كان إشعال بوعزيزى النار فى نفسه بمثابة الشرارة التى ألهبت حماس التونسيين فى أرجاء تونس الخضراء، واصطدم الشعب بالشرطة، وهرب رئيس البلاد إلى جهة غير معلومة، وحدثت فوضى وهرج ومرج فى البلاد، مما اضطر الجيش إلى النزول للحفاظ على أمن البلاد، ونأمل أن تنتهى هذه الأزمة على خير، فالمنطقة العربية ليست فى حاجة إلى مثل هذه، وكفانا ما يحدث فى فلسطين والعراق والسودان.
وإن كانت هذه رغبة التوانسة، فنحترم ونقدر تلك الرغبة، ولكن نأمل أن يسد الشعب التونسى الطريق أمام قوى الشر والفتنة الطامعة فى إشعال الفوضى والفتنة فى الشرق الأوسط، لأجل التدخل بحجة حفظ الأمن وحقوق الإنسان والدفاع عن حقوق الأقليات.
وخرجت علينا وكالات الأنباء وتكهنات المحللين بأن ما حدث فى تونس هو بداية الشرارة التى ستمتد أوارها إلى كل الأقطار العربية، وتنقلب الشعوب العربية على حكوماتها، ويقررون مصيرهم بأنفسهم، وتتحول المنطقة العربية إلى فوضى وحروب أهلية وجحيم لا يرحم.
وظهرت أصوات تدعو بالثورة والخروج إلى الشوارع والاحتجاجات للضغط على الحكومات العربية، وخرج علينا المسئولون بأن هذا لن يحدث، والمنطقة تشهد استقرارا فى محاولة لتهدئة الأوضاع تارة، والبعد عن التصريحات الاستفزازية تارة أخرى، حتى لا تثور الشعوب وتعبر عن غضبها.
وانتقلت عدوى بوعزيزى إلى خارج تونس، ولجأ البعض الذى أراد أن يضغط على الحكومة للتعبير عن غضبه، وتحقيق بعض المطالب الشخصية التى لا تعبر عن سخط سياسى أو إرادة شعبية، فشهدنا محاولات انتحار بالحرق أمام مجلس الشعب فى مصر وخارج القاهرة.
وكل هذا يجعلنا نتساءل:
هل الاعتصامات والتظاهرات لم تعد مجدية للضغط على المسئولين؟
هل التهديد بالحرق والإقدام على الانتحار كفيل بإحداث تغيير وعمل ثورة؟
هل تختلف ظروف شعب عن آخر؟
هل من الممكن أن تنتقل انتفاضة تونس إلى خارجها؟
قد يحدث هذا.......!!!!!!!
وقد لا يحدث.......!!!!!
لأن كل بلد يختلف عن غيره، وطبيعة الشعوب تختلف عن غيرها.. وإذا أرادت الشعوب الحياة، فلن تستجيب الأقدار، لأن التغيير لن يأتيها من الخارج، أو بتأثير خارجى، ولكن بإرادة نابعة من داخلها، وقدرة على التغيير لمواجهة التحديات...!!!
ونحن ما أحوجنا إلى مواجهة مع النفس والرجوع إلى الله ليرضى عنا، قبل التفكير فى الإقدام على عمل من شأنه أن يطمع القوى التى تتربص بنا، وتريد فوضى وخرابا، حتى تتحين الفرصة للانقضاض، وساعتها سنندم على ذلك ولن ينفع الندم.
وليس الحل فى لتر بنزين وجاز، أو غير ذلك، فلن يؤثر ولن يجدى، وستلجأ الحكومات إلى تخفيض أسعارها....!!، مما يجعل الانتحار سهلا ومتاحا أمام الجميع، وتتخلص الحكومات من فقرائها الذين يطاردونها بمطالبهم التى لا تنتهى، وساعتها ستتنفس الصعداء، لأن ذلك سيرفع عن كاهلها أعباء الدعم فى التعليم والماء والكهرباء والصحة، وكل وسائل الدعم التى تعين الفقراء على مواجهة الحياة، مما يرهق ميزانية الحكومة، ويجعلها تضرب أخماسا فى أسداس كل عام لتوفير الأموال الأزمة لسد احتياجات الشعوب.
وبالتخلص من فقراء الشعوب لن يبقى إلا الأغنياء الذين لن يرهقوا الحكومات بمطالبهم، اللهم إلا تخفيض الضرائب والجمارك على السيارات وكل وسائل الرفاهية، والسماح بالبناء فوق الأرض الزراعية التى كانت تزرع لإطعام الفقراء، وبالتالى لن تعود الدولة فى حاجة إليها، والسماح ببناء المولات والقرى السياحية والمنتجعات، لأن الفقراء ذهبوا إلى الجحيم حيث لا رجعة أبدا، لأن الأغنياء لن يرهقوا الحكومات بمطالبهم.. وساعتها لن يجدى الاحتجاج أو الانتحار على طريقة بو عزيزى التونسية.
