خِدَاعٌ بَصَرِى قصيدة للشاعر محمد منصور

الإثنين، 24 يناير 2011 11:19 ص
خِدَاعٌ بَصَرِى قصيدة للشاعر محمد منصور الشاعر محمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وكأنَّهُ لم يستطعْ أنْ يختفى
فى الضوءِ منْ أوهامِهِ الأولى
وفطرَتِهِ الخبيثةِ:
كلما قالَ الحقيقةَ لم يُصدِّقْ نفسَهُ
أو كلما كَذِبَ انتبهنا
-وقتَ كذبَتِهِ-
إلى طيفِ الحقيقةِ وهوَ يلمعُ
فوقَ جبهَتِهِ:
نُصدِّقُهُ على أملِ الخروجِ مِنَ المتاهةِ
حامِلِيْنَ بريقَهَا قمرًا
يُضىءُ متاهةً أخرى:
كأنَّ دليلَنَا أعمى
كأنَّ سماءَنَا انكسرتْ إلى نِصفَيْنِ:
نصفٍ سوفَ تحمِلُهُ ملائكةٌ
لنعبرَ صوبَ رغبَتِنَا
ونصفٍ سوفَ تحمِلُهُ الشياطينُ التى كانتْ
تودُّ بقاءَنَا
لنظلَّ نبحثُ فى متاهَتِنَا المقدَّسةِ القديمةِ
عنْ متاهَتِنَا المقدَّسةِ الجديدةِ:
نُشعِلُ الشمسَ التى انطفأتْ
ونصعدُ قمةَ الفوضى
نُنَظِّمُ حالَ سكانِ الحضاراتِ التى بادَتْ
وظلَّ النقشُ يحفظُ شُعلةَ الصيادِ/ حكمَتَهُ،
لكى تحميهِ منْ وحشيةِ التاريخِ:
هلْ كانَ القدامى يعرفونَ مصيرَهُمْ
أمْ عشقُهُمْ للمستحيلِ
وخوفُهُمْ منْ صمتِ موتاهُمْ
وزقزقةِ العصافيرِ التى تبنى على شَجَرِ النهارِ
العُشَّ
هلْ إيمانُهُمْ بالصوتِ حرَّضَنَا على
أنْ نكتفى بالصمتِ حينًا
أو نُعلِّقَ صوتَنَا فوقَ الصدورِ
تميمةً ضدَّ الزمانِ ولعنةِ المجهولِ أحيانًا:
سننفخُ فى عروقِ الأبجديةِ رُوْحَ دهشَتِنَا
نُلَوِّنُ جسمَ هذا الكونِ باللونِ الرمادىِّ
(اليقينُ يُهادِنُ الشعراءَ، والشعراءُ ما زالوا على ثقةٍ بهِ)
سنظلُّ نسخرُ منْ مُهادنةِ اليقينِ لنا
وطيبَتِنَا التى خَلَعَتْ على جَسَدِ اليقينِ
عباءةَ التقديسِ:
سوفَ نُثبِّتُ الكاميرا على طيرٍ
سيبدو للمشاهدِ نقطةً سوداءَ فى جَسَدِ السماءِ
كأنَّ ثُقبًا سوفَ يتسعُ
الملائكةُ استغلتْ -فى ثوانٍ- ما بَدَا للناسِ ثُقبًا:
حيثُ فَرَّتْ منْ زنازينِ السماءِ إلى براحِ الأرضِ، وانطلقتْ
ملاكٌ صاحَ فى أقرانِهِ: الآنَ استعدوا، سوفَ ندخلُ آمنينَ الأرضَ؛ حيثُ –الآنَ- فى إمكانِنَا أنْ نخطئَ الخطأَ المقدسَ، أنْ نسيرَ على الترابِ ويملأَ الرُّوْحَ التباهى بالإرادةِ، أنْ نُشارِكَ هؤلاءِ الآدميينَ الطعامَ، ونشترى مِنْهُمْ، نبيعُ لَهُمْ، نُسامِرُهُمْ، ونضحكُ كلما قيلتْ -على شَرَفِ التواصلِ- نُكتةٌ، أو نتقيهمْ كلما خانوا، نُحارِبُهُمْ إذا أَسَرُوا ملاكًا، ثم نَعْقِدُ –إنْ أرادوا الصُّلحَ- صُلحًا.
والشياطينُ استغلتْ -فى ثوانٍ- ما بدا للناسِ ثُقبًا:
حيثُ فى إمكانِهَا الآنَ استعادةُ مُلْكِهَا المسلوبِ، فى مقدورِهَا أن تعتلى عرشَ الغَوَايَةِ مِنْ جديدٍ، أنْ تَرَانَا مِنْ عَلٍ كخليةِ النحلِ، الشياطينُ الأوائلُ علموا أحفادَهُمْ أن يعرفوا مِنْ حكمةِ الفانينَ كُنْهَ الخيرِ والشرِّ، السماءُ الآنَ خاليةٌ لهمْ؛ سيُغَيِّرونَ أثاثَهَا لتصيرَ لائقةً بِهِمْ، وغدًا يَرَوْنَ الوجهَ وجهَ حبيبِهِمْ.
والناسُ مِنْ تحتِ السماواتِ البعيدةِ، رافعينَ رؤوسَهُمْ، يتأملونَ الثقبَ فى هَلَعٍ كأنَّ قيامةً فى الأفقِ تدنو، أو كأنَّ دليلَهُمْ أعمى، كأنَّ سماءَهُمْ صارَتْ بلا عَمَدٍ، وبعدَ دقيقتينِ سيسقطُ العرشُ البعيدُ على الرؤوسِ، ولا نجاةَ مِنَ النهايةِ غيرَ أنْ يأتى ملاكٌ طيبٌ كى يغلقَ الثقبَ الخبيثَ ويَكْسِرَ الكاميرا.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة