المستشار أشرف العشماوى يكتب: الشرطة فى مجتمع مضطرب

الثلاثاء، 25 يناير 2011 04:22 م
المستشار أشرف العشماوى يكتب: الشرطة فى مجتمع مضطرب المستشار أشرف العشماوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قل لبائع متجول أو لفلاح يزرع الأرض "اذهب إلى قسم الشرطة، لأن الضابط هناك يريدك، سوف تلمح على الفور علامات الانزعاج وهى تتسرب إلى وجهه وسوف ينطق لسانه من غير إرادته "خيراً إن شاء الله".

هذه حقيقة واقعة وإحساس قائم لدى غالبية الناس فى معظم دول العالم، ومن الخطأ الفاحش أن ندفن رؤوسنا فى الرمال تجاهه أو نتناساه ونحن نجرى حساباتنا حول ما يشهده المجتمع العربى والمصرى على وجه الخصوص من تغيرات عميقة، مطلوب منا جميعاً أن نوجهها وجهة الخير ونعبر بها إلى بر الأمان، وعلينا أن نحاول، ولو بكثير من العناء، أن ندخل إلى أعماق هذا الإحساس لنصل إلى صيغة ملائمة تنصف الشرطة من الناس وتزيل الجفوة القائمة بينهم.

ولعلى أضيف، أننى بهذه الكلمات أبدأ المحاولة، وأخطو خطوة فى هذا الطريق من خلال دعوة أرسلها لعل مخلصاَ محباً للخير مدركاً لما تلقاه الشرطة من معاناة أن يؤمن بها، ويدعو لها، فهيئة الشرطة دون بقية الهيئات التى تؤدى خدمات عامة للناس مازالت تحظى بأقل قدر من التفهم والإنصاف، لأنها تحقق أهدافاً متضاربة بطبيعتها، فبينما هو تتولى حماية الناس وحرياتهم، فإذا هى مفروض عليها أن تؤدى من الواجبات ما يحقق حماية السلطة من الأفراد إذا ما طالبوا بها بصورة تحمل قدراً من التجاوز ولو يسيرا.

وفى هذا السياق يشير السير/ روبرت مارك فى كتابه عن الشرطة، والذى اقتبست عنوانه على هذا المقال إلى ما وقع فى إنجلترا فى الثلث الأخير من القرن الماضى عندما خرج العاملون فى أرصفة ميناء لندن فى إضراب شامل هز مرافق الحياة فى المدينة، وحرم الناس من أقواتهم فلما تدخلت الشرطة لتحمى مصالح الناس، وتدفع عنهم المجاعة، واستعملت فى ذلك من اللباقة والحزم والتسامح وضبط النفس ما فاق كل تصور اتهمها اليمينيون بالضعف والتذبذب والتردد!! بينما اتهمها اليساريون بالبطش والتعسف.

ولو أنصف الناس لوصفوا عمل الشرطة بأنه تحمل للمسئوليات أكثر منه ممارسة للسلطات، فرجل الشرطة لو أنك عرفته عن قرب فلن تجده أكثر من رجل عادى سيئ الحظ، لأنه قد حمل على عاتقه واجبات التزم بأدائها، وهو إن التمس رضا الناس سخط عليه رؤساؤه وإذ ما أرضى رؤساءه، فنادراً ما يرضى عنه الناس.

أعتقد أنه لا يوجد من الشواهد ما يدل على أن الإنسان سيتخلى يوماً عن استخدام القوة المادية كوسيلة لحل بعض المشكلات الاجتماعية، وسيبقى العنف سمة من سمات التصرفات البشرية.

ولكن الدور السلبى الذى نمارسه فى انتقاد الشرطة دون أن نصلح من أنفسنا، ودون أن ندرك أن أفراد هذا الجهاز جزء من هذا الوطن يؤدون واجبهم هو الذى يساهم فى توسيع الفجوة بين المواطن والشرطة.

تخيل أن الجميع قد حصلوا على حرية مطلقة لكى يصنع كل منهم ما يشاء حرية فى السرقة... فى تهديد الناس إلخ.. إننا نستطيع أن نعوض بالمال كل من ناله ضرر بسبب الجريمة، وأن نوفر العلاج بالمجان لكل من أصابه جرح من جرائها، ونضاعف من أنشطة شركات التأمين لكى نخفف من آثار الجرائم، ولكننا لن نفلح أبداً فى الحد من تصاعد الجرائم إذا ظل دورنا سلبياً أو إذا بقينا خارج الساحة نكتفى بالمشاهدة والمتابعة وتوجيه النقد واللوم فى أغلب الأحيان.

فى عيد الشرطة هذا العام، أدعو الجميع لانتهاز هذه الفرصة لتضييق الفجوة بين المواطن وبين الشرطة، لأن الخير هو الأصل فى الناس، والشر أمر عارض، يأتى من حين إلى آخر ودائماً هو الاستثناء، وعلى المجتمع الصالح أن يرد الشر ويتعاون مع الشرطة فى ذلك، وإذا ما حدث نكون قد حققنا ما نردده دوماً كشعار لهذا اليوم، نرفعه كل عام فى الخامس والعشرين من يناير، وننساه أو نتناساه فى اليوم التالى مباشرة.. ليتنا نفعلها مرة بدلاً من أن نتحدث ألف مرة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة