«ليلى الطرابلسى».. المرأة التى وضعت زين العابدين بن على تحت أقدام التوانسة!

الخميس، 20 يناير 2011 10:49 م
«ليلى الطرابلسى».. المرأة التى وضعت زين العابدين بن على تحت أقدام التوانسة! ليلى الطرابلسى
إبراهيم بدوى - ندى عصام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ تحدت الشعب وسيطرت على زوجها الرئيس وورّثت عائلتها خيرات البلاد وأدارت صفقات مشبوهة جمعت منها مليارات الدولارات
◄◄ استغلت مرض الرئيس وبدأت فى عقد صفقات وتحالفات مع الجيش والأجهزة المختلفة طمعاً فى خلافته

فى تونس كان غضب ثورة الياسمين موجها، يعرف طريقه، ويعرف رأس الأفعى التى نشرت الفساد وسرقت خيرات بلادهم، ولذلك كان الهتاف الأشهر «نريد خبزاً وحرية.. اطردوا مافيا الطرابلسى من البلاد».. و«الطرابلسى» هنا مقصود بها زوجة الرئيس التونسى السابق زين العابدين وعائلتها التى فتحت لها السيدة الأولى أبواب الاستيلاء والسيطرة على تونس كلها.

لقطات مثيرة شهدتها بدايات سيدة القصر التونسى الأولى سابقا، ربما لا تستطيع أقوى السيناريوهات السينمائية تخيلها أو الإلمام بتفاصيلها، وكما يقول كتاب «حاكمة قرطاج.. يد مبسوطة على تونس» للكاتبتين الفرنسيتين نيكولا بو وكاترين جراسييه فى سرده لقصة حياة ليلى الطرابلسى، زوجة بن على، أنها ولدت فى عام 1957 فى أحضان عائلة بسيطة تعيش فى أحد الأحياء المتواضعة وسط العاصمة التونسية، ومع صعوبات النشأة ازدادت تطلعات وأحلام الحسناء الصغيرة «ليلى» فى الهروب من سجن الفقر والعوز، فلديها 11 أخاًً وأختا، ووالدتها ربة منزل توفيت فى أبريل 2008، ووالدها كان يعمل بائعاً للخضار فى الأسواق الشعبية، لتحدث المفارقة التى أرادها القدر أن يكون بائعا آخر هو السبب فى قلب أحلامها إلى كابوس مفزع، بعد أن أعلن بائع شاب يدعى محمد بوعزيزى رفضه الذل والمهانة على أيدى رجال الشرطة، وعلى طريقته اليائسة قتل نفسه بإشعال النيران فى جسده، ليفجّر شرارة الغضب الأولى التى أنهت حكماً استبدادياً على مدار 23 عاماً بعد ثورة شعبية عارمة أثارت الرعب فى قلب سيدة قصر قرطاج، ففرت مع زوجها لتواجه مصيرها فى حياة المنفى، بعيداً عن الوطن.

ويسرد الكتاب كيف التحقت ليلى بعد حصولها على الشهادة الابتدائية، بمدرسة الحلاقة كما يسمونها فى تونس أو «تصفيف الشعر» تماشياً مع الحداثة، وعملت «كوافيره»، واستكملت دراستها فى ثانوية مونتفلورى بتونس، وحصلت فى عام 2000 على شهادة البكالوريوس من كلية الآداب، وعندما بلغت الثامنة عشرة التقت رجل أعمال يدعى خليل معاوى، وتزوجت منه قبل أن تطلق منه بعد 3 سنوات.

فتحت الدنيا ذراعيها لابنة الثامنة عشرة بزواجها من هذا الثرى، لتنتقل إلى عالم المال والأعمال.

وكشف الكتاب المحظور دخوله تونس حتى الآن، لكن تم توزيع نسخ إلكترونية منه- أن ليلى الطرابلسى عملت فى التجارة بين تونس وإيطاليا، إلى أن ألقى القبض عليها، وسحب منها جواز سفرها، واستغلت ليلى الحسناء معارف طليقها الأول وطلبت من الجنرال طاهر مقرانى، التدخل من أجل استرجاع الجواز، وتعرفت من خلال ذلك الموقف على الرئيس التونسى زين العابدين بن على، الذى كان وقتها مديراً للأمن.

ومع تطور الأحداث وتولى بن على مقاليد الحكم لم يتردد فى الزواج من ليلى الطرابلسى، بعد طلاقه من زوجته الأولى نعيمة، وأنجب منها ثلاثة أبناء: نسرين وحليمة ومحمد، وكان بن على قد أنجب ثلاث بنات من زوجته الأولى، هن: غزوة ودرصاف وسيرين.

وحرصت سيدة القصر التونسى منذ البداية على بسط نفوذها على مقاليد الأمور، حيث ارتبط اسمها بالعديد من قضايا الفساد والتدخلات فى شؤون الدولة، مما دفع البعض للاعتقاد بأنها هى وعائلتها من يحكم تونس وليس الرئيس، خاصة بعد مرضه فى الفترة الأخيرة.

وكما يقول الكتاب إنه فى السنوات الأولى من حكم بن على كدّس المقربون من النظام ثروات هائلة، وبعد زواجه منها استحوذ أخوها الأكبر بلحسن على شركة الطيران «كورتاجو إيرلاينز» ثم سيطر أقاربها على قطاعات الاقتصاد، وهناك اتهامات أيضاً يسوقها الكتاب ضد عماد الطرابلسى باختلاس يخت قيمته مليون ونصف المليون يورو.

وأشار الكتاب إلى الأدوار السياسية الهامة التى لعبتها زوجة الرئيس فى الحياة العامة فى تونس، والفساد الذى استشرى كالسرطان فى معظم مؤسسات الدولة خلال سنوات حكم الرئيس التونسى زين العابدين بن على، وأتاح لعائلات معدودة على الأصابع السيطرة على ثروات البلاد.

كما أزاح الكتاب الستار عن أبرز الأسماء التى يتضمنها ملف الفساد فى تونس، وعلى رأسها عائلة الطرابلسى، المصنفة الأكثر فساداً وجشعاً، وبعد ذلك تأتى فى القائمة أسماء من قبيل الماطرى. ويعد صخر الماطرى أحد أبرز رجال الأعمال فى تونس، وقيل إنه كان يجرى إعداده لشغل منصب سياسى رفيع قبل بدء الاضطرابات. أيضاً عائلة شيبوب ورجل الأعمال سليم شيبوب، صهر الرئيس بن على الذى كان رئيساً سابقاً لنادى الترجى الرياضى التونسى، وكان من بين أكثر الشخصيات نفوذا فى تونس، وكلها عائلات ظهرت ثم سيطرت على الساحة الاقتصادية بشكل سريع خلال سنوات حكم بن على.

وأكد الكتاب: «ما من أحد من أقارب ليلى إلا استحوذ على قطاع من قطاعات اقتصاد البلاد».
إذ يستعرض الكتاب ما يسميه «شراهة حلف الطرابلسى»، وثراء الإخوة والأخوات السريع، والفضائح التى تسبب فيها البعض، مثل استحواذ أخيها الأكبر بلحسن على شركة الطيران «كارتاجو آيرلينز»، والتى حولها إلى محور تجارى للعائلة، وأخيها عماد طرابلسى الذى امتدت إليه أصابع الانتقام ليلفظ أنفاسه الأخيرة بالمستشفى العسكرى بالعاصمة تونس، بعد طعنه بسلاح أبيض فى عملية تصفية حسابات بينه وبين أحد مساعديه، بحسب ما تردد بالشارع التونسى، وكان عماد أحد المدللين من شقيقته، وتم انتخابه فى مايو الماضى رئيساً لبلدية حلق الوادى شمال العاصمة، وتعرض للملاحقة بلا جدوى فى فرنسا بتهمة «السرقة ضمن عصابة منظمة»، وذلك لاستيلائه على يخت شهير ملك برونو روجيه، أحد مديرى بنك لازار وأحد أقارب جاك شيراك ونيكولا ساركوزى، وفى مايو 2007 أصدر القضاء الفرنسى مذكرة توقيف بحقه، غير أنها ظلت حبراً على ورق، لرفض بلاده تسليمه.

اما ابنتها سيرين، نجلة الرئيس التونسى، فتمتلك إذاعة خاصة تحت اسم «شمس إف إم» وتعد رابع إذاعة تونسية خاصة، بعد كل من إذاعة «موزاييك إف إم» 2003 لرجل الأعمال التونسى بلحسن الطرابلسى، وإذاعة «الزيتونة» للقرآن الكريم 2007 لصهر الرئيس ورجل الأعمال محمد صخر الماطرى، وإذاعة «جوهرة إف إم» 2005، غير واضحة المصدر.

وعرض الكتاب بالتفصيل لعدد من التحالفات والخيانات من جانب الزوجة التى كانت تطمع فى الرئاسة، وكيف تنامت سلطاتها بعد أن توعكت صحة الرئيس، إلا أن مطامعها كانت تتبخر دائما فى ظل مقاومة عنيفة من الجيش وأجهزة الأمن، كما أن زوجها الرئيس بن على استفاد من هذه النقطة من خلال إظهار نفسه أنه ضحية زوجته التى وصفها الكتاب بـ«الشريرة».

وساعد تشديد الرقابة الداخلية على معظم وسائل الإعلام، وغياب أى محاسبة لأداء النظام الذى قهر رموز المعارضة- على تفشى الفساد الذى كانت تديره المرأة الحديدية من داخل قصر قرطاج، وتضخم النفوذ الكبير لعائلتى الطرابلسى والماطرى على الصعيدين السياسى والاقتصادى، وسيطرتهما على المصالح الاقتصادية.

الرضا والقرب من العالم الغربى كانا سنداً كبيراً لـ«حاكمة تونس» لسببين، أولهما أسباب ذاتية من قبيل أن شخصيات عالمية، خاصة الفرنسية، كانت تقضى عطلتها فى تونس، إلى جانب اعتبار الغرب نظام بن على حليفاً قوياً له فى الحرب ضد الإرهاب، بعد نجاحه فى تجفيف منابع الحركات الإسلامية التى لم تعد بعد سنوات من حكمه تشكل خطراً على نظامه وحكمه.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة