قليلة جدا الأعمال المسرحية التى يتم إعدادها، ولا تفقد حالتها المسرحية، فدائما كل الأعمال "الممصرة" تحمل أشكالا متعددة من التغريب سواء فى القضايا المطروحة أو فى الشكل، لكن المخرج أكرم مصطفى نجح فى تحويل النص المسرحى التركى "مطعم القردة الحية" للكاتب غونكور ديلمان وانتزاع حالة التغريب منه، والتقط فكرة الغزو الأمريكى للعقول ونسج حولها حدوتة تخص مصريتنا وحضارتنا من خلال الشاب صالح المعدم الذى يعانى الفقر والحاجة، ويدخل مطعم فيستمع لحديث بين شخص أجنبى يدعى جورج وصاحب المطعم حول صفقة لبيع قطعة آثار، فيقرر دخول الصفقة برأسه، فيتنازل ويبيع مخه بدلا من قطعة الآثار للأجانب فى مقابل مليون دولار ويرسله لوالده وإخوته مع صديقته التى تعرف عليها بالمطعم، فبعد أن ضاق به الحال، وتعذر عليه أن يتقدم لخطبة حبيبته قرر أن يستسلم للموت.
ورغم أن العرض شديد السوداوية والقتامة إلا أنه يحمل بعض اللمحات الكوميدية أحيانا من بعض الممثلين، والتى تخرج بتلقائية من طبيعة الموقف والحدث، وهذا يشارك فيه جميع الممثلين أحمد لطفى فى دور "نانو" الذى قدمه بروح مرحة ومجدى عبيد فى دور "حسونة" صاحب المطعم والقدير رشدى الشامى فى دور "جورج" الذى يعرف كيف يوظف انفعالاته جيدا، وحتى أكرم مصطفى فى دور صالح يقدم لمحات كوميدية تخرج من مأساته.
تقدم أيضا الممثلة وسام صبحى دور "ديانا" ببراعة شديدة وخفة ظل وتشكل مع رشدى الشامى "ثنائى جيد".
وهناك أيضا شمس الشرقاوى التى تقدم دور "ريرى" الفتاة التى تتعاطف مع صالح وتحاول منعه من بيع مخه وبنفس القدر من البراعة التى قدمت بها وسام دور ديانا تساوت معها شمس فى الأداء المنضبط دون انفعالات زائدة.
ولو تركنا أداء الممثلين، وتحدثنا عن الديكورات والملابس التى صممتها ونفذتها مها عبد الرحمن سنجدها عنصرا وعاملا مهما جدا فى نجاح العرض، إذ استطاعت أن تنقل الإحساس بجو المطعم رغم صغر حجم القاعة، وأدخلت الطراز الفرعونى فى الديكور لتعطى دلالات متعددة، ومن ضمن النجاحات فى العرض الموسيقى تلك التى صنعها محمد الشاذلى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة