الفيلسوف المصرى المسيحى الذى انتصر للإسلام

الخميس، 20 يناير 2011 10:49 م
الفيلسوف المصرى المسيحى الذى انتصر للإسلام محمد الباز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ دافع عن أبى بكر وعمر وعمرو بن العاص وأنصف زوجات النبى
عن رجل مختلف فعل شيئا مختلفا لم يعتده الناس فى زمن أصبح شعاره الفتنة الطائفية، وضع الكاتب الصحفى محمد الباز هذا الكتاب، مكتشفا كاتبا وفيلسوفا شجاعا اسمه «نظمى لوقا»، اعتبره البعض مجنونا، ورآه البعض الآخر شخصا يخطب ود الأغلبية بكتب كثيرة عن دينهم ورسولهم، ولكن الباز وحده رأى فى هذا الرجل فيلسوفا ونموذجا يملك الكثير من الحلول التى نعانى منها الآن، فى هذا الكتاب الذى يحمل عنوان «إسلاميات كاتب مسيحى» يناقش الباز شجاعة المفكر المسيحى نظمى لوقا النادرة من خلال كتبه الستة التى كتبها عن الإسلاميات.

وكما يقول الباز فى مقدمته بعد كتابه «محمد الرسالة والرسول» كتب نظمى خمسة كتب فى الإسلاميات، كانت كما قال هو ردا على من شككوا فى عقيدته، ومن رفضوا أن يكتب مسيحى منصفا للإسلام، هى على التوالى، «محمد فى حياته الخاصة»، و«أبوبكر حوارى محمد»، و«عمر الرجل والمثل والقدوة»، و«عمرو بن العاص»، و«أنا والإسلام»... وهو الكتاب الذى أصدره بعد ربع قرن كامل من صدور «محمد الرسالة والرسول» وفى كل هذه الكتب دافع عن الرسول وأصحابه عمر وأبوبكر وعمرو بن العاص دفاعا مدروسا.

دافعى الأساسى لهذه الدراسة المكثفة أن أساهم فى عرض حالة نادرة من التسامح، لكاتب مسيحى ينصف الإسلام ورسوله وكتابه، من أرضية العلم الموضوعية البحتة، فهو لم يتخل عن مسيحيته، بل يرى أن إنصاف الإسلام جزء لا يتجزأ من إيمانه بعقيدته وإنتمائه لها.
دفع نظمى لوقا ثمناً غالياً لما اعتقد أنه صواب، ولأن الرجل ظلم حياً، فرأيت أنه ليس من العدل أن يظلم ميتاً أيضاً.. وإذا كان قد نذر حياته لتعزيز حالة من التعايش بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، فلا أقل من أن نعيد الروح لكتاباته مرة أخرى، ليس انتصاراً للإسلام ولا إنصافاً له، ولكن للتأكيد على ما أراده هو، من أن يحترم كل منا دين الآخر.. فهذه بداية حالة التعايش الصحيحة التى ننفق على الوصول إليها الكثير من أموالنا ووقتنا وجهدنا.
«ضد الطائفية».. هذه بالفعل خلاصة تجربة نظمى لوقا، الرجل الذى قرر أن يرى الوجه المنير من الإسلام، وبحث فيه عما يتصالح مع الحياة..ويستحق أن نعيد له اعتباره.

كان نظمى لوقا واضحا فى هدفه، فهو ينصف الإسلام بشكل عملى، فقد أهدى كتابه «إلى روح المهاتما غاندى، الذى كان يصلى بصفحات من براهما، وآيات من التوراة والإنجيل والقرآن، ومات بيد متعصب من أبناء ديانته، شهيد دفاعه الصادق المجيد عن حرية العبادة لأتباع محمد».

قصد نظمى لوقا من هذا الإهداء أن يقول لمن يقرأ الكتاب:«لتكن ديانتك ما تكون، فهذا شأنك وحدك، ولكنى أدعوك ألا تتخذ منها ذريعة للتعصب ضد الديانات الأخرى، بل اجعل من جميع أتباعها إخوة لك، واجعل من تلك الديانات أخوات لديانتك فى التوجه إلى الله، فى تنزه عن الأنانية والتعصب، وفى حب شامل للبشرية جميعاً».

تبدأ دراسة نظمى عن الرسالة والرسول بحديثه عن الآية الكبرى، ويسأل سؤالا يدخل من خلاله إلى ما يريد: «إن تكن هذه الأديان صحيحة فبأى حجة وبأى مقياس يمكن الطعن فى صدق رسالة محمد؟».

وتبدأ الإجابة: «ما من نبى حمل إلينا توكيلاً موثقاً بأنه ينطق بلسان الوحى، وإنما كانت آياته تؤكد صدق ما أتانا به، وأما المعجزات فلا حجية لها إلا لمن شهد شهود العيان، وبيننا وبين ذلك أجيال، قتبقى بعد ذلك الآية الكبرى التى لا يثبت غيرها صدق، ولا يغنى عن غيابها ألف دليل مغاير، مهما بلغت درجته من الإعجاز، وهذه الآية الكبرى هى صدق الكلمة من حيث هى، فإن الحقيقة آية نفسها، تحمل برهانها فى مضمونها، فيطمئن إليها العقل، ويبدو ما يباينها هزيلا واضح البطلان».

إن موقف الناس من الوحى واحد، أيا كانت الرسالة الموحى بها والمخبر عنها، لم يطلب أحد من رسول قبل محمد برهانا عيانيا على وحيه كما يطلب من محمد، فمن اعترف بوحى السماء إلى رسول من البشر لزمته الحجة ألا ينكر نزول الوحى على محمد من حيث المبدأ، فوجه الامتناع هنا غير قائم بمبرر نزيه.

يبدأ نظمى لوقا كتابه هذا بتنفيد تهمة الأمية التى تم اتهام الرسول بها، ثم ينتقل ليفند تهمة أخرى لحقت بالرسول، وهى تهمة جموح الشهوة وتعدد الزوجات.

مقدمة سليمة: محمد تزوج عدداً من النساء، واقع مشهود به لا ينكره ولا يفكر فى إنكاره أحد، يتناولونه فى براءة مصطنعة وخبث مبيت ليقولوا بعدها: وليس زوج الواحدة سواء وزوج العدة من النساء، زوج الواحدة ملجم الشهوة، وزوج العدة من النساء.

ثم يصل نظمى لوقا إلى دفاعه المباشر، يقول: «وما كان محمد رجلاً هزيل الحيوية واهن الوظائف، ولكنه كان يملك حيوية ولا تملكه حيويته، ويستخدم وظائفه ولا تستخدمه وظائفه، فهى قوة له تحسب فى مزاياه، وليست ضعفا يعد فى نقائصه.

لم يكن أبوالقاسم معطل النوازع، ولكنها لم تكن نوازع تعصف به، لأنه يسخرها فى كيانه المستوى الذى يكرم به الإنسان حين يطلب ما هو جميل وجليل فى الصورة الجميلة الجليلة، التى لا تهدر من قدره بل تضاعف من تساميه وطهره، وبيان ذلك فى أمر بنائه بزوجاته التسع».

وكأنه يفكر بصوت مرتفع، يقول نظمى لوقا: بأن العبرة ليست بالعدد، ولكن بالظروف التى أفضت إلى الجمع بينهن، ومنها ظروف اجتماعية ترجع إلى الأحداث التى كان هو محورها، ولا يملك أن يعفى نفسه من المسؤولية والالتزام ببعض ثمارها، ومنها ظروف نفسية مرجعها إلى عواطفه ومراميه.

ويبدأ نظمى بتفصيل هذه الظروف من تقديره للمرحلة الطويلة من عمر أبى القاسم قبل زواجه من التسع نساء اللواتى جمع بينهن، وهى مرحلة مداها ربع قرن من الزمن، هى فترة الشباب العارم، والرجولة الفتية، ولم يكن فيها زوجا للعدد العديد من الحريم، بل بعل امرأة واحدة هى خديجة بنت خويلد.

ولو نظرنا إلى حياة الرسول نفسه لوجدناه لم يشرك فى فراشه أحداً مدة حياة خديجة، وقد طال زواجهما ربع قرن تقريباً، هو طور الفحولة فى حياة الإنسان، ما بين الخمسة والعشرين والخمسين، ولم تتعدد زوجاته إلا بعد وفاتها، وكانت السيدة خديجة الزوجة المثلى فى حياة الرسول، ظل يشهد بذلك ويغار عليها إلى ختام أيامه، ويؤكد لعائشة الصغيرة البكر أن الله لم يبدله بخديجة خيراً منها قط.

زوجة مثلى ملأت فراغ النفس فسكن إليها، ولما ذهبت تركت فراغاً هائلاً لم تستطع واحدة أن تملأه، وأكاد أحس أن الكثيرات عجزن عن ملء هذا الفراغ الكبير على وجه التمام، وأياً كان التعدد بموجبات الرخصة فلا تحل فيه المغايظة والإضرار الأنانى اللئيم.

وفى كتاب عمر بن الخطاب البطل والمثل والرجل يقول نظمى لوقا: «أضيئوا جميع الأنوار، كى يرى كل طرف ما لدى الطرف الآخر على حقيقته بغير خفاء فتطمئن نفسه، ولا يبقى أى حاجز نفسى بين أصحاب الديانات، فالكل يعبدون الإله الواحد، وإن اختلفت الأساليب، إلا أن المعنى واحد، والمقصود واحد، ولكل فريق بعد هذا انتماؤه إلى عقيدته التى لا يجهلها الآخرون، ولا يسيئون فيها إلى الرأى عن جهالة، ولا تحف بها فى وهمهم الخرافة التحقيرية المزدرية بدافع الكراهية العمياء، وبذلك لا يكون لكل فريق انتماؤه الإيمانى، مع التواد الذى لا تعشش فى كنفه بغضاء، ولا ينبت منه تعصب أعمى، يجمع بين الجهل والتهور، ويعبر عن سلوكيات عدوانية شأن كل كراهية».





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة