عذراً يا موت.. الحب أقوى لأن الله محبة

الإثنين، 24 يناير 2011 05:54 م
عذراً يا موت.. الحب أقوى لأن الله محبة جانب من حادث كنيسة القديسين
بقلم كارولين كامل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما يسمع المصريون عن حالة وفاة، يسرعون بنشر الخبر كالبرق لتقديم التعازى والمواساة والوقوف بجانب أسرة المتوفى بشتى الطرق، وتختفى الفوارق الإجتماعية والدينية، ولا يميز أحد ديانة الآخر فالكل يكسوه الحزن والدموع، ويتوجه الجميع إما للجامع أو للكنيسة للصلاة على المتوفى، ويتسابق الجميع للجلوس بجوار الأسرة المنكوبة.. مشهد ليس غريبا أو جديدا، فهو من أهم ما يميزنا كمصريين.. المشاركة فى الأحزان والأفراح.. ولعل الأحزان أكثر حيث يلتف الجميع لاحتضان الحزين والتخفيف عنه.

ولكن ما كان جديدا على المصريين هو حالة الفراق التى حدثت بين عدد كبير من أبنائه عقب حادث تفجير كنيسة القديسين، وهو رفض الطرف المنكوب التعزية أو المواساة من أخيه ناسيا أنه منكوب هو الآخر لتلك الحادثة البشعة، وما لمسته من تجربتى الشخصية كان حالة من عدم التوازن فى ردود الأفعال من جانب الطرفين.

كان المسيحى حزينا ومتألما رافضا أى مشاركة من أخيه المسلم ويعاتبه بنظرات لوم وكأنه المتسبب أو حتى راض عما حدث، وكان المسلم يحاول بشتى الطرق التبرير أو حتى الدفاع عن نفسه– رغم عدم حاجاته لذلك– ولكن فقط ليحاول التخفيف عن أخيه المكلوم وليثبت له أنه متألم مثله تماما، إن لم يكن أكثر منه لأنه يشعر بأنه مظلوم لما يراود أخاه المسيحى من شكوك تجاهه.

أصبح الأمر صراعا لإثبات حق الضحية والثأر من الجانى، نسى فيها كلا الطرفين ما يكنه للآخر وتحول النسيج الواحد لفريقين يتبادلان الحرب الباردة بالكلمات والتلميحات، حتى أن مكان العمل الواحد الذى يجمعنا شهورا تحول كمعسكر لفريقين ينظر كل منهما للآخر بتربص فى انتظار خروج كلمة ما ليرد عليها هو الآخر بسيل من الكلمات التى كلما خرجت كلما زاد الجرح والفراق.

نسى كل منا ما تقاسمناه سويا من أفراح وأحزان، وأن الهم مشترك، ولن يحصل الجانى على جزائه بتجريح كل منا فى الآخر، رحل شهداء الحادث- حادث كنيسة القديسين- وتركوا المصريين فى صراع، ارتاحوا من هموم العالم الفانى، وبقينا نحن نتطاحن، هل يشعر هؤلاء بسعادة ونحن فى حالة التمزيق تلك..؟ لا أظن.

تجاهلنا حقيقة أن الموت هو النهاية الحتمية لكل ذى نفس حى، وإن كان رحيل هؤلاء أفجعنا وآلمنا لبشاعة ما حدث لهم، ولكن الاستسلام للأحزان لن يعيد الراحلين، وما كان يحتاجه المسيحى من أخيه المسلم هو الاحتواء، احتواء للغضب والحزن، وكان من حق المسلم على أخيه المسيحى، ألا يصب جام غضبه عليه وهو غير متأكد من الجانى، لأنه تبقى فى النهاية سنوات العشرة والحب والمودة واقفة صامدة أمام تلك الأحداث التى لن تمنعها فرقتنا وتمزيقنا لأوصال الترابط والانقسام لفريقين.

لا أنكر أنى كنت من ضمن الفريق الرافض لكلمات المواساة وجرحت كلماتى أصدقائى ومن أحبهم، وجرحتنى قسوة ردود أفعال البعض، ولكن جاء عيد الميلاد بعد أسبوع على الحادث، فوجدت الاتصالات تنهال على ورسائل المعايدة، حتى أن كثيرين ممن انقطعت صلتى بهم لظروف ما، وجدتهم يتصلون بى ويهنئوننى بالعيد بل ويستأذنوننى لتعزيتى فلم أستطع كبت دموعى أبكى لشعورى بدفء حبهم وأخبرهم بأنى حزينة.

ولكن اتصالاتهم أعطتنى تعزية لأن الحب أقوى من الموت، ولأن الله محبة كما أخبرنا الكتاب المقدس، ومن لم يتصلوا بى من أقرب أصدقائى اتصلت أنا بهم أعاتبهم فأخبرونى بأنهم كانوا يخشون رد فعلى تجاه اتصالهم لما كنت فيه من حالة غضب، فأخبرتهم بأنى لن أتصل بهم فى عيد الفطر القادم وسأنتظر أن يتصلوا هم بى بما أننى أنا من قمت بالاتصال بهم فى عيد الميلاد.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة