أكتب هذه الكلمات وقد تبادر إلى ذهنى موقف حدث بينى وبين إحدى صديقاتى، هذه الصديقة – حفظها الله- بارعة فى كتابة القصص والشعر الرومانسى وقد سألتنى ذات مرة: لماذا لا تكتبين يا سارة المقالات الرومانسية؟ فأجبتها: بأننى حقا عمليّة وأرى أن الحب الحقيقى قد أصبح عملة نادرة فى زمننا هذا وكتّابه قلائل! ثم فكرت مليا فيما قلت ووجدت أننى أخطأت فى القول فالحب موجود فهو كالماء والهواء، وعلى الرغم من حداثة سنى وقلة خبرتى بالحياة إلا أننى أشعر بأننى استطعت تكوين منظور خاص بى فى الحب وقد كونته من التجارب العاطفية وتقلباتها التى مر بها العديد من أفراد أسرتى والبعض من أصدقائى واطلاعى على الشعر والقصص الرومانسى ومنظورى الشخصى المتواضع قد يتفق معه البعض وقد يعارضه البعض الآخر، ولا أرى ضير فى ذلك فالحياة هى وجهات نظر وآراء إزاء مواقف مختلفة وقد تتعارض وتتناقض هذه الآراء، وقد تتفق وتتكامل.
ولأصدقكم القول رأيت أن معظم ما قرأت أو شاهدته عن الحب فى التلفاز أو فى كلمات الأغانى العاطفية أو القصص الرومانسية أو حتى من التجارب العاطفية التى لم تكلل بالنجاح يهدف فى النهاية إلى طرح ذات السؤال العقيم، ألا وهو "هل الحب موجود؟ هل هو باق وخالد؟" ووجدت فى النهاية أن السؤال الصحيح الذى لابد أن يطرح هو "كيف تعبّر عن مشاعرك تجاه الآخرين؟ - أى كيفية التعبير- ، فالحب موجود، بل إن وجود الجاحدين وغير المؤمنين به خير برهان على وجوده، فمن المنطقى أن الإنسان يكفر أو ينكر أو يجحد بشئ له وجود .فكيف يجحد المرء وينكر وجود شئ ليس له وجود من الأصل؟ بالتالى مسألة وجود الحب مسألة تم حسمها فالحب فطرة إنسانية فطرنا الله – عز وجل- عليها بل إننى أكره أن يوصف أحد بأنه جاحد القلب وقاس.
لماذا لا نعطه الفرصة ونجعله محب لمن حوله؟ إننى أؤمن بأن غير المؤمنين بوجود الحب هم فى السابق كانوا من أعظم أنصاره ولكنهم ربما لم يجدوا من يبادلهم الحب أو لم يجدوا طريقة للتعبير الصحيح عن مكنونات قلوبهم أو ربما مروا بتجارب عاطفية مؤلمة.
مهما يكن من أمر فإن ما يعنينا هنا هو منحهم فرصة للعودة إلى بوتقة الحب من جديد، العالم حقا ليس فى حاجة للحب ولكنه فى أمس الحاجة إلى إظهار الأفراد لمشاعرهم الحقيقية تجاه بعضهم البعض، لقد تغيرت أساليب ووسائل إظهار مشاعر الحب بين عصرنا الحالى وعصر آبائنا وأجدادنا، أصبح الناس يظهرون مشاعرهم عبر الرسائل الهاتفية القصيرة أو عبر مستحدثات التكنولوجيا الحديثة كالشات والإنترنت وربما كان ذلك أحد الأسباب التى جعلت الكثيرون يعتقدون بأن الحب قد اختفى وراء كلمات إلكترونية ولاسلكية وفقدنا روح الاتصال المواجه فى إظهار مشاعرنا وجها لوجه، ولذلك أعتقد أن التكنولوجيا غيّرت كيفية التعبير عن المشاعر، الحب يا أعزائى القراء ليس شهوة أو نزوة أو رغبة بل هو مشاعر نبيلة طاهرة نقية ولذلك دعونا نطلق على من يظن أن الحب شهوة أو نزوة اسم "القساة الجاحدين المتشدقين بالحب الزائف الحقير"، ويمكننا القول بأن قصر الحب على العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة فقط هو أمر واه، وقصر إظهار المشاعر على القبلات والأحضان هو أمر عجيب وغريب يجعل الصغار- الذين فيما بعد يصبحون كبارا- يعتقدون أن الحب هو مجرد قبلة تطبعها على وجه من تحب فحسب.
صدقونى هناك طرق كثيرة لإظهار المشاعر والعواطف تجاه من نحب سواء أكانوا أب، أم، أخ، أخت، صديق، حبيب، قريب أو حتى وطن ولكن الأهم من ذلك هو محاولة إظهارها بصدق ورقة، فلتظهرها بالفعل والسلوك اللائق، فإن لم تستطع فليكن عبر القول والكلمة، فإن عجزت عن ذلك فليكن عبر الإشارة والإشادة، فإن لم يكن بمقدورك ذلك، فليكن عبر نظرات التقدير والعرفان، فإن عجزت عن كل ما سبق، فيكن عبر القلب، فلا يجب أن ننسى أن ما ينبع من القلب بالطبع سوف يصل إلى القلب، وأتمنى أن يكون مقالى قد وصل حقا إلى القلب ومس مشاعركم فى صميمها، ولأكن صادقة معكم أننى أحاول كل يوم أن أظهر مشاعرى لأسرتى وأصدقائى وكل من أحبهم ولكنى أحيانا أصيب وأحيانا أخطئ ولكن المهم هو المحاولة بغض النظر عما تنتظره وحينها ستجد أن ما انتظرته ممن تحب لا يضاهى السعادة الغامرة التى تشعر بها لأنك لا تخفى ولا تكبت مشاعرك وأحاسيسك بل تعلنها صراحة فى وضح النهار، هذه هى علاقتى بالحب، فما هى علاقتك أنت به؟.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة