وصف وزير خارجية تونس كمال مرجان ما يحدث فى بلاده بـ"الانتفاضة الشعبية"، معتبرا أن الشاب محمد البوعزيزى الذى قام بإحراق نفسه إثر خلاف مع مسئولة فى بلدية سيدى بوزيد، أصبح رمزا للانتفاضة .
وأرجع مرجان الانتفاضة الشعبية التونسية إلى عدة أسباب، منها الفساد والبطالة، ودن أن يستبعد تورط أطراف أجنبية، لكنه رفض التأكيد على وجود هذه الأطراف، مطالبا بالانتظار لحين انتهاء لجنة التحقيق الخاصة التى تم تشكيلها لكشف أسباب عملية الانفلات الأمنى التى أعقبت الانتفاضة الشعبية .
وقال مرجان فى مؤتمر صحفى عقده اليوم بشرم الشيخ: إن هذا المؤتمر مناسبة للترحم على روح محمد البوعزيزى وعلى أرواح كل من ضحى واستشهد فى هذه الحركة الشعبية، والتى بدأت كاحتجاجات شعبية غير منسقة ولم يكن لها قائد أو مسئول، وانتقلت من مدينة إلى أخرى وأظهرت ما وصل إليه الشعب التونسى من درجة كبيرة من الوعى.
وأضاف مرجان: "الشعب التونسى قال كلمته، وانتصرت الانتفاضة الشعبية ووجب احترام موقف وكلمة الشعب خاصة بعد مغادرة زين العابدين بن على الأراضى التونسية، والذى تزامن مع الأسف مع أحداث أمنية خطيرة أدخلت الرعب والفزع خاصة فى العاصمة، نتيجة أعمال الشغب ونهب بعض الممتلكات الخاصة والعامة، وقد تطور الانفلات الأمنى إلى إطلاق نار فى العديد من الحالات من طرف قناصة من أسطح البنايات، إلى أن تدخل الجيش الوطنى لإلقاء القبض عليهم".
وتابع الوزير التونسى: "وأنه بفضل لحمة الشعب التونسى وتعلقه ببلاده.. وبفضل مهنية الجيش التونسى وجهود قوات الأمن الداخلى وتعاون وتحمل المواطنين لنصيبهم من المسئولية.. فإن الوضع الأمنى الآن يتطور بصورة جيدة.. وسيتواصل الجهد حتى القضاء نهائيا على أسباب الانفلات الأمنى، وعودة الأمور لنصابها فى أسرع وقت ممكن".
وأكد مرجان أنه يصعب تحديد الأطراف التى تقف خلف الانفلات الأمنى، وأنه سيتم تطبيق القانون على من يتأكد مساهمته فى الانفلات، موضحا أنه تم تشكيل لجنة مستقلة للمتابعة والبحث فى كل هذا، كما جرى اعتقال عدد من هؤلاء، وفى مقدمتهم مدير الأمن الرئاسى السابق، كما سيتم التحقيق فى ملفات الفساد التى تعتبر من أحد الأسباب الرئيسية التى قامت بسببها الانتفاضة، وسيتم التحقيق مع كل المسئولين مهما كانت درجتهم ، وستقوم اللجنة بعملها فى إطار من الشفافية الكاملة .
وأشار إلى أن اللجنة الثالثة ستقوم بعملها فى كل ما يتعلق بالإصلاح السياسى ، وقد تم تعيين رجل القانون البارز الدكتور عياض بن عاشور وهو ابن العلامة الشيخ الفاضل بن عاشور، وهو يتمتع بمصداقية لا يشكك فيها أحد، للإشراف على أعمال اللجنة.
وحول تشكيل الحكومة الجديدة.. قال مرجان إن تشكيل الحكومة الانتقالية أمس "حدث كبير"، ويعتبر الانضمام إليها "شرف كبير"، مؤكدا على أنها حكومة وحدة وطنية انتقالية ومدتها محددة قانونا وبالاتفاق بين كل الأطراف. وقال إن الحكومة تضم عددا من الشخصيات والكفاءات الوطنية المنتمية لأحزاب المعارضة، بجانب عدد من المسئولين السابقين، مشيرا إلى أن هدف الحكومة هو الإعداد لانتخابات رئاسية حرة وديمقراطية ونزيهة، لافتا إلى أن هناك موافقة على وجود إشراف دولى على هذه الانتخابات لتوضيح أن النية صادقة للوصول بتونس إلى وضع الأمان والخروج من المأزق الذى تعيشه الآن.
وأكد مرجان على أنه بعد نجاح الثورة الشعبية، فإنه يجب المحافظة على مؤسسات الدولة، وهذا هو أهم شىء، مشيرا إلى أن هدف الانتفاضة كان اجتماعيا، متصلا بقضايا الفساد، كما كان اقتصاديا متصلا بانتشار البطالة، والآن نعمل للخروج من هذا الموقف بنتائج إيجابية، ليس فقط عن طريق عملية إصلاح سياسى وهو مؤكد، ولكن أيضا لمواصلة التقدم اجتماعيا والوصول إلى مكانة يأملها المواطنون.
وردا على سؤال حول إن كانت ثورة تونس الشعبية ناتجة عن الفساد داخل تونس، أم أنه جرى تغذيتها من أطراف خارجية، قال: " بكل صراحة هناك موضوع الفساد وموضوع البطالة، ونحن فى الحكومة كنا نشعر بأزمة البطالة خاصة لحاملى الشهادات العليا، ولكن هناك تحقيق ستقوم به اللجنة لتحدد إن كان الموضوع داخليا بحت، أم أن هناك أيادى أجنبية، والآن لا أستطيع أن أقول إن كان هناك شىء مؤكد فى هذا الأمر"، مشيرا إلى أن اللجنة هى التى ستؤكد بالفعل إن كانت هناك أطراف أجنبية أم لا ، "رغم أن لدينا شكوكا فى ذلك، لكن لا يمكن القطع بوجود تدخلات أجنبية إلا بعد أن تنتهى اللجنة من تحقيقاتها" .
وحول الخلاف الذى نشب بين الجيش والشرطة التونسية ، قال مرجان: " لا أريد أن يكون هناك تشكيك فى وجود تعاون بينهما ، فهناك تعاون جيد، ولكن ربما الخلط الذى حدث هو بالنسبة للأمن الرئاسى، فقد حدثت مواجهات بين الجيش والأمن الرئاسى حول القصر الرئاسى، لكن لم يحدث أى شىء بين الأمن الداخلى والجيش، بل هناك تعاون جيد بينهما لاستتباب الأمن بصفة قانونية ".
وردا على سؤال حول موقف الحكومة الانتقالية من المظاهرات التى خرجت لرفض التعامل معها، قال مرجان إنه فى أى بلد لا يوجد أى اتفاق كامل على أى حكومة سواء فى بلد ديمقراطى، أو غير ديمقراطى، و"نحن كنا نتوقع هذه المظاهرات لكن نؤكد أنه ليس هناك أى نية لدى أعضاء الحكومة الحالية إلا الهدف الوحيد وهو إعادة المؤسسات للعمل والإعداد الجيد للانتخابات".
وأشار مرجان إلى أن رئيس وزراء تونس محمد الغنوشى تحدث مع أطراف عديدين ليسوا فى الحزب الذى كان يتولى الحكم، للوصول إلى توافق "لأننا انتهينا من مرحلة الحكومة التى تمثل الحزب الواحد بنسبة 100% ونتمنى أن تصل هذه المشاورات إلى نتيجة جيدة" .
وردا على سؤال حول الاتصال الذى أجراه رئيس الوزراء محمد الغنوشى مع الرئيس المخلوع زين العابدين بن على مؤخرا، وإن كان يشكل هذا الاتصال نكوصا عن الثورة الشعبية التونسية، قال مرجان: " إننى لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، وليس لدى علم بفحوى ما دار فى هذا الاتصال، لأننى غادرت تونس منذ أمس الاثنين، لكن حتى وإن حدث مثل هذا الاتصال فإنه قد يكون لأسباب خاصة، لأن زين العابدين يبقى فى النهاية مواطنا تونسيا".
وحول الشروط المطلوبة للترشيح لرئاسة الجمهورية التونسية، قال مرجان إن الباب مفتوح، وسنعمل على تسهيل المأمورية أمام كل مواطن يريد أن يترشح فى الانتخابات الرئاسية، ولن يكون هناك تحديد مثلما كان فى السابق، وسوف يتم هذا من خلال لجنة يشرف عليها الدكتور عياض بن عاشور .
وزير خارجية تونس: "البوعزيزى" أصبح رمزاً للانتفاضة.. والجيش لم يشتبك مع الشرطة وإنما مع الأمن الرئاسى.. والبطالة والفساد أهم أسباب الاحتجاجات.. وزين العابدين سيظل مواطناً تونسياً
الثلاثاء، 18 يناير 2011 03:00 م
وزير خارجية تونس كمال مرجان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة