كتب عبد الحليم سالم وحسن مشالى وحسن عبد الغفار ومحمد صالح وجمال حراجى ومحمد سليمان وهناء أبو العز وحسن مختار وماهر أبو نور وفايزة مرسال
تمحورت خطبة الجمعة اليوم بجميع محافظات مصر على "تحريم الانتحار"، وبيان الموقف الشرعى لقتل النفس الإنسانية، فى ظل تزايد أعداد المنتحرين خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة بعد قيام العديد من المواطنين بإشعال النيران فى أنفسهم، اعتراضاً على تدهور الحالة الاقتصادية، والمشاكل التى يمرون بها، بينما لم يلتزم العديد من الخطباء بكفر الشيخ بتوجيهات وتعليمات وزارة الأوقاف بتخصيص خطبة الجمعة عن الانتحار.
ففى العريش، تناول عدد من خطباء الجمعة ظاهرة الانتحار وجرمانيتها فى الإسلام وتكفير من ينتحر، واعتبر عدد من الخطباء فى مساجد الرفاعى والنصر والمالح وعمرو بن العاص وعدد ضئيل من المساجد أن من ينتحر هو فى النار، وفقا للإسلام وما ورد فى القرآن الكريم وفى أحاديث النبى، صلى الله عليه وسلم، مشيرين إلى أن الإسلام فتح باب الهجرة والسعى فى الأرض حال إن ضاقت السبل بأى إنسان فى الحياة.
وتحدثت بعض مساجد سيناء، خاصة فى مدينة القنطرة غرب بالإسماعيلية، عن ظاهرة بعيدة عن الانتحار، وهى الانحلال الاجتماعى، وترويج بعض الفنانين للانحلال من خلال الأفلام الإباحية أو الجنسية، ودور ذلك فى تدمير المجتمع والتباهى بالمغامرات الجنسية لبعض الكتاب والإعلاميين فى أعمالهم الروائية، وحدد خطيب مسجد النور أحد الكتاب ومخرجة سينمائية مشهورة بالقيام بذلك تقليداً للغرب.
وفى مطروح، التزم خطباء معظم المساجد التابعة للأوقاف بتعليمات الوزارة حول موضوع تناول خطبة الجمعة اليوم لمشكلة الانتحار، بينما لم تلتزم بهذه التعليمات المساجد الأهلية المنتشرة بالمحافظة، حيث تنوعت الموضوعات التى تناولها خطباء هذه المساجد بعيداً عن موضوع الانتحار.
ودارت خطبة الجمعة التى ألقاها الشيخ على حامد الرفاعى، إمام وخطيب المسجد الكبير بمدينة مرسى مطروح، حول حرمة الانتحار وجزاء المنتحر فى الآخرة، مؤكداً أن ذلك التصرف يعد خروجاً على صحيح الدين، ودلل الرفاعى على ذلك بآيات من القرآن، وأحاديث السنة، وطالب بالابتعاد عن إزهاق النفس بالانتحار، لكى لا يكون الإنسان قد خسر دنياه وآخرته بهذا التصرف.
كما تناول خطباء المساجد بجميع مراكز المنيا الحديث عن قتل النفس التى حرم الله، وأن الروح التى فى الجسد ليست ملكاً لابن آدم، إنما هى ملك لخالقها، وأن الدين الإسلامى وجميع الأديان السماوية حرمت قتل النفس سواء عن طريق تناول السموم أو الانتحار أو إشعال النار فى الجسد.
وأكدوا أن من يقوم بذلك فهو فى نار جهنم، مستشهدين بآيات القرآن والأحاديث النبوية، كما أكد الخطباء أن الشيطان يتملك الإنسان الضعيف فقط ويحاول السيطرة عليه، حيث إنه يجد فيه الأرض الخصبة لدفعه إلى أى عمليات إجرامية.
وطالبوا جميع المسلمين باللجوء للقرآن والتعرف أكثر على سير الصحابة وطالبوا الشباب ألا ينساقوا إلى الطريق الأسود، وأن الحالة الاقتصادية ليست مبرراً لأن يقدم الشاب على أى عمل يصفه الناس بالإجرامى، لأنه يتسبب فى ترويع أمن المواطنين وتعرض حياتهم إلى الخطر، وأشار الخطباء إلى أن أى عمل من هذا النوع يغضب الله عز وجل.
وفى الدقهلية، قال خطيب الجمعة بمسجد السلام بالمنصورة، إن الانتحار جريمة كبرى وسوء خاتمة، فالذى يقتل نفسه فراراً من مصيبة أو ضائقة أو فقر أو نتيجة انفعال وغضب، فإنه يعرض نفسه لعقوبة الله تعالى، فقد قال سبحانه وتعالى "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً"، والرسول، صلى الله عليه وسلم، يقول "من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يلجم بها بطنه فى نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه فى يده يتحساه فى نار جهنم، ومن ابتلى بمصيبة فصبر كان ذلك رفعاً لدرجاته"، والمصائب أنواع فتكون مرضاً أو فقد مال أو فقد حبيب كابن أو أخ أو والد أو زوج أو زوجة، فالله تعالى يبتلى عباده بالنعم والمصائب، وهى الخير والشر كما قال تعالى "ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون".
وأكد أن الله كرم بنى آدم وخلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة بالسجود له واستخلفه فى الأرض "وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس بك قال إنى أعلم ما لا تعلمون"، وكذلك فقد كرمه على سائر مخلوقاته.
ويقول الشيخ سعد الفقى، وكيل مديرية الأوقاف بالدقهلية، "أمرنا الله تعالى بالحفاظ على أنفسنا لأننا من صنيعة الله ومن تكوينه ومن ثم فقد حرم الله أن يعتدى الإنسان على غيره أو على نفسه، لأنه بنيان الله فى الأرض ولا يجوز هدمه بأى حال من الأحوال، ومن ثم حرم أن يقتل نفسه أو غيره، وفى الحديث الشريف "الإنسان بنيان الله ملعون من هدمه" والانتحار جريمة نكراء محرمة فى كل الشرائع السماوية لاسيما الإسلام" قال تعالى "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة".
وشهدت محافظة الإسماعيلية اليوم فى معظم مساجدها داخل المدينة وخارجها إدانة شديدة للانتحار ووصف خطباء الجمعة اليوم بأن المنتحر كافر ومصيره النار.
وقال شيخ مسجد المطافئ، أكبر مساجد مدينة الإسماعيلية، ويقع وسط البلد بعرايشية مصر فى خطبته اليوم، إن الإنسان صنعة الله ولا يجوز تشويه صناعة الله عز وجل.
وفى كفر الشيخ، لم يلتزم العديد من الخطباء فى مدن وقرى المحافظة بتوجيهات الأوقاف بتخصيص خطبة اليوم لبيان الموقف الشرعى للانتحار وقتل النفس الإنسانية، بسبب انتشارها فى الآونة الأخيرة وقيام العديد من المواطنين بمحاولة الانتحار.
ففى مدينة كفر الشيخ، اختلف موضوع الخطبة من مسجد لآخر وكذلك مساجد المدن والقرى المنتشرة بالمحافظة فكانت موضوعات الخطبة ما بين "التوبة وشروطها – هلاك النفس والانتحار – الربا وآثاره – الوحدة الوطنية وآثارها – الإيمان والعمل الصالح – عذاب القبر – الحرص على أداء الفرائض – إتقان العمل".
والمساجد التى التزمت بتوجيهات الأوقاف أكدت أن الإسلام حرم القتل عموماً سواء قتل النفس بالانتحار أو قتل الغير وترك القصاص لأولى الأمر "يقصدون الحكومة" لأنها هى الموكلة لها عملية القصاص.
وقد أثار عدم التزام المساجد تساؤلات عدة من المصلين الذين عرفوا توجيهات الأوقاف، وكان للخطباء ردهم أن كفر الشيخ من المناطق التى يندر فيها وجود من يقدمون على هذا العمل لأنه مجتمع ريفى ملتزم ولمعرفة الكثيرين حرمة قتل النفس وتعرضها للهلاك.
وفى الإسكندرية، توحدت خطب صلاة الجمعة اليوم بمساجد الإسكندرية حول فساد المسئولين الذى جعل الشعب يلجأ إلى محاولات الانتحار بطريقة علنية للتعبير بها عن غضبهم مقارناً بين الناس فى عهد الصحابة أبى بكر وعمر بن الخطاب وبين الآن، حيث أكد إمام مسجد عباد الرحمن أن الناس فى عهد عمر كانوا لا يحتاجون إلى شىء حتى إنه كان يقول، "هل من دائن فأسد عنه دينه"، وكان يزوج من لا يملك المال من بيت مال المسلمين، وكان يحمل أجولة الدقيق بنفسه فى الليل إلى المحتاجين حتى إنه كان ينام تحت شجرة فقيل له "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر" وقال لزين العابدين، "حكمت فظلمت فخفت فهربت يا عابدين".
ووجهت الخطبة للشباب دعوة بالتوكل على الله والإيمان به والسعى للإصلاح والثقة بقدرة الله على نصرته دون اللجوء على الكفر بالله والانتحار.
وفى البحر الأحمر، ألقى الخطبة الشيخ شوقى عبد اللطيف، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، وتناول فى خطبته تحريم الدين الإسلامى للانتحار وحرق النفس، والإضرار بالبدن، كما طالب المستثمرين بمعاونة الدولة فى خلق فرص عمل للشباب للحد من البطالة .
فى الوادى الجديد، كانت توجيهات مديرية الأوقاف لكل الخطباء بشكل ضمنى عن محورين أساسيين، هما تحريم الانتحار وقتل النفس، مهما كانت الأسباب، وهو ما التزم به معظم خطباء المحافظة وتطرق بعضهم عن أسباب الرزق والسعى إليه، وطرحوا نماذج عن الصبر وجزاء الصبر، وآخرين تطرقوا إلى الحديث عن فرص العمل وأنها ستكون متاحة بشكل كبير خلال الأيام القادمة، وفقا لإمام مسجد عمر بن الخطاب بحى الخارجة القديمة، والبعض الآخر تحدث عن القناعة والرضا مستهدفا نفس الموضوع وهو تحريم الانتحار.
والمحور الثانى عن تماسك المجتمع والتعايش ودعم أواصر الوحدة الوطنية إلا أن الكثير من الخطباء لم يلتزموا بذلك لأن المجتمع الواحاتى ليس فيه أى احتقانات طائفية، وتطرق معظمهم إلى الحديث عن موضوعات تمس هموم ومشاكل المواطن، ومنها مشكلة زيادة رسوم دخول المستشفيات والتى ألغاها مجلس محلى المحافظة مؤخرا بالإجماع، والبعض الآخر تحدث عن قضايا عامة لا تتعلق بالأحداث الجارية وإنما كانت تدور حول حسن الخلق وجزاء العمل الصالح وغير ذلك من القيم الحميدة.
وفى جنوب سيناء، استنكر الشيخ جلال شريف، مدير إدارة الدعوة بمديرية الأوقاف بالمحافظة، إقدام بعض المواطنين على الانتحار، وقتل النفس بدون حق الذى حرمه الإسلام، وأشاد بقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، "من تردى من جبل "أى ألقى نفسه" فقتل نفسه فهو فى نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسا سماً فقتل نفسه فسمه فى يده يتحساهُ فى نار جهنم خالداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يتوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً".
خطبة الجمعة فى المحافظات تدين المنتحرين..والخطباء يؤكدون: الحالة الاقتصادية ليست مبرراً على قتل النفس.. وإمام بالإسكندرية: "حكمت فظلمت فخفت فهربت يا عابدين".. وخطيب يتهم بعض المثقفين والفنانين بالفجور
الجمعة، 21 يناير 2011 08:15 م
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة