أسبوع الخوف والغموض بين عز ونظيف

الخميس، 20 يناير 2011 10:49 م
أسبوع الخوف والغموض بين عز ونظيف أحمد نظيف
تقرير - نور على- تصوير - ياسر عبد الله

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ لماذا تفجرت بورصة الشائعات فى المجلس والقرية الذكية؟ وما الذى دفع وسائل إعلام عربية إلى تغطية اجتماعات مجلس الوزراء وأنشطة رئيس الحكومة على خلفية ما جرى فى تونس؟
ما الذى يمكن أن يدفع رئيس الوزراء إلى القلق أو إلى إعادة ترتيب أوراق الحكومة على نحو غير مسبوق؟ وما الذى يمكن أن يدفع الرجل الأول فى ملفات الخطة والموازنة المثيرة للجدل دائما، أمين التنظيم المهندس أحمد عز، إلى الإحساس بالحيطة والترقب فى كل مرة يقدم فيها على اقتراحات جديدة تتقاطع مع مشاعر الناس؟

بدا هذا الأسبوع مختلفا بكل المقاييس داخل مجلس الوزراء وفى أروقة مجلس الشعب، فالحكومة التى لم تكن تتردد فى إعلان قراراتها المفاجئة فيما يخص دعم السلع التموينية أو تنظيم التجارة الخارجية أو التعامل مع ملف الأسعار، بدت هذا الأسبوع، وعلى نحو مفاجئ، أكثر حيطة بشأن كل هذه الملفات الساخنة، رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف عقد اجتماعا طارئا صباح الأحد الماضى فى الوقت الذى كانت فيه أعين العالم أجمع معلقة على تداعيات ما يجرى فى تونس، وفى الوقت الذى بدت فيه قناة الجزيرة القطرية وكأنها تترقب، أو ربما تتمنى، أن تمتد مظاهرات الغضب من المحيط إلى الخليج بدلا من شارع الحبيب بورقيبة وحده.

اجتماع الأحد فى مجلس الوزراء ساهم فى تكثيف أجواء الغموض على ما يجرى فى القرية الذكية هذا الصباح، فقناة الجزيرة خرجت بأنباء لا تخلو من إشارة بأن الحكومة المصرية ربما تقدم على قرارات اقتصادية تراجع فيها بعض الإجراءات الضريبية المفروضة على المواطنين، وتعمل على توحيد قوى الأمن فى مصر، هكذا وفى جملة من الأخبار على شريط الأنباء فى الجزيرة، بدت مصر فى صدارة المشهد، وليس تونس وحدها، أو هكذا بدا أن هناك من يريد أن يبعد ناظريه عما يجرى فى تونس، ويتأمل تداعيات هذا المشهد فى مصر.

ورغم ما أحدثته أخبار الجزيرة فى الأجواء المصرية، لم يخرج مجلس الوزراء المصرى عن صمته، وكأنه لا يعرف شيئا، ولم يخرج تصريح واحد من أعضاء المجلس أو من رئيس الوزراء، ينفى أو يؤكد ما تشيعه الجزيرة، والغريب أن تكذيب أخبار الجزيرة، ونفى ما يتردد فى بعض وسائل الإعلام العربية من إجراءات احترازية مصرية، جاء على لسان السفير سليمان عواد الذى خرج نافيا (مزاعم) الجزيرة، فى إشارة مهمة بأن صناع القرار فى مصر غير راضين عن هذا الربط غير اللائق أو الذى يصل إلى مستوى التحريض بين ما يجرى فى تونس وما يحدث فى مصر، تصريحات عواد رغم وضوح رسالتها السياسية، إلا أنها لم تدفع مجلس الوزراء إلى الخروج عن هذا الصمت، ولم تكسر هذا السياج الغامض الذى انعقد خلاله اجتماع الحكومة.

مشهد مواز ومماثل جرى عبر أسبوع كامل تحت قبة مجلس الشعب، فأمين التنظيم السيد أحمد عز، ظهر أكثر حذرا على غير عادته فيما يتعلق بمناقشة القضايا الجماهيرية، فالرجل الذى لا يخاف فى مساندة الحكومة لومة لائم، انحاز لتأجيل طرح أى موضوعات من شأنها إثارة الرأى العام، ورحب بالدعوة إلى تأجيل طرح قانون الرى الذى كان مقررا مناقشته الأحد الماضى أيضا، ورغم إعلان لجنة الزراعة فى المجلس عزمها مناقشة مشروع القانون، إلا أن قرار تأجيل المناقشة صدر بصورة غامضة دون إعلان عن تفاصيل، أو حتى إعلان عن موعد آخر لمناقشة القانون، وكما أحاط الغموض بما جرى فى مجلس الوزراء صباح الأحد، لف الغموض نفسه ما جرى فى مجلس الشعب، فهل كان هذا التأجيل نابعا من حالة الحيطة والحذر، منعا لاستغلال مشروع القانون فى تهييج الناس على نحو خاطئ، أم أن أسبابا فنية منعت مناقشة القانون.

مرة أخرى لا أحد من المصادر السياسية يرغب فى الكلام، ولا أحد من صناع القانون يريد التحدث فى الأمر، ومرة أخرى تصاعدت بين العدد المحدود لنواب المعارضة فى المجلس بورصة الشائعات فى البهو الفرعونى بأن التعليمات صدرت بعدم إثارة قضايا من شأنها استفزاز الناس، حتى لا تخرج جماعة سياسية وتدعو إلى تأليب الرأى العام على نحو ما جرى فى تونس؟

هذا الفريق من النواب المعارضين استند فى تحليلات البهو الفرعونى إل أن الغالبية العظمى من مقدمى طلبات الإحاطة من نواب الأغلبية، كانوا يسعون منذ بداية الدورة إلى تقليد الدكتور زكريا عزمى فى هجومه اللافت على الحكومة، إلا أن الظرف الزمنى لم يسمح لهم بهذا الأمر نتيجة ما جرى فى تونس، فظهرت مناقشات طلبات الإحاطة باهتة دون نقد يذكر للوزراء لتفادى أى نوع من التأويلات السياسية، ومنعا لظهور مانشيتات عريضة فى الصحف، تظهر الحكومة على نحو ضعيف أو توحى بأن نواب الأغلبية غير راضين عن حكومة الأغلبية؟

الدكتور سرور نفسه لاحظ هذا الأداء الهادئ فى مناقشة الطلبات إلى الحد الذى اضطر فيه لإطلاق قفشاته الساخرة على عدد من نواب الأغلبية قائلا ((لما انت جاى تشكر الوزير علنا، ليه مقدم طلب إحاطة من الأساس))!!

بدا هنا، من وجهة نظر النواب المستقلين، أن المهندس أحمد عز كان حريصا على تفادى المواجهات التى يساء تفسيرها فى الصحافة، وبدا أيضا أنه حريص بصورة مبالغ فيها على تفادى الظهور شخصيا أمام كاميرات المصورين فى المجلس بشكل يوحى بالسيطرة المعتادة، البعض يقول إن عز أراد المجلس هادئا من الصراخ، ومن طلبات الإحاطة والأسئلة، ومن القوانين أو المناقشات المستفزة.

الخبثاء من أعضاء المجلس كانوا يشيرون دائما إلى حساسية ما يجرى فى تونس، فى حين كانت المصادر الأكثر نفوذا فى الحزب، تعتبر أن هذا الربط (ساذج ولا محل له من الإعراب فى بلد يعرف الاستقرار والتنمية ولا يمكن تشبيهه مع الحالة التونسية).

ورغم هذا الطرح المتقدم للقيادات السياسية فى الحزب، إلا أن الصورة التى ظهرت بها الحكومة صباح الأحد، والصورة التى ظهر بها أحمد عز طوال الأسبوع، لم تمنع من تأويلات تسعى لتفسير حالة السكون المفاجئ لأحد عز، وحالة الغموض البارز لاجتماعات مجلس الوزراء.

بورصة الشائعات والاحتمالات لم تكتف بالمواجهة مع مزاعم قناة الجزيرة لكنها امتدت إلى رسم سيناريوهات وترتيبات الحكومة المصرية على خلفية الإحساس بأهمية ردود الفعل الجماهيرية على غرار ما جرى فى تونس، فرغم اليقين المطمئن لكبار السياسيين، بأنه يستحيل مقارنة النموذج التونسى بالمستوى الذى بلغه من الاستبداد والقسوة، ووصول حالات البطالة إلى ما يزيد عل 20 بالمائة، إلا أن هؤلاء السياسيين أنفسهم، لا يستبعدون أن تدخل مصر فى حالة انفراجة سياسية واقتصادية شاملة لاستيعاب الآثار الإعلامية لما جرى، ولتفويت الفرصة عل بعض محترفى فكرة العصيان المدنى والثورة الشعبية من استثمار أجواء ما جرى فى إثارة الشغب تحت مظلة هذه الشعارات دون أجندة سياسية ودون مقاربة حقيقية بين مستوى الاحتقان فى تونس بالمقارنة مع ما يجرى عمليا فى مصر.

هذه الإنفراجة المحتملة تمضى فى عدة سيناريوهات أهمها تصاعد الحديث عن احتمالات إجراء تغيير حكومى، يتم من خلاله استبعاد عدد من الوزراء الذين يحظون بالقدر الأعلى من النفور بين الناس أو الذين استفزت قراراتهم قطاعات واسعة من الجماهير، وفى نفس المستوى فإن السيناريوهات المحتملة لهذه الإنفراجة، ترجح رفع سقف الحرية إلى مستوى أعلى فى الصحف القومية، مع استعادة أجواء السماحة السياسية فى الإعلام المستقل وبين الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى فتح قنوات حوار أكثر عمقا مع قوى المعارضة الشرعية لتفويت الفرصة على بعض القوى المحجوبة عن الشرعية من أن تحاول استغلال أى نوع من الاحتكاكات الجماهيرية على نحو يهدد بقلاقل سياسية أو جماهيرية.

ووسط هذه السيناريوهات والشائعات، فإن الغموض يبقى سيد الموقف، فهل تشعر الحكومة أو قيادات الأغلبية البرلمانية بأى نوع من التوتر بالفعل، وهل يبدو ما حدث خلال هذا الأسبوع أو المتوقع حدوثه خلال الأسابيع القادمة كرد فعل على أحداث تونس؟ أم أن الأمر كله لا يعدو مجرد أمانٍ سياسية لقوى المعارضة التى ربما تطير أحلامها السياسية إلى أبعد مما يحتمله الواقع السياسى فى مصر.








مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة