محمد عبد القادر يكتب: "المفبركاتية" يغزون الفضاء الإلكترونى

الثلاثاء، 25 يناير 2011 11:22 ص
محمد عبد القادر يكتب: "المفبركاتية" يغزون الفضاء الإلكترونى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت سابقا تحت عنوان "سماسرة عرى الكلمة.. والإعلام؟!!" محذرا - كمتابع فقط - مما رأيته فى حينه بمثابة السلبيات فى الأداء الإعلامى العربى المعاصر، التى جاء منها سطحية التناول للأحداث والقضايا، إلى جانب إنتشار بعض الظواهر الدخيلة مثل نشر الأكاذيب وإثارة الفتن والفضائح من خلال التناول والتداول للغير موثوق والصحيح بالمرة للمعلومات، ذلك دون تحرى الدقة ومراعاة البحث والتأكيد قبل العرض والنشر، كذا دون الإحساس بأدنى مسئولية تجاه المجتمع!.

كذا كان التحذير من أن حديثى ليس خاص برصد"الفبركة" كظاهرة عابرة، بل هو حديث أشمل عن بدء كونها موجة عاتية سائدة تستهدف فيما تستهدفه تحويل الإعلام من مجرد أداة تعليمية وتنويرية تثقيفية للمجتمع فى المقام الأول.. تحويلها إلى معول هدم له، ذلك على يد "الكثيرين" ممن حملوا مفاتيح الأبواب الخلفية لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها، وبات الأمر لديهم بمثابة "الفن الجديد"، الذى راح كلا منهم يبدع فيه كلا على شاكلته.

وفى ظل الأزمات المثارة داخليا الأن وأشارت أصابع الإتهام إلى الإعلام كمتهم أول فيها، أيضا كاستجابة لدعوة الأستاذ (عمرو خالد) فى ضرورة مشاركة الشباب فى حملة "إنترنت بلا فتنة"، التى أنطلقت مؤخرا بعدما شهدته المحروسة من احداث "إرهابية" مؤخرا.. فقد وجدت ضرورة أن أواصل حديثى هذا - ودون فاصل- عن "الفبركة" و"المفبركاتية" وما أقترفوه فى حق الإعلام، ومن ثم المجتمع، بل وأولا وأخيرا فى حق أنفسهم.

أواصل الحديث عن تلك الفئة الدخيلة على عالم الإعلام، والذين لم ينتهوا ويتوقفوا فقط عند وسائله التقليدية وأبرزها المرئية والمقروءة (التليفزيون والصحافة)، بل امتدت أيديهم أيضا لتطال الساحات الإلكترونية المبتكرة والمستحدثة، والتى بدأت تظهر ملامحها ومعالمها بوضوح خلال العشر سنوات الماضية، وأخذت فى الانتشار على يد من أطلق عليهم لقب "جيل النت"، ذلك وصولا إلى ما بدأ يطلق عليه مجازا اليوم الإعلام "الإلكترونى"، الذى وإن استبشرنا به خيرا بداية، إلا إنه سرعان ما دخل هو أيضا النفق المظلم مثله مثل نظرائه التقليديين، لاسيما بعدما أنتقل إليه فيروس "الفبركة" سريعا، ومن ثم تحوله من ساحة جديدة للحوار والنقاش إلى دائرة مغلقة على نفسها من السب والقذف.. من الفعل والفعل المضاد، بل فعل السيئ والرد بالأسوأ فى ظل الترويج لأفكار التطرف والدعوة للإنضمام إلى ركب التخلف، والوقوف على مجرد إتاحة الفرصة لإرضاء الشهوات.

الحديث هنا ليس مقصودا منه تقديم تقييم للإعلام الإلكترونى وتأثيره على المجتمع، ذلك ليس فقط لحداثة نشأته، بل لأنه أيضا لازال - فى تقديرى- فى طور التشكل، ومن ثم عدم ظهور الكثير من ملامحه بعد، أيضا فهو حديث لا يشمل ما أراه يمثل النموذج لكيفية السعى الجاد نحو القيام بالدور الذى يفترض وأن يضطلع به الإعلام، وهو "تزويد الجمهور العام بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة، التى تساعدهم على تكوين رأى عام صائب، بحيث يعبر هذا الرأى تعبيرا موضوعيا عن عقلية الجماهير وإتجاهاتهم وميولهم، وهو ما يعنى أن الغاية الوحيدة من الإعلام هى التنوير والتثقيف عن طريق المعلومات والحقائق والأرقام والإحصاءات وما نحو ذلك".

حديثى هنا ينحصر فقط عن "المفبركاتية" الذين تحولوا لإحدى أكثر "الفيروسات" إنتشارا وفتكا بمن حولهم، كذا فهو يشمل الدعوة إلى رصد جميع من سعوا لتنصيب أنفسهم كقادة للفكر والرأى العام.. من حولوا هذا الفضاء من صدر رحب يمكنه إحتواء صيحات وصرخات جيل يمثل قطاع عريض من أفراد المجتمع وصفناه ب"الصامت".. حولوه إلى زقاق ضيق تشتعل فيها نار الفتنة وتنتشر داخله الأكاذيب وتقدم الفضائح كمواد دسمة للتناول.. يأوى فى شقوق جدرانه مدمنى ارتكاب المحرمات.

هذا الأمر البالغ الخطورة هو ما أقتضى بالفعل محاولة الوقوف أمامه والتصدى له من أجل تفويت الفرصة على كل من يود إختراق عقول شبابنا والإختفاء وراء ظهورهم.. يدفعهم دفعا نحو السقوط فى غياهب دوامات التوهان، ومن ثم سهولة التحكم فيهم وتحويلهم لمجرد أدوات لنشر الفوضى داخل مجتمعاتهم.. وصولا إلى إخلاء الساحة لهم هم فقط. لكن أيا من هذا لن يحدث، بل وستذهب أحلامهم التى صورتها لهم نفوسهم المريضة أدراج الرياح، حتى وإن جاءت الخطوات بطيئة وتوقيتاتها متأخرة، لكنه وبلا شك فإن حملة "إنترنت بلا فتنة" تبقى كخطوة يجب وأن يتبعها المزيد من الخطوات الفعالة، التى يجب وأن تأتى شبيهة لها.. أى فى شكل أفعال لا تقف عند حدود الكلمات، تلك التى لم تعد تجدى أو تفيد.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة