرا، ويطرح من الأسئلة سيلا لا ينتهى، ولا يسمح أبداً بختام طبيعى لقصة بيع عمر أفندى.

وآخر مشهد فى قصة بيع عمر أفندى جاء على هذا المنوال، فلم يذهب الكيان الاقتصادى الذى شغل الوسط المصرى خلال السنوات الأخيرة إلى رجل أعمال عادى، أو مستثمر عربى من هواة انتقاء قطع القطاع العام التى فككتها الحكومة وباعتها بالخسارة إلى مستثمر هندى قرر أن يشترى ويتاجر فى لحم العمال، قبل أصول الشركات المصرية، بل ذهب إلى حيث خزائن ممتلكات رجل أعمال مصرى، يملك هو الآخر قصة شبيهة ومثيرة و«ملعبكة» مثل قصة عمر أفندى تماماً. رجل هرولت خلفه الصحافة وكاميرات التليفزيون فى أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة، مثلما فعلت مع «عمر أفندى» فى السنوات الخمس الأخيرة.

رجل طالته اتهامات بالفساد والتلاعب مثلما طالت صفقة عمر أفندى فى كل مراحل بيعه، بداية من التقييم والعرض للبيع، مروراً باكتشاف ضعف المقابل المادى لبيع كيان يملك أصولا تقدّر بمليارات، وظهور أموال مجهولة تسعى للفوز بالصفقة تحت مسمى رجال مثل «الحنش» وغيره، وانتهاء بالصحوة المتأخرة لعدد من رجال الأعمال المصريين مثل منصور عامر وشيحة وغيرهما من الذين اكتشفوا فجأة وبعد كل هذه السنوات أن عمر أفندى صفقة مهمة، فسارعوا للفوز بها، وكأن طربوش عمر أفندى كان من قبل «معووج»، ولم يثر اهتمام سيادتهم إلا بعد أن «عدله» وخربه القنيبط، وارتباك الدولة فى التعامل مع هذا الملف.

وبعد رحلة توهان عاشها «عمر أفندى» منذ وضعته الدولة فى قوائم مبيعات الخصخصة، وبعد أن ظلت ميكروفونات المساجد والمخلصين من أبناء مصر مثل المهندس يحيى حسين عبدالهادى ينادون ويسألون ولاد الحلال على مصير «عمر أفندى» التائه والمشرد بين طمع المستثمر وأوراق الحكومة غير المرتبة وفساد الصفقة- استجاب «عمر أفندى» لنداء ميكروفون رجل الأعمال ياسين عجلان الذى يحمل فى جعبته الكثير من التاريخ المثير، والقضايا الغريبة.

لتكتمل حلقة الإثارة فى ملف عمر أفندى بهذا الرجل الذى تبدأ قصته بقضية من أشهر قضايا الفساد فى مصر، وهى قضية نواب القروض، وتتطور أحداثها حتى تصل إلى ذلك المشهد الغريب الذى نعيشه الآن، ونرى فى أحداثها نائب القروض الذى أعاده الإنتربول من رحلة هروب فاشلة بعد صدور أحكام بالسجن فى حقه، والعائد من السجون بعد رحلة تسوية مديونيات، وبراءة من المحكمة طعنت عليها النيابة العامة، وظل كامنا فى مخبئه بعيداً عن الصحافة التى طاردته لسنوات قبل أن يقرر أن يعود الآن ويفاجئها بكتابة نهاية للصفقة الأكثر إثارة للجدل فى ملف الخصخصة، بو ضع هذا الكيان الاقتصادى الكبير «عمر أفندى» فى خزائن ممتلكاته.

العودة إلى عام 1997، موعد بداية قضية نواب القروض، والتى كان ياسين عجلان واحداً من أشهر المتهمين فيها، لا يمكنها أن تخبرك أن تكون تلك النهاية هى نهاية الرجل الذى طالته أحكام بالسجن 15 سنة، وحاول الهروب إلى الخارج بسبب الفساد، وتعثره فى السداد.

العودة إلى تلك القضية ستكشف لك مدى عبثية الأوضاع فى مصر، أو قد تكشف لك مدى اجتهاد ياسين عجلان، وقدرته على معالجة أموره، ووضع حد لسنوات الملاحقة القانونية والسجن والهروب بتلك النهاية الناجحة التى يعتبرها- ونحن معه- بمنطق السوق وعالم الاقتصاد نصراً ونجاحاً جاء بعد كبوة توقع الكثيرون أن تكون هى النهاية.

قضية نواب القروض التى كان ياسين عجلان، المالك الجديد لعمر أفندى، واحداً من أبطالها المشهورين بتهمة الاستيلاء على 320 مليون جنيه من عدة بنوك وطنية- هى الأشهر والأضخم بين قضايا المال فى الشرق الأوسط، بسبب ما حوته من أرقام، سواء الخاصة بعدد المتهمين الذين بلغ عددهم 32 متهما، أو عدد الدوائر القضائية التى باشرت القضية، والتى بلغت 12 دائرة فى سابقة قضائية تاريخية، أو عدد أوراق التحقيقات التى بلغت قبل طعن النيابة العام على قرار البراءة ثم تأييد الحكم إلى 100 ألف ورقة، أو حجم الأموال التى اتهم المتهمون بالاستيلاء عليها وبلغت 800 مليون جنيه مصرى.

تلك القضية بدأت عام 97 وشابها الكثير من الغموض بسبب تنحى المستشار سمير أبوالمعاطى، رئيس المحكمة، بعد عام ونصف العام من تداولها، بعد اكتشاف محامى المتهمين أن الشاهد الرئيسى فى القضية هو والد زوجة رئيس المحكمة.وفى عام 1999 صدر قرار المحكمة بمحاكمة المتهمين، وتولت محكمة جنوب القاهرة نظرها، وأصدرت فى عام 2000 حكمها بالسجن لـ17 متهما بمدد تترواح بين 5 و15 سنة، ووقتها هرب ياسين عجلان خارج البلاد، عبر أحد الموانى بجواز سفره، كما قال بعد عودته، بعد أن استطاع الإنتربول القبض عليه فى سوريا، وقام بترحيله إلى مصر، وحل ضيفا على السجن، لتبدأ رحلة قانونية ومالية لإخراجه، بدأت بإجراء تسويات عاجلة مع البنوك عن طريق محاميه طارق عبدالعزيز الذى تصادف أن يكون هو محامى القنيبط، ليلعب دورا جديدا فى منح ياسين عجلان فرصة أخرى للعودة إلى السوق، مثلما فعلها من قبل وأخرجه من السجن فى قضية نواب القروض، والتى استمرت حتى عام 2006، وهو العام الذى صدر فيه الحكم ببراءة ياسين عجلان وثلاثة آخرين من نواب القروض.

وقالت المحكمة وقتها فى بيان مفاجئ أدهش الجميع إنه تبيّن لها من خلال معاينة أوراق الدعوى التى كان لها تأثير سلبى على الاقتصاد المصرى على مدى سنوات نظرها- أنها حدثت نتيجة تصفية حسابات بين بعض العاملين فى قطاع الاستثمار العقارى من ناحية، والعاملين فى بعض البنوك التى كانت محل الصراع، والذين قاموا بتسريب معلومات للرقابة الإدارية لتحقيق مآربهم.

من السوق إلى البرلمان ثم الخروج منه بفضيحة نواب القروض، ومحاولة الهرب الفاشلة، ثم العودة إلى مصر، وتجربة طعم السجن، ثم محاولات التسوية والبراءة والاختفاء عن الأنظار، والتخفى وراء أعمال اقتصادية أو مجموعة أصول التى لا تحظى بشهرة كبريات الشركات فى مصر الآن، ثم تفجير قنبلة العودة إلى سطح الأحداث مرة أخرى بالفوز بالصفقة الأكبر والأكثر إثارة فى مصر، صفقة عمر أفندى، تبدأ وتنتهى قصة رجل الأعمال ياسين عجلان الذى نجح فى أن يقتنص عمر أفندى من أنياب رجال أعمال آخرين أكثر منه شهرة، وتواجداً فى السوق الاقتصادية المصرية خلال الوقت الحالى، بعد أن حسم الصفقة لصالحه بتوقيع جميل القنيبط، المستثمر السعودى المالك لـ85% من أسهم الشركة، مقابل 890 مليون جنيه بعد مفاوضات وصلت إلى قرابة الشهر ونصف الشهر وسط أنباء تترددت عن أن القيمة الفعلية التى حصل عليها القنيبط هى 235 مليون جنيه، بينما باقى قيمة الصفقة عبارة عن مجموعة من ديون ومستحقات البنوك، ومتأخرات ضرائب، ومتأخرات موردين، سيتحملّها عجلان الذى قيل إنه سيسدد أغلب الثمن فى شكل عقارات وأراض، أما باقى تفاصيل العقد الخاص بكيفية تعامل عجلان مع شركة عمر أفندى بعماله وأصوله التاريخية، فمازالت ضمن الأمور التى لم يحصل لها أحد على أى إجابة تمكننا من الإجابة عن سؤال أخطر بكثير هو: هل انتهت أزمة عمر أفندى الآن، واستقر من رحلة ترحاله، أم أن وجوده فى يد رجل أعمال سبق اتهامه فى قضية قروض وتعثر ومحاولته الهرب من العدالة يعنى أن هذا الكيان الاقتصادى الكبير لم يقع فى الأيدى الأمينة التى تحفظه لمصر، أو تكفيه ذل اللف والدوران، والانتقال من يد مستثمر إلى آخر؟








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة