رسالة قوية يوجهها تاريخ مصر لكل من أراد أن يزعزع استقرار مصر، أو ينشر بذور الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.
فمصر عبر تاريخها لم تشهد نزاعا طائفيا، أو حربا أهلية بين أبنائها، وما يحدث من صراعات كان بين قوى خارجية طامعة فى مصر، أو حكاما يتصارعون على كرسى الحكم، وتفردت مصر بين جيرانها بمقومات ساعدت على بقائها وتلاحم أبنائها، كالتدين والأصالة، والوطنية والفداء والحرص على الكرامة والوحدة بين أبنائه.. فتجدهم متلاحمين ضد قوى البطش والطغيان، حتى فى أحلك الظروف والأزمات التى مرت بمصر عبر عصورها، ففشلت كل محاولات القوى الخارجية فى نشر بذور الفتنة بين أبنائها. وعبر النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك خير تعبير فى حديثه –صلى الله عليه وسلم: "إذا فتح الله عليكم مصر، فاتخذوا فيها جندا كثيفا، فهم خير أجناد الأرض"، وذلك للترابط بين أبنائها.
فأبدا لن تكون مصر ميدانا للصراع بين أبنائه، ومهما نفثت أبواق الشر سمومها، ودعاة الفتنة والكراهية، لأن رب العزة سبحانه وتعالى قال فى كتابه العزيز: "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" أبلغ شهادة ورد على كل من يحاول أن يمس أمن مصر، ويزعزع استقرارها، ونشر الفتنة والوقيعة بين أبنائه.
وليفعلوا ما يفعلوا.. فلن تتغير مصر، ولن تهتز لنا شعرة.. لا ولن تنتهى مصر.. فالتاريخ يقول ذلك!! ولن تفلح محاولات دعاة الفتنة فى تحقيق ما يصبون إليه؛ لأن مصر وراءها تاريخ عريق وشعب أصيل (وليس عنصرى الأمة كما يقال خطأ.. بل الأمة عنصر واحد سواء أكان مسلما أو مسيحيا.. ذلك العنصر هو مصر).
ويميل هؤلاء إلى اللعب على ما يمس الشعور المصرى، وهو الدين ليزكى النيران تأججا، وتندلع بذور الفتنة بين أبنائه، ويحسن هؤلاء اختيار زمان ومكان ارتكاب جرائمهم، لنشر بذور الفتنة والطائفية فى مصر على أساس أن هناك مسلمين ومسيحيين.
وهؤلاء أشبه بالطابور الخامس الذى يلعب دوراً أساسياً لصالح القوى الخارجية التى تتحين الفرصة للانقضاض على مصر، وتنتظر الوقت المناسب لتحقيق ما تريد، ولا يهمها مسلمين ولا مسيحيين، وتنجرف وراءها بعض التيارات الحنجورية التى ترفع شعارات زائفة بدعوى حقوق الإنسان، والحرية الدينية، وحقوق المواطنة, والاضطهاد الدينى.
ولا يهمها حقوق الشعب المصرى سواء أكان مسيحيا أو مسلما، بل ينطلقون مدفوعين لأن سادتهم فى الغرب يريدون ذلك، ويحركونهم وقتما يشاءون، حتى فشلت كل محاولاتهم فى زعزعة أمن واستقرار مصر. وتعود هذه الفئران إلى جحورها تجر أذيال الخيبة والفشل، وهم لا يعلمون بأن الطائفية لا تؤثر فى مصر، ولا يرفع المسلم السلاح فى وجه المسيحى، أو المسيحى فى وجه المسلم، بل يرفعونه فى وجه عدو واحد هو الذى يحاول نشر الفتنة والوقيعة بينهم.
لا نقول أو ندعى ذلك، بل التاريخ.. والغرب يعلم عنا أكثر وأكثر، وفى أحلك الظروف سبق أن لعب الاستعمار على نزعة الطائفية ظنا بأن مسيحى مصر سيفتحون له ذراعيهم وينخدعون بالشعارات الزائفة, ويساعدونهم فى احتلال مصر، لكنه فشل ولم يستطع أن يستميلهم لأنهم مصريون يعيشون على أرض مصر مع إخوانهم المسلمين يشربون من نيل مصر.
وانتفض المصريون مسلمين ومسيحيين ضد كل قوى البطش والظلم والاستعمار، وتلقت صدورهم رصاصات الاحتلال التى لم تفرق بين مسلم ومسيحى، لأن المحتل لا يهمه طوائف بعينها بل مصلحته فقط.
واختار الخديوى إسماعيل نوبار باشا كأول رئيس للوزارة المصرية، وتولى بطرس غالى (ولم يكن اغتياله لنزعة دينية، ولكن لاختلاف سياسى) ومكرم عبيد ويوسف وهبة كذلك، ولم يثر الشعب أو يعترض بحجة الاختلاف فى الدين لأنهم مصريون، والمصريون لا تؤثر فيهم النزعة الطائفية، حتى اللورد كرومر نفسه ذكر فى كتابه "مصر الحديثة": لا تستطيع أن تفرق بين المسلم والمسيحى، غير أن المسلم يصلى فى المسجد، والمسيحى يصلى فى الكنيسة.
من هنا نذكر بأن كل محاولات الوقيعة والفتنة ستبوء بالفشل، ونهمس فى آذانهم بأن يتركوا مصر، لأنها أكبر من أن تؤثر فيها رصاصات الغدر أو تفجيرات طائشة، لأن هذا قدر مصر أن تكون مستهدفة لأنها قلب العروبة، وقلب الشرق، وقلعة الإسلام التى تحميه، وتحافظ على حقوق المسيحيين.. ولا يلعبون على وتر الطائفية وتقسيم مصر لأن مصر ليست العراق أو السودان، بل وطن كل المصريين مسلمين ومسيحيين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة