إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر، ولابد لليل أن ينجلى، ولابد للقيد أن ينكسر.. كلمات قالها الشاعر التونسى أبو القاسم الشابى، وكأنه كان يستشعر المعنى العظيم لإرادة الشعوب – فلو تدبرنا كلمات الشاعر العبقرى لوجدناه بدأها باستخدام أداة الشرط (إذا)، وهى تعكس أن حياة الشعوب ورغبتها فى أن تحيا حياة كريمة، إنما هى مشروطة بالإرادة والرغبة فى تحقيق ذلك، فإذا ما انتفض الشعب المقهور.. المظلوم ضد ظلمته فلن يرده أحد وسوف يحصل على حريته حتما، لأن الله قد خلق الناس جميعهم أحراراً غير مستعبدين لأحد إلا هو، والويل كل الويل لمن يرضى الظلم على نفسه، والنهاية حتما معلومة لكل من يستهينون بشعوبهم أو يستخفون بهم أو يظنون أن صمتهم ضعفا وانكساراً أو أن شعوبهم قد تغمدها الله برحمته فأصبحت كالموتى، إن الشعوب المقهوره دائما ما يغلب عليها الصمت ظاهراً، ولكنها فى الحقيقة تغلى كما تغلى القدور على المراجل، وهو ما نطلق عليه السكون الذى يسبق العاصفة، وقد قام الشعب التونسى بتوجيه رسالة إلى كل الشعوب المقهورة المغلوبة على أمرها، لا تستهينوا بأنفسكم فأنتم الأعلون ولتعلموا أن قوتكم فى إرادتكم ونصركم فى اتحادكم، فكفاكم مهانة وانكسار – فنحن نعيش مرة واحدة يموت فيها الشجاع مرة، ويموت فيها الجبان كل يوم ألف مرة – حفظكِ الله يا مصر.
