أكد الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشارى الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس، أن الانتحار سلوك عدوانى ضد النفس وضد الآخرين، وأن المنتحر يعرف معنى الانتحار ويدرك تماما أنه سوف يموت ويختار بكامل إرادته توقيت ومكان ووسيلة الانتحار، معتقدا أن الانتحار هو الحل الوحيد لمشكلاته، وللهروب من مسئوليته تجاه نفسه وأسرته، مشيرا إلى أن بعض المنتحرين يعتقدون أنه لا حياة بعد الموت أو أنها إذا وجدت فإنها أفضل.
وقال بدران، اليوم، الثلاثاء، إن الاضطرابات النفسية من أقوى الأسباب المؤدية إلى الانتحار إذ تؤدى إلى ثلث حالات الانتحار، لافتا إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون الانتحار نهاية لمرض نفسى، فيما تزيد الإصابة بالاكتئاب أو الفصام من احتمالات الانتحار خاصة مع وجود أعراض التشاؤم أو اليأس و الإدمان.
وتابع أن هناك أسبابا أخرى للانتحار مثل الفشل العاطفى والأسرى والدراسى والوظيفى والعمليات الانتحارية والابتزاز، موضحا أن معدلات الانتحار أقل انتشارا بين المتزوجين وأنها أكثر فى العاملين مقارنة بالعاطلين عن العمل، وأنه لم يعد قاصرا على الفقراء أو العاطلين بل امتد ليشمل الأثرياء والمشاهير.
وأوضح أن للإقدام على الانتحار كيمياء وتفاعلات تحدث فى مخ المنتحر يقل خلالها مستوى الناقل العصبى المعروف علميا باسم "السيروتونين" فى المخ، لافتا إلى أن نقصه يميز مرضى الاكتئاب ذوى السلوك الانتحارى وذوى التصرفات الاندفاعية ولدى الأشخاص الذين يقيمون علاقات عاطفية بسهولة، ومتقلبى المزاج، والمتأرجحين بسرعة بين الصفاء والغضب مع صعوبة التحكم فى نوبات الغضب، وذوى السلوكيات العدوانية.
وأشار بدران إلى أن نسبة نجاح الرجال فى محاولات الانتحار تفوق نسبة نجاح النساء بثلاثة أضعاف ويتفوق الرجال على النساء فى النجاح فى الانتحار لاستخدامهم وسائل أكثر فعالية فى إنهاء حياتهم مثل الطلقات النارية أو الشنق، بينما تميل النساء لاستخدام العقاقير أو السموم أو قطع شرايين المعصم.
وقال الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشارى الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس، إن هناك عوامل تساعد على إقدام من لديهم الاستعداد للانتحار منها مشاهد الانتحار فى التليفزيون أو السينما أو الإنترنت والتدخين والإدمان وغياب ضوء النهار (الشمس) واختلال الساعة البيولوجية للإنسان، خاصة مع تغيير الفصول ولهذا فإن معدلات الانتحار ترتفع فى المناطق التى تتميز بشتاء طويل ومظلم فى الدول الإسكندنافية وألاسكا وروسيا.
وطالب بضرورة الإقلال من مشاهد العنف والانتحار فى الأفلام والدراما لأنه ثبت علميا أن معدلات الانتحار تزداد كلما زادت مشاهدتها خاصة عند المعرضين للأسباب المؤدية للانتحار.
وأشار إلى أنه طبقا للإحصائيات العالمية الرسمية المنشورة على شبكة الإنترنت فإن أقل معدل عالمى فى الانتحار يوجد فى مصر واليونان والمكسيك، وأن هناك 3 آلاف حالة انتحار يوميا فى العالم ، ومليون حالة فى السنة منها ربع مليون صينى، وأن معدل الانتحار مرتفع جدا فى دول أوربا الشرقية فيصل إلى 76% فى ليتوانيا، و71% فى روسيا، 52% فى أوكرانيا، 47% فى سلوفانيا، 46% فى أستونيا.
وأوضح بدران، أن عدوى الانتحار يكتنفها الغموض فالانتحار يمثل السبب العاشر لوفيات البشر حاليا، وأن هناك مليونى محاولة انتحار سنويا، ويعد الانتحار فى استراليا ونيوزيلندا السبب الرئيسى للوفاة بين الشباب والسبب التاسع للوفاة فى الولايات المتحدة الامريكية والثالث لموت الشباب (من 15 إلى 24 عاما) حيث يقتل 30 ألف شخص أنفسهم كل عام فيما فكر 20% من المراهقين الأمريكان فى الانتحار.
وقال الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشارى الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس، إنه إذا كان هناك مواد كيميائية يتسبب نقصها فى الإقدام على الانتحار فإن هناك بعض المواد التى تحمى من القلق والانتحار مثل مادة "التريبتوفان" وهى حمض أمينى هام يحمى من القلق والانتحار.
وأضاف أن هناك هرمون السيروتونين المعروف بهرمون السعادة والسرور والانشراح لدوره الكبير فى تنظيم عملية النوم والمزاج، والميلاتونين لدوره الأساسى فى التحكم فى الساعة البيولوجية لدى الإنسان وتنظيم عملية النوم بالإضافة إلى أثره كمنشط قوى للجهاز المناعى وفيتامين النياسين ( فيتامين ب3) الذى يفيد فى إنتاج الطاقة ويحسن الشهية ويؤدى نقصه إلى اضطرابات عقلية تسبب القلق والعصبية الزائدة.
وأكد بدران أنه لتوافر هذه المواد فى البقول مثل الفول والترمس والحمص والمكسرات والأسماك والسالمون فإن هناك حاجة يومية لتناولها خاصة مع إضافة فيتامين سى حيث تزيد من الاستفادة من مادة التريبتوفان، مشيرا إلى أن تناول الخبر الأبيض الخالى من الردة يحرم الإنسان من هذا الفيتامين وكذلك تناول كميات كبيرة من السكر، وإدمان التبغ أو الكحول أو المخدرات.
وأوضح أن الإقدام على الانتحار لا يستأثر به البشر وحدهم بل أن هناك حالات معروفة للانتحار الجماعى بين الحيوانات مثل الحيتان ، الفئران، عصافير النيران، الخراف وهى ظاهرة محيرة فشل العلم فى تفسير أسبابها.
وأشار إلى أن الانتحار يعد مرضا مثل باقى الأمراض التى يؤدى اكتشافها مبكرا والوقاية منها فالتدخل العلاجى بتشجيع المواطنين على الفحص النفسى بصورة دورية خاصة طلاب المدارس والجامعات والموظفين والمدمنين والاهتمام بالصحة النفسية والتربية البدنية ، والتربية الدينية بالإضافة إلى زيادة الثقة بالنفس والطمأنينة كلها أمور تحمى من الإقدام على الانتحار.
وطالب الدكتور مجدى بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة واستشارى الأطفال وزميل معهد الطفولة بجامعة عين شمس بضرورة المتابعة الطبية والنفسية والاجتماعية للذين حاولوا الانتحار من قبل ومساهمة الإعلام فى التوعية بمخاطر الإقدام على الانتحار والحذر من تسويق المنتحرين كأبطال.
وأكد أن الأسرة تلعب دورا هاما فى التهيئة للانتحار عن طريق نقل الجينات الممهدة للاضطرابات النفسية أو خلق بيئة منزلية غير متماسكة أو تعريض أنائها لضغوط نفسية قوية.
وقال إنه كلما ازداد التواصل الأسرى قل معدل الانتحار ولهذا يجب تنمية روح المشاركة داخل نطاق الأسرة مما يرسخ المشاركة الاجتماعية فى المجتمع ويحمى الأفراد من العزلة والتقوقع بعيدا عن الحياة، مطالبا باستحداث آليات سريعة لحل مشاكل الجماهير مثل محاربة الفقر والبطالة والتدريب على كيفية حل المشاكل اليومية بحلول واقعية وتكوين جماعات دعم من الأصدقاء والمتطوعين.
وأضاف أن من مشاهير المنتحرين فى العالم كليوباترا وهى بطليمية، وهتلر وزوجته إيفا براون وروميو وجوليت وإرنست هيمنجواى الحائز على جائزة نوبل فى الأدب عام 1954 ولأسرته تاريخ طويل مع الانتحار حيث انتحر والده كلارنس همنجواى وشقيقتاه أورسولا وليستر، حفيدته مارجاوك همنجواى.
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة