د.هشام منصور يكتب: الشعوب العربية ليست ضعيفة ولا مستكينة

الأربعاء، 19 يناير 2011 01:16 ص
د.هشام منصور يكتب: الشعوب العربية ليست ضعيفة ولا مستكينة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن سقوط نظام زين العابدين بن على هذا النحو يعلن بما لا يدع مجالا للشك أن الشعوب العربية حية وليست ميتة، إن هذا السقوط المدوى بات يشكل ناقوس خطر يدق على باب كل الأنظمة الفاسدة فى العالم العربى، ويعلن أن لحظة انهيار تلك الأنظمة قد اقتربت وأن لحظة سقوط هذه الأنظمة باتت وشيكة.

تلك الأنظمة التى باتت تشكل عبأ على شعوبها ومصدرا رئيسيا لتخلفها وانحطاط قدراتها وتراجعها على كافة الأصعدة الاقتصادية والسياسة والإنمائية والاجتماعية بل وحتى الأخلاقية.

ولعل هذا ما يدفع إلى السؤال إلى متى ستظل دول العالم الثالث تئن تحت وطأة وظلم الحكام الفاسدين وإلى متى سيظل العالم العربى بكل هذه الطاقات والموارد البشرية الضخمة والإمكانيات الهائلة نبها للحاكم وبطانته.

منذ أمد بعيد والرئيس التونسى بن على هو وأفراد عائلته يعيثون فى الأرض فسادا، بالاستيلاء على موارد الشعب التونسى واستنزاف ثرواته، فبعد أربعة أسابيع من استمرار القتل والذبح والترويع للأبرياء وأمام العالم من أقصاه إلى أقصاه، وبعد أن خرج الشعب التونسى من صمته لمدة ثلاثة وعشرين عاما انتفض الشعب التونسى على هذا الطاغية هو وحاشيته، وظهر على شاشة التليفزيون يدعو إلى الديمقراطية والحرية واحترام الدستور والقانون ويعلن أنه لا رئاسة مدى الحياة، وإيقاف إطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين، ظهر وهو يخشى غضبة الشعب التونسى، ظهر وهو تشخص عيناه من هول ما رأى من إصرار الشعب التونسى على الحرية واستعادة حقوقه المسلوبة، مصداقا لقول الحق فى الآية الكريمة "ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعى رؤوسهم، لا يرتد إليه إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء" (سورة إبراهيم الآية 42)........ "وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون" (سورة الشعراء الآية 227).

تونس ظلت طوال السنوات العشرين الماضية تعيش أحلك أيامها سوادا على صعيد الحريات الديمقراطية والتعبيرية، حيث تغولت أجهزة القمع البوليسية فى البطش بالمعارضة والرأى الآخر، وتكميم الأفواه ومصادرة كل رأى حر يريد الخير لبلاده.

الأجهزة القمعية فى تونس مارست البطش بأنواعه كافة وحظيت بغطاء من الدول الغربية لأنها كانت تقول بأنها تخوض معركة ضد 'الإرهاب الإسلامى'، على اعتبار أن مكافحة هذا 'الإرهاب' هى جواز المرور إلى قلوب الحكومات الغربية وخزائنها، ولكن الآن وبعد أن ثارت الجماهير على طول تونس وعرضها وبشكل عفوى، وبمشاركة كافة القوى الوطنية، سقط وبصورة مثيرة للانتباه النظام وداعميه فى الغرب والشرق، وتبخرت كل الادعاءات السابقة حول مكافحة الإرهاب الإسلامى.

ها هو زين العابدين بن على بعد، يغادر البلاد إلى العربية السعودية، ويسلم السلطة للشعب التونسى وأبناء الوطن ولم يعد بمقدور أحد أن يخدع الشعب التونسى من جديد، ويبدو أن الولايات المتحدة والمغرب يقف موقف المتفرج على هذا المشهد وغير المصدق لما جرى.. فالرئيس زين العابدين بن على هو حليف الغرب والولايات المتحدة، وبالتالى ينتظر الغرب والولايات المتحدة ما تئول إليه الأحداث، مع العلم أن نظام زين العابدين بن على ليس نظاما شعبيا ولا ديمقراطيا ولا مقبولا من أفراد الشعب، ولكن الديمقراطية الأمريكية مصابة بالحول كالعادة طالما أن الرجل يضمن مصالح أمريكا فى المغرب العربى فلا يهم كون النظام ديمقراطيا أم استبداديا قمعيا، يالوقاحة الولايات المتحدة وبريطانيا فبعد أن تأكدت من رحيل الرجل تعلن أنها طالما وجهت انتقادات للرئيس بن على ونظامه القمعى!.

فهل يعى حكام العالم الثالث وحكام العالم العربى على وجه الخصوص الدرس قبل فوات الأوان هل يفهم حكام العرب الدرس جيدا، إننى أرى رياح التغيير قادمة لا محالة وسوف تعصف بكل من يقف أمامها، إن هبة الشعب التونسى وانتفاضته المباركة تعلن بما لا يدع مجالا للشك أن الحاكم العربى بات فى خطر شديد وليس لديه خيار سوى أن يسمع صوت الجماهير، وكما قال الحجاج بن يوسف الثقفى "أرى رؤوسا قد أينعت وقد حان وقت قطفها"، فهل يفيق قـادة العالم العربى من سباتهم، إن رائحة العالم العربى أصبحت نتنة وقد فاحت منها رائحة الفساد والطغيان والتنكيل بالشعب العربى وتزوير إرادته على مر السنين وها هى تونس والجزائر والبقية تأتى.

إن الشعوب العربية ليست ضعيفة ولا مستكينة وسوف يأتى يوم تقف فى وجه الطغاة وتعلن أنها شعوب حية وليست ميتة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة