حنان كمال

مصر.. موت لا يفضى إلى ثورة

الخميس، 20 يناير 2011 09:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فاتحة:
قبل أن تقرأ.. لا تنس قراءة الفاتحة لروح عبد الحميد شتا.. الشاب النابغ الذى انتحر قبل تسع سنوات.. ولم تقم الثورة فى مصر.. لو كنتم قد نسيتم الواقعة فشتا قد انتحر بعد رفض تعيينه بوزارة الخارجية، رغم نبوغه المشهود، استبعاد شتا تم تحت لافتة أنه غير لائق اجتماعياً لأنه ابن فلاح بسيط.. فألقى بنفسه فى النيل تاركا هذا البلد والحياة بأكملها للائقين اجتماعياً والعائشين على هوامشهم.

إحصاءات:
بعد عبد الحميد شتا توالت حوادث الانتحار فى مصر لأسباب اقتصادية واجتماعية حتى إن تقريرا لجريدة لوس أنجلوس تايمز يحصى حالات الانتحار فى مصر بـ4200 حالة، كان هذا إحصاء 2008، مسجلاً ارتفاعاً لافتاً عن السنوات التى سبقته من 1160 حالة عام 2005 لـ3700 حالة فى عام 2007، أما الديلى نيوز البريطانية فقد قدرت عدد المنتحرين فى 2009 بـ104 آلاف مواطن، ويبدو أنها اعتمدت على الإحصاء الرسمى الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء سنة 2009 الذى يورد نفس الرقم، مضيفا أن 5000 منهم قد نجحوا فى التخلص من حياتهم والعبور لرحمة الله فى العالم الآخر، و60 % من المنتحرين فى عمر الزهور ما بين 15 و25 سنة.

بدورها فإن منظمة الصحة العالمية تقدر عدد المنتحرين فى مصر 183 حالة شهريا.

لو:
أحيانا نصفها بأنها "حرف شعلقة فى الجو".. لكنها فى الحالة المصرية لا تؤدى إلى شعلقة طائرة الرئيس فى السماوات بحثا عن ملاذ آمن.. فلو كان الانتحار يؤدى إلى ثورة فى مصر لما تتابعت حالات شعلقة المواطنين تباعا على مشانقهم الاختيارية على خطا شتا فى السنوات التالية.. لو كان الانتحار يؤدى إلى الثورة فى مصر لكان عبد الحميد شتا هو مفجر الثورة الأكبر فى العالم العربى وليس محمد بو عزيزى.. الرحمة لأرواحهم جميعا.

من هنا وجب أن أنبه جحافل إخواننا حاملى جراكن البنزين المتوجهين للانتحار أمام مجلس الشعب أنهم لن يدفعوا بقية الأحياء للثورة، هم قد يحققون مرادهم بالتخلص من حياتهم فى مصر التى هى ليست وطنا نعيش فيه.. بل هى وطن يعيش فينا ويتلبسنا كشيطان يحول حياتنا لجحيم.. عزيزى المنتحر: لا تكرر تجارب الآخرين، فالمنتحرون فى الحالة المصرية لا يبدعون.. والثورة لا تحدث بلا إبداع.

اضحك مع الشرطة:
التناول الهزلى لاستلهام الحدث التونسى لم يقتصر على فهم بعض المصريين أنهم سيقتبسون الحدث التونسى بالمسطرة.. انتحار فثورة فرئيس هارب ومخلوع.. التناول الهزلى امتد لأجهزة الأمن التى بدورها حظرت بيع البنزين فى جراكن.. والتى منعت التصوير لحالات الانتحار حتى تحرمهم من نجومية اعتقدت أنهم يطمحون لها على شاشاتها الفضية.. والتى وصفت المنتحرين بالمختلين عقليا فى تفسير يبدو أنه من ثوابت كلية الشرطة للتعامل مع الحوادث ذات التداعيات الخطيرة والجادة.

فى اليوم التالى لسقوط النظام التونسى تصور البعض أنه وعلى طريقة أنظمة الجزائر والأردن قد تقوم الدولة بتقديم هامش من التيسيرات للمواطن، تخفيض أسعار، تقديم خدمات، إعانات.. لكن فى مصر لا أحد يفعل شيئا سوى جهاز أمنى يتعثر أمام شلة من المنتحرين.

الموت الأليف:
أخيرا.. عزيزى المنتحر لا تعول كثيرا على أن موتك قد يدفع آخرين للثورة.. فالموت فى مصر يومى ومجانى ولأتفه سبب.. قد تموت فى عبارة غارقة.. أو حادث إطلاق نار يرتكبه مختل عقليا متروكا مطلوقا فى خلق الله ينفذ قدر الله ساعة اللزوم وقد تموت لا قدر الله فى حادث مرور بسبب الشبورة، وقد تموت موتا بطيئا بالأغذية المسرطنة والمياه الملوثة وقد تموت لأنك غير لائق اجتماعيا وغير قادر على دفع فاتورة مستشفى تتركك مرميا على بابها.. الموت فى مصر كما هو قريب.. هو أيضا أليف يتعايش مع المصريين ويتعايشون معه، والمصريون يقبلون أن يموتوا فى أى خانة من الخانات السابقة لكنهم لا يفضلون الموت على طريقة 66 تونسيا قتلوا برصاص قوات الأمن قبل أن تنتصر إرادتهم ويرحل الرئيس غير المرغوب فيه ليلة 14 يناير. الفاتحة على أرواح الجميع.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة