هكذا سحب البساط من تحت قدمى الرئيس التونسى زين العابدين بن على بعدما ظل تحت أقدامه طيلة 23 عاما ليستقر تحت أقدام الشعب التونسى الحر الكريم.
فما هى إلا أيام حتى قلبت الطاولة على كل الجالسين بمن فيهم الرئيس ونظروا فإذا بالبساط تحت أقدام الشعب الذى رفضهم ورفض كل صور التعامل معهم فهم لا يرعون مصالحهم ولا أمنهم وإنما يرعون مصالح أنفسهم الشخصية هم والمنتفعون من حولهم.
وإذ بنا نرى الكل قد أيدهم– أقصد الشعب- وأيد رأيهم ومطالبهم بل وسار فى فلكهم فى سرعة لم يصدقها العقل.. فمن داخل تونس نرى المثقفين والمفكرين ومنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات المجتمعية التى طالما تغنت وسبحت بحمد رئيسها زين العابدين بن على تقف الآن إجلالا وإكبارا لهذا الشعب الحر الأبى وانتفاضته.
فها هو الاتحاد العام للنقابات العمالية التونسية أعلن الدخول فى إضراب عام لمؤازرة التحركات الاحتجاجية لتنحية بن على عن رئاسة الحكم التونسى متوافقا مع مطالب الشعب.
ولم يقف الحال عند ذلك حيث استجاب رئيس الوزراء لإرادة شعبه، فقد تعهَّد بتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى أعلنت، وذلك بالتشاور مع كل الأطراف السياسية، بما فيها الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى.
أما الأمن التونسى فلم يستطع أن يقف ضد التيار الشعبى الهائل المتدفق فقد قام باعتقال أفراد من عائلة الطرابلسى أصهار بن على، لدى محاولتهم مغادرة مطار تونس قرطاج الدولى.
أما وزير الخارجية التونسى كمال مرجان فقد قدَّم استقالته على خلفية سقوط قتلى فى الاحتجاجات الجارية فى مناطق متفرقة بتونس.
وبينما الوضع كذلك إذ بالرئيس نفسه يعلن عن إقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة خلال 6 أشهر عقب تظاهر نحو 5000 مواطن تونسى فقط أمام وزارة الداخلية لمطالبة بن على بالتنحِّى الفورى ومحاكمته محاكمةً شعبيةً.أرأيتم كيف أن الشعب الأبى إذا تمسك بإرادته ودافع عن حقوقه تحولت كل التيارات الرسمية وغير الرسمية لتسير فى فلكه وتغرد فى سربه.
وعلى المستوى الدولى تسارع الزعماء والرؤساء على الاعتراف بإرادة الشعب الأبى الذى تصدى بصدره جبروت نظامه القمعى الغاشم، ففى أول ردود الفعل قال البيت الأبيض إنه يعتقد أن الشعب التونسى له الحق فى اختيار زعمائه وإنه سيتابع أحدث التطورات عن كثب.
وغربيا انتقد الاتحاد الأوروبى الإجراءات الأمنية الصارمة التى اتخذتها السلطات التونسية ضد المتظاهرين، ووصف استخدام الشرطة للقوة بأنه غير مناسب وغير مقبول.
وقالت باريس- الراعى الرئيسى للنظام التونسى- على لسان المتحدث باسم الحكومة فرانسوا باروين "ندين العنف ونشعر بالقلق؛ من جرَّاء التوترات الاقتصادية والاجتماعية".
هذا غيض من فيض متدفق وسيتدفق جراء ما أحدثه هذا الشعب الحر الأبى من إصرار على المطالبة بحقه غير عابئ بما ستجنى عليه الأيام، فهو مستعد للتضحية بحياته فى سبيل نيل الحرية ووهبها لمن قدر له العيش من بعده ليهنأ فى ظلال حياة كريمة عنوانها الأمان وصفتها الحرية والمساواة.
أليس الدم الملتهب الذى ينزف من أجساد الأحرار هو الوقود المحرك للشعوب والأمم، أليست الحرية حق ينتزع من أيدى الظالمين ولايوهب، ويحضرنى فى ذلك قول الشاعر التونسى العظيم أبى القاسم الشابى إذ يقول:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فربك نعم القادر المقتدر
ولا بد لليل أن ينجلى ولا بد للقيد أن ينكسر
أرأيتم كيف تحول العالم الآن بمن فيه من فلك الرئيس إلى فلك الشعب.
وائل بدر يكتب: وأخيرًا البساط تحت أقدام الشعب
الأربعاء، 19 يناير 2011 09:04 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة