بدعم من الصندوق العربى للثقافة والفنون، صدر مؤخرا عن دار البوتقة للنشر والتوزيع المجموعة القصصية المترجمة "حواس مرهفة" التى تضم قصصا فازت بجائزة كين وجائزة المجلة القومية الكندية، وقصصا ظهرت فى سلاسل المختارات القصصية أفضل القصص القصيرة الأمريكية والقصص الفائزة بجائزة أو.هنرى والقصص الفائزة بجائزة بوشكارت.
يصحب الكتاب القراء فى مسيرة كما الحلم إلى جنوب أفريقيا وكينيا وأوغندا متنوعة الأعراق، ونيويورك المتلألئة الصاخبة، وشواطئ كمبوديا الدامية، وكندا المثلجة، وصحراء العراق اللافحة، وشرق لندن إبان ثورة التصنيع لتجابه القصص قضايا الهوية والحرب الأهلية وويلات حرب الخليج الأولى وسياسات الإرث المتعدد من خلال رحلة لاكتشاف الذات والآخر.
وفى غضون الرحلة سوف تتكشف آلام الحرب والخسارة والارتطام بالآخر والعودة إلى الوطن لتراه العين للمرة الأولى، تنحسر كاملة فى بهجة لا تنقصها المهابة ولا السرد الخلاق.. وسوف يصطدم القارئ بصغار يكبرون ويتعلمون بأبشع الطرق فى نيويورك على حين يجرد الحرمان فى كمبوديا البشر من آدميتهم، وإلى ثلوج كندا لن تخفق ذروة القصة الرهيبة فى نسيان إحساس طافح بالوحدة، وفى غياهب الذاكرة والعقل وسط أجواء يهودية قد تحمل شيئا من السحر، تنفض دراما منزلية تتراءى فى الظاهر خالية من المتعة إلا أنها تتحلى بلحظات مبطنة مفعمة بالجمال، كذلك تتبدى معاناة الطبقة الفقيرة اللندنية فى رؤية سابقة على عصرها تنطق غضبا فى تناولها لخداع التدين الزائف وكفاح المرأة المتحررة وفقر الطبقة العاملة والزواج.. كما تكتنفنا أجواء الحرب العراقية لتفضح إحدى القصص ما يكابده الجنود من انتهاك عقلى متواصل تحت لواء الوطنية فيستوقف القارئ المرة تلو الأخرى غرابة تعبير "نيران صديقة".
وينعم الكتاب بحس مفعم بالعاطفة وإن تلون بنبرة ساخرة.. ولغة القصص محكمة بليغة ضاجة بالفكاهة.. وها هى حكايات ترنو بعين العطف تارة وعين القسوة تارة إلى مجموعات شتى من البواعث والأزمات، يسردها أحيانا كتاب أفارقة يكتبون بالإنجليزية فالكتابة بلغتهم الأم تعنى "تحرك قوات الشرطة" ، حكايات عن التشرد والهزل والبلوغ والدعاية السياسية ودائما وأبدا فقدان العقل وحواسه المرهفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة