إذا ما الشعب يوماً أراد الحياة.. قالها أبو القاسم الشابى الشاعر التونسى قديما، ونفذها شعب تونس فى عام 2011م ضد الحكام الطغاة الذين ظنوا أن شعوبهم إرثا لهم، يورثونه لأولادهم وأحفادهم، ظنوا أن الشعوب الصامتة ستظل كذلك إلى المنتهى، استعذبوا تركيع الناس وتجويعهم وهم يظنون أن الكراسى دائمة، استأسدوا على الشعوب المسالمة حتى ظنوا أن هذه الشعوب لن تقوم لها قائمة، استباحوا كل شىء، حرمة الإنسان والأوطان حتى ضاق بالناس العيش وتمنوا الموت ووجدوه أفضل من الحياة.
فأشعلوا فى أنفسهم النار أمام الجميع، قتلوا أنفسهم لكى يعيش الباقون فى حرية كاملة، الشعوب التى ضحت بأنفسها يوما ما فى سبيل طرد الغزاة والمستعمرين ثم تفاجأ بمحتل جديد من بينها، فأثرت على نفسها الصبر للحفاظ على وحدة الوطن وسلامته، وإبعاد الأطماع الخارجية عن وطنه، وعندما وجد أن الصبر لا يجدى مع من أقفل كل مسامعه ضد صرخات شعبه تحرك وقام بالثورة الشعبية، هكذا هى الثورات المحترمة ضد الظلم، كم أعجبنى هذا الشعب الأبى وهو يحمل أرواحه على أكفه خارجا إلى حيث الظلم يركض ويعشعش، ناويا على هدم معابد الدكتاتورية مستخدما معاوله التى صنعها من صبر السنين، لقد سقط الطاغية بمجرد تحرك الشعب العظيم لأن مملكته مبنية على الظلم فلم يستطيع أن يقاوم الشعب الذى طالما كان يطالب بأدنى حد للمعيشة الكريمة بالسلم والمفاوضات ولم يجدها لكنه وجدها بالتحرك والثورة، لقد هز مشهد الشعب التونسى وهو يتحرك إلى قصر الرئاسة كل معانى الإنسانية التى كادت أن تموت فى زمن ماتت فيه كل القيم، شعرت بأننى أبعث من جديد بعث فى الإنسان الجديد الذى رأى الأمل فى عيون هؤلاء وهم يرددون "إذا ما الشعب يوما أراد الحياة لابد أن يستجيب القدر"، تحية إلى الشعب التونسى الأبى الذى كسر قيود الظلم ورسم عصرا جديدا له ولأولاده، عصر لا وجود للطغاة فيه وإنما يوجد فيه الإنسان فقط، تحية إلى الإنسان الذى بعث فى الدنيا من جديد.
زكريا رمزى زكى يكتب: هكذا تكون الثورات المحترمة ضد الظلم
الثلاثاء، 18 يناير 2011 02:47 م
الشاعر التونسى أبو القاسم الشابى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة