منذ صغرى تعلمت درسا من والدى مفاده أن الطب أشرف العلوم كلها وكان والدى يشير لنا دائما بأن الإنسانية قبل الطب وله فى ذلك مثلان الأول هو طبيب العائلة فى بورسعيد والذى يعرفه من فى جيلى الدكتور روشن يزدى رحمه الله فقد كان مثالا للطبيب الإنسان كان معروفا بأنه طبيبا حاذقا يداوى المرضى ولا يخطىء العلاج وكان كريما مع البسطاء فلا يأخد منهم أى مبالغ مالية بل كان أيضا يعطيهم ثمن الدواء، كان المريض يذهب إليه محملا على الأكتاف فيخرج من عنده سائرا على قدميه لأنه كان يداويهم بكل محبة.
المثل الآخر هو الأستاذ الدكتور على سرور أستاذ أمراض القلب المعروف.
فقد كان أيضا مثلا رائعا للإنسانية المجسدة فى طبيب ولأنه طبيب أمراض قلب كان يعنيه إزالة عوالق هذا القلب المريض من آلام وحزن قبل التطبيب بالأدوية فى عيادته الخاصة كان يكشف يوميا على ستة مرضى فقط ويجلس مع كل مريض نصف ساعة فلا تتعجبوا من ذلك لأنه كان يفعل ذلك بهدف أن يسحب كل الإجهاد والإحباط من صاحب القلب العليل بأن يستمع له جيدا لمدة ربع ساعة ثم يقوم بالكشف عليه ثم إعادة الحوار مرة أخرى، كان بهذه الطريقة يُدخل الأمل والبهجة والإصرار على محاربة المرض فى نفس المريض فتقوى إرادته على مواصلة الحياة وأعبائها.
كنت أرى هذا الطبيب وهو يتحدث مع والدى وكأنه صديق حميم ويناديه بعم جمال وكنت أتعجب كيف له هذا الصبر الذى يصعب إيجاده مع غيره من الأطباء وسألته ذات مرة عن السر الذى يجعل أبى يخرج من عنده سائرا على قدميه وبدون مساعدة من أحد بعد معاناة طويلة ونحن فى الطريق إلى العيادة فى الهبوط من الدرج أو صعوده فقال لى بكل المحبة أنه يحاول أن يزيل الهموم أولا من القلوب التى وهنت من المرض ولكن الأهم منها تحفيز نفس المريض إلى أنه مازال له دور فى الحياة ليؤديه لرفع روحه المعنوية والتى بها يتغلب على آلام قلبه، ثم يكتب له بعد نظام غذائى صارم والقليل من الأدوية وبعض الرياضات الخفيفة، رحم الله هذا الطبيب الإنسان.
عصفت بى هذه الذكريات وأنا أتابع بإعجاب كبير على مدى سنوات عديدة فى الأخبار والصحف العالمية والقومية والفضائيات النجاحات الكبيرة التى حققها من لقبته الصحافة الإنجليزية بملك القلوب السير الدكتور مجدى يعقوب أستاذ جراحات القلب بإنجلترا، والذى حصل على لقب سير نتيجة جهوده المتواصلة فى تخصصه الدقيق من ملكة إنجلترا، وكنت اتخذ منه ومن الطبيبين الذين ذكرتهما فى بداية المقال مثالا وقدوة لى فى أن أعالج المرضى بكل إنسانية كما تعلمت درس والدى، كنت أشعر بالفخر أن لدينا مثل هذا العالم الراهب فى محراب غرف العمليات الدقيقة، وكيف يعيد النبض إلى طبيعته فى قلوب الكبار والصغار حتى الأجنة بداخل الأرحام.
وقد سعدت سعادة بالغة عندما رأيت رئيس الجمهورية يحتفى به ويكرمه ويضع أعلى الأوسمة فى مصرنا الحبيبة على عنقه وهى قلادة النيل.
إننى أحييه على أنه اختار مدينة أسوان ذات الهواء النقى والشعب الجميل المحب للحياة بعيدا عن زحام القاهرة وإثراء لقاطرة التنمية الصحية فى جنوب مصر، وعلى تبرعه بوقته وماله ليستمر العمل فى هذا الصرح الكبير لعلاج المحتاجين مفتتحا بذلك نهر العطاء الذى لا بد أن يفعل مثله كل القادرين ماديا بالتبرع بجزء من أموالهم فى مشاريع تنموية تخدم المجتمع كما يفعل الآن أغنياء العالم مشاريع يديرونها بأنفسهم لتعليم غير القادرين تعليما جيدا لتأهيلهم إلى سوق العمل، وأحيى أيضا الوزير الفنان فاروق حسنى وعائلته الذين تبرعوا بقصره وجزء كبير من ماله لمصر، وأعلم أنه يوجد العديد من أبناء مصر يقدمون دعمهم للطبقة الكادحة ولكن لا يكفى أن نسد جوعهم بل يجب أن نؤهلهم لسوق العمل بتدريب جيد على أداء العمل ليعتمدوا على أنفسهم فى النهاية.
وأقول أخيرا لملك القلوب د.مجدى يعقوب: أنت مثل رائع لكل مصرى وسفير لمصر بالخارج ولكل الشرفاء من أبناء مصر الذين وصلوا إلى أعلى المناصب بالعلم والاجتهاد لكم منى كل التحية والإجلال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة