نشرت صحيفة "اليوم السابع"، بتاريخ 19 يناير 2011، ما نصه "أفتى عدد من علماء الأزهر، أعضاء مجمع البحوث الإسلامية، بحرمة إقدام المواطنين على الانتحار بحرق أنفسهم، احتجاجاً على فشلهم فى حل بعض المشاكل التى يواجهونها، مؤكدين أن إقدام أى شخص على فعل قد يؤدى إلى هلاك النفس، هو انتحار محرم شرعا يودى بصاحبه إلى النار، ويخرجه من ملة الإسلام.. وندد علماء الأزهر بالفتاوى المتشددة التى تطالب شباب الدول الإسلامية بإحراق أنفسهم والخروج على الحكام، والثورة فى بلدانهم سعيًا نحو التغيير، مؤكدين أن التغيير له ضوابط شرعية، وأن تلك الدعوات تتنافى مع ما جاء فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وتتعارض مع مقاصد الشريعة الإسلامية التى جاءت لحفظ النفس والبدن".
وأضاف علماؤنا الأفاضل: "ننصح الشباب الذين تسول لهم أنفسهم هذه الوسيلة للحصول على بعض المكاسب، أو استخدامها كاحتجاج سياسى، فإنه يخطئ خطأ فى حق نفسه باعتقاده بإصلاح غيره، وهناك وسائل كثيرة بديلة للإصلاح تحفظ النفس والبدن، وله من هذه الوسائل السلمية ما يحقق حفظ النفس كمقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية وحفظ الغير، ولا يمكن أن تحفظ مقاصد الشريعة بهلاك النفس.. فما كان العنف سبيلا أبدا إلى السلم، فالعنف يولد العنف، والدم يلد الدم، وكما قال الله تعالى: "والفتنة أكبر من القتل"، فالانتحار بكل أشكاله وأنواعه حرام، وهو يأس وهلع وقنوط من رحمة الله، وأنه "لا ييأس من رحمة الله إلا القوم الكافرون"، والمسلم معرض للابتلاءات، وعليه أن يصبر عليها حتى ينجو".
لقد استند هؤلاء العلماء فى توجيه فتاواهم ونصائحهم إلى العديد من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية المطهرة، ومن ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه"، وهنا ليسمح لى علماؤنا الأفاضل، بالسؤال: أليس ما تشهده دولنا ومجتمعاتنا كل يوم بل كل ساعة بل كل دقيقة، هدما لهذا الإنسان، وتحطيمًا لقدراته المادية والمعنوية وسحقًا لآماله وطموحاته، وهو يرى الفساد والاستبداد والتسلط يهيمن على كل ركن من أركان حياته؟
لماذا توجهون دائما الفتاوى للمقهورين والمستعبدين فى الأرض، ولا توجهونها للفاسدين المفسدين من الطغاة والمرتشين؟ لماذا يجب علينا نحن ـ من المستضعفين فى الأرض ـ أن نسمع لكم، ونكون هدفاً لفتاواكم ونصائحكم، وولاة الأمر فى مأمن منها، أم أنهم معصومون من الخطأ والزلل، وهداة لنا فى الأرض علينا لهم السمع والطاعة، وعليكم لهم تثبيت الأركان، ولى عنق الحقائق؟
ياعلماءنا وأساتذتنا، نشكر لكم نصائحكم، ولكن أليس من أعظم حقوقنا عليكم، "شهادة حق عند سلطان جائر"، أم أن هذا ليس دوركم؟ وكل دوركم سكب المزيد من اليأس والإحباط على اليائسين المحبطين، الذين قدمتموهم إلى الخنوع والذل والمهانة عبر قرون، بدعوى الصبر على السلطان ولو كان ظالماً؟ أم أن دولة الظلم تدوم عندكم ما حييتم وتنعمتم فى خيرات مفسديها وولاة أمورها؟ ودولة العدل لا قِبْل لكم بها، أم أن الحرص على العدل ليس من الدين فى شىء؟
يا علماءنا وأساتذتنا، أليس ما يقوم به ولاة أمرنا مدعاة للفتنة، التى هى اشد من القتل كما تقولون؟ أليس الاستبداد والقهر مصدرا للفتنة؟ أليس الغش والفساد وإهمال حقوق العباد، مصدرا للفتنة؟ أليس احتكار السلطة وتوريثها واعتبارها حقا مكتسباً يرثها الأحفاد عن الأبناء عن الأجداد، مصدرا للفتنة؟ أليس اعتبار ثروات الدولة ومقدراتها، ملكا خاصاً يتم توزيعه على الأعوان والأتباع وبطانة السوء مصدراً للفتنة؟
يا علماءنا وأساتذتنا، إنها ليست دعوة للانتحار، أياً كانت الوسيلة، فكل منا يقدس الحياة، ويسعى بكل ما أتاه الله من جهد، أن يحقق الغاية التى من أجلها خلقه الله، ألا وهى عبادة الله وعمارة الأرض، ولكن كل ما نرجوه منكم، أن تعدلوا.. نعم اعدلوا.. و اعقلوا.. وحددوا لمن توجهون فتاواكم ونصائحكم، التى يجب أن تكون لولى الأمر وليس للمأمور، للسيد وليس للعبد، للحاكم وليس للمحكوم، للمستبد وليس للمقهور، أما نحن فنعرف طريقنا، ونعرف أيضاً مصدر فتاوانا، إنه "قلبنا"، أم أنه ليس من الدين "استفت قلبك وإن أفتوك"، وقلوبنا تقول لكم الآن، اتقوا الله هنا، وكونوا قدرًا للمسئولية التى أودعها الله فى العلماء.. ارحمونا يرحمكم الله.. !!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة