أحمد مصطفى الغـر يكتب: الشعب التونسى أراد الحياة.. فاستجاب له القدر

الثلاثاء، 18 يناير 2011 11:01 ص
أحمد مصطفى الغـر يكتب: الشعب التونسى أراد الحياة.. فاستجاب له القدر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على مر عقود كانت الشعوب العربية غاب عنها الحس الثورى الذى تميزت بها قديماً، ذلك الحس الذى كان يشتعل بداخل أبناء الأقطار العربية نظراً للحقبة الاستعمارية التى كانت تعيش تحت وطاتها بلدانهم لسنوات طويلة، وبعد أن استردت الشعوب العربية كرامتها بدأت الروح الثورية تختفى شيئا فشيئا حتى اختفت تماماً، وبات جم هم المواطن العربى هو أن يجد المأكل والمشرب غير مكترث بمفاهيم صعبة وعصية الفهم مثل الديمواقراطية والتنمية والحرية والعدالة الاجتماعية، وكانت الحكومات هى أسعد ما يكون بهذا التغييب المتعمد للفكر والوعى لدى رجل الشارع البسيط، وهو ما زاد من إهمال الحكومات لأوضاعه وأحواله المعيشية، لكن يبدو أن المسئولين لم يضعوا فى اعتبارهم ما ينتج عن هذا الإهمال من ترسبات تشحن وتغذى الغضب الداخلى فى النفس البشرية، لكن يبدو أن الروح الثورية فى طريق عودتها إلى نفوس أبناء العروبة ثانية، لكن هذه المرة ستكون ثوراتهم على حكامهم من أبناء هويتهم وليس المستعمر الخارجى!

فعندما أشعل التونسى محمد بو عزيزى النار فى جسده لم يكن فى حسبانه أنه يضرم النيران فى نظام حكم "زين العابدين بن على" بأكمله، فلقد أشعل الروح الثورية فى نفوس أبناء الشعب التونسى بأكمله ليثورا على أوضاعهم المعيشية التى لولا تولى مجموعة من الطغاة مقاليدها ما كانت على ما هى عليه الآن، ولكان حالهم أفضل بكثير ثلاثة أسابيع متواصلة من الاحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات استطاعت أن تنهى 23 عاماً قضاها الرجل فى قصره دون أن يكترث بما يحدث لرجل الشارع البسيط من أمثال بو عزيزى وغيره كثيرين، وعندما استفاق الرجل متأخراً على أصوات الآلاف فى شوارع كل المدن التونسية ينددون بحكمه و يطالبون بتنحيته، وجد نفسه غريقاً فى وسط طوفان ثورى فحاول بقدر ما يستطيع أن يجد القشة التى يتشبث بها فقام بعزل وزير داخليته ووعد بالإصلاح والتنمية، لكن أمواج الطوفان كانت تزداد أكثر فأكثر فخرج معتذراً لأبناء الشعب على ما أدت إليه الأمور من سوء للأحوال وغياب للتنمية والعدالة الاجتماعية، واستخدم عبارة شارل ديجول عندما خاطب المستعمرين الفرنسيين الذين اعترضوا على خروج فرنسا من الجزائر بقوله: "لقد فهمتكم.. وفهمت الكل"، لكن للأسف يبدو أن فهمه للوضع فى الشارع كان متأخراً جداً، كما أن مشاهدة أوضاع الشارع من خلال شاشة التلفزيون أو من خلال التقارير التى تعدها له أجهزته الأمنية لا تمثل على الإطلاق ما يحدث على أرض الواقع، لقد صار الرجل الصلد فى أضعف حالاته عندما كرر أسفه واعتذاره، كما رجل الشارع لم يعد يكترث بوعوده التى لم يستطع أن ينفذها على مدى فترة حكمه الطويلة للبلاد.

إن الشعب التونسى قد أراد الحياة، فكان القدر مستجيباً له، فهرب المستبد إلى الخارج تاركاً وطنه وضاق به فضاء الدنيا بعد أن رفضت الحليفة فرنسا أن تسقبله على أرضها، فظلت طائرته تجوب فى الفضاء حتى هبطت فى السعودية، لقد أثبتت نسور قرطاج قدرتها على التحمل والصبر حتى تنال مرادها، ولم تخجل من توجيه مخالبها فى وجه من قتل أحلام شبابها و نهب ثروتها، وبعد أن استجاب القدر لمطالب الشعب عندما أراد الحياة.. قريبا سينجلى الليل وينكسر القيد كما ورد فى قصيدة (لحن الحياة) لابن تونس الخضراء أبوالقاسم الشابى!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة