د. نهلة درويش تكتب: العدوى حرقا

الأحد، 23 يناير 2011 06:44 م
د. نهلة درويش تكتب: العدوى حرقا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أمى.. رجاءً لا تدفعنى للموت حرقاً.. أو الموت شنقا.. رجاءً لا تزهقى روحى خنقاً.. رجاء اغدقينى حنانا واهتماما.. واغرقينى حبا.. رجاءً امنحينى مساحة للتعبير وفرصة للتغيير بطريقة واضحة ومدروسة لا يشوبها تعتيم أو تغبير.

فقط أريد العيش بكرامتى أمى.. أجد ما يكفينى من قوت يومى أمى.. لا أناضل أو أقاتل للحصول على حقوقى من خدمات ومصالح وتعليم ورعاية من المسئولين القائمين على تحديد الأمر الصالح.

أعلم أمى أن عيالك كثيرة.. وأصبحت مهمومة بأمور وقضايا مثيرة.. محاولة العمل على استقرار الأمن وضبط المخالف والمشاغب.. وتهذيب الضمير الغائب.. تسعين جاهدة توفير الخبز والغذاء.. وتقديم الدعم للفقراء.. تحرصين أنت على مكافحة الأمراض والأوبئة.. والحفاظ على بئية نظيفة غير ملوثة.. صحية الغذاء والماء والهواء.

ولكن أمى.. يبدوا أن بعض مجهوداتك التنموية غير كافية.. فبعض رعاياك من عيالك غاضبون.. ضاقت بهم سبل العيش ولا يسد جوعهم حبة الزيتون.. هانت عليهم النفس بإيذائها حرقاً. وإذهاق الروح خنقاً متناسين حرمة قتل النفس، وفقاً لما ورد فى تعاليم الدين والقرآن الكريم.. "أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً")) المائدة32((.. وكما ورد بالوصايا العشر: لا تقتل.. لا تسرق.. لا تكذب أو تشهد زوراً.. إلى آخر ذلك من التعاليم الدينية التى تنظم حياتنا الدنيوية.

لكن أرأيت أمى.. لقد تناسى عيالك التمسك بتعاليم الدين.. وحلاوة طعم الإيمان التى تمنحنا قوة المواصلة والجد والكد فى الحياة وتعمير الأرض.. وحب مساعدة الغير مهما كلفنا الأمر.. وانشغلوا عيالك بهموم حياتهم.. وقضاء حوائجهم بمشقة وعناء.. فعليهم دوما الهرولة والجرى.. للحاق بكافة الطوابير والحشر وسطها والهرى.. فبعض عيالك مطحونون فى أكثر من عمل ووظيفة.. وبعض منهم غير شغيلة يعانون من فراغ البطالة وقصر اليد لإعالة العيلة.. ودفع حق رغيف العيش وتعليم العيال.. أو تسريحهم لعلهم يجلبون بعض الجنيهات لسد عدد من الاحتياجات الضرورية لبقاء الأجيال.

رجاء أمى امنحينى بعضاً من الشفقة والرحمة ورفع الظلم عنى.. امنحينى كرامتى وإنسانيتى.. امنحينى حقوقى الإنسانية كما أقرتها الكتب السماوية والقوانين الدولية.. كل ما أطلبه هو العيش الكريم.. وأسلوب حياة سهل لا يجعلنى أتكدر غير مهموم البال أو حزين.. امنحينى درعاً واقياً ضد الشعور باليأس وسواد النظرة وكسرة الطلة.. حتى لا أصاب بالعدوى حرقا.. وأتمنى مغادرة الدنيا ضيقاً وحنقاً.. أو أفر هارباً لألقى مصيرى غرقاً.

فرجاء امنحنى درعاً واقياً وحصن أمان يقينى تقلبات الأيام وغدر الزمان.. لأنعم بعيشة آمنة وسلام مع أهلى وعشيرتى وأخوتى مسلم أو مسيحى كان..

أقر وأعترف، أمى أنك أنجبتى رجالاً ونساءً عظماء.. تفخر بهم الدنيا جمعاء.. منهم قادتى وقدوتى وأستاذتى.. مفكرين مبدعين وعلماء.. قدموا لنا روائع أعمالهم بذكاء.. فلكى كل الشكر أمى.. وتقبلى منى كل احترامى وتقديرى.. وأخيرا سامحينى أمى فلعل التقصير يكون منى.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة