قالت مجلة "ذا أتلانتك" الأمريكية إن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما تواجه معضلة مستحيلة فى مصر، وممزقة بين دعمها للنظام الذى يحافظ على الاستقرار ويحمى مصالحها، وبين المعارضة وتطلعاتها الديمقراطية.
وفى المقال الذى كتبه شادى حميد، الباحث بمركز بروكنجز، تشير المجلة إلى إن الشرق الأوسط قد أصبح أكثر تعقيداً بالنسبة لإدارة الرئيس أوباما، فثورة 14 يناير الشعبية فى تونس، والتى تعد اول ثورة تطيح بديكتاتور عربى، قد دعت إلى التشكيك فى الفرضية الأساسية للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط، والتى تقوم على أساس أن الأنظمة القمعية، مهما كانت مقيتة، فإنها على الأقل مستقرة. كما أن هذه الأنظمة يمكن الاعتماد عليها فى دعم المصالح الأمريكية الأساسية التى تعد جزءاً من أسباب تقديم الولايات المتحدة لمساعدات كبيرة لها، لكن بعد نجاح ثورة تونس، أصبحت جماعات المعارضة فى أنحاء العالم العربى تأمل فى تكرار النجاح التونسى، وأصبحت هذه الجماعات تعرف لأول مرة شكل التغيير، والأكثر أهمية أنهم يعتقدون الآن أنه يمكن أن يحدث فى بلدانهم. لكن فى ظل المعركة المتصاعدة بين الأنظمة العربية المستبدة والمعارضة الشعبية، فإن الولايات المتحدة تجد نفسها ممزقة بين حلفاء موثوق بهم هى فى حاجة إليهم وبين الإصلاحيين الديمقراطيين الذين تريدهم.
ورأت المجلة أن المعضلة الأصعب التى تواجها الولايات المتحدة هى فى مصر، وأوضحت أن التوقعات بأن انتفاضة مماثلة لما حدث فى تونس يمكن أن تطيح بالنظام الحالى سابقة لأوانها، فالنظام المصرى سيكون على الأرجح أكثر توحداً وأشد قسوة من نظيره التونسى، لكن سواء نجحت أى ثورة مصرية أو فشلت، فيجب أن نكون متأكدين من أنها ستشهد محاولات أولاً. ولعل مظاهرات يوم الغضب هى أول اختبار لقوة المعارضة.
أضافت المجلة أن هذا الأمر يثير مسألة شائكة بالنسبة للولايات المتحدة، عما ستفله فى حال نزول عشرات الآلاف إلى الشوارع، فواشنطن راعية أساسية للنظام، ومصر بدورها دعمت الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان والكثير من القضايا الأخرى، ومن الممكن أن تتبنى الولايات المتحدة الصمت فى مصر إذا حدث شيئاً مثلما فعلت فى تونس، غير أن صمتها فى هذه الحالة ربما يمكن تفسيره على أنه تواطؤ، فى حين أنها إذا عرضت تقديم مساعدة معنوية للمحتجين، فإنها بذلك ستقوض حكومة تعتبرها مهمة لمصالحها الأمنية.
وتؤكد المجلة على أن وضع مصر يختلف عن تونس، فإذا حدث شيئاً فى مصر فإنه سيعنى صعود قوى معارضة معادية لأمريكا فى المنطقة على رأسها جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم فإن الولايات المتحدة تجد نفسها عالقة على الأقل على المدى القصير.
غير أن "ذا أتلانتك" ترى أنه من حسن حظ صناع السياسة الأمريكيين أن النظام لن يسقط قريباً. وبالتالى، فإن الولايات المتحدة أمامها وقت لإعادة تقييم سياستها الخاصة بالشرق الأوسط ومن الممكن أن تبدأ بإبعاد نفسها عن مبارك بتصعيد حدة الانتقادات للقمع الذى يتبناه النظام، وإن كان ذلك ليس هدفاً أساسياً، وتعميق اتصالاتها مع كل أطياف المعارضة سواء الليبراليين أو اليساريين وكذلك الإسلاميين. وهذا الأمر من شأنه أن يؤدى إلى تغيير سلوك النظام، والأكثر أهمية أنه سيبعث برسالة إلى الشعب المصرى مفادها أن واشنطن تدعم تطلعاتهم إلى الديمقراطية وأن لن تقدم بعد الآن دعماً لنظام يقمع هذه التطلعات.
"ذا أتلانتك": واشنطن تواجه معضلة مستحيلة فى مصر
الأربعاء، 26 يناير 2011 01:14 م
الرئيس الأمريكى باراك أوباما
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة