لو طلب منى رضا إدوارد رئيس مجلس إدارة صحيفة الدستور أن أرشح له رئيساً لتحرير الصحيفة، وهو ما لم يحدث، لقلت على الفور: طلعت رميح، الذى بدأ وأنا أكتب هذه السطور مهمامه كرئيس تحرير لهذه الصحيفة المهمة فى عالم الصحافة فى مصر والعالم العربى.
قد تبدو شهادتى مجروحة فى طلعت رميح، فهو أول يد امتدت لى فى عالم الصحافة، وقد التقيته أول مرة مصادفة عام 1988 فى مكتب بريد العتبة، حيث كان مراسلاً لمجلة البيادر الفلسطينية إلى جانب عمله كمدير تحرير صحيفة الشعب، وكنت على موعد فى اليوم التالى مع المرحوم الأستاذ عادل حسين رئيس التحرير لأبدأ عملى فى الشعب، ودون سابق معرفة، منحنى رميح الكثير من وقته، ونصائحه، ووضع قدمى على أول الطريق فى شارع الصحافة.
وليس سراً أيضاً أن أول تحقيق صحفى كتبته فى حياتى، وكان عن مؤامرة الإطاحة بالراحل الدكتور أحمد قدرى من رئاسة هيئة الآثار، أعاد طلعت رميح صياغته، وأنا جالس إلى جواره، يشرح لى ويعلمنى، ما يفعل، وماذا يجب أن أكتب، وما العناصر الواجب توافرها فى العمل الصحفى.
ومثل أى صحفى فى حياته اعترضتنى الكثير من المشاكل والصعاب، لم أستطع مواجهتها، وأحياناً كنت أفضل الهرب منها، لأجد طلعت رميح فى منزلى يوقظنى من نومى، ويناقشنى فى مشاكلى الشخصية قبل المهنية، ويقدم لى يد المساعدة.
طلعت رميح ليس صحفياً يهتم بعمله فقط، وإنما إنسان يحرص دائماً على دعم شباب الصحفيين والأخذ بيدهم، ورغم أن فارق السن بيننا ليس كبيراً، فإنه تعامل معى دائماً كوالد يحتضن أبناءه، لا يضن عليهم بخبرته، ويمد يد العون المهنى والإنسانى لهم.
قد لا يعرف كثيرون من الأجيال الجديدة طلعت رميح بسبب وقف جريدة الشعب عن الصدور منذ نحو عشرة أعوام، لكنه واحد من الصحفيين القلائل فى مصر الذين يحترمون المهنة، ويحترمون القارئ أيضاً.. وهو بعيداً عن الصحافة صاحب تاريخ عريض فى النضال الوطنى منذ كان طالباً فى المرحلة الثانوية والجامعية، وسبق القبض عليه فى أحداث 18 و19 يناير 1977 حينما انتفض الشعب ضد قرارات زيادة الأسعار فى عهد الرئيس السادات، وتم تقديم رميح للمحاكمة باعتباره أحد المتهمين الرئيسيين فى هذه القضية.
وخاض رميح حملة صحفية شرسة ضد وزير الإسكان والتعمير الراحل عثمان أحمد عثمان صهر الرئيس الراحل أنور السادات، وكان أحد أقوى رجال هذا العصر، ثم أصدر كتاباً مهماً بعنوان "عثمان الحقيقة والأسطورة"، إضافة إلى عشرات الكتب والدراسات المهمة عن الحركة الشيوعية المصرية، والقومية العربية، وحزب الوسط، والتيار الإسلامى فى مصر، إضافة إلى أنه أحد المراجع والخبراء المهمين فى الشأن السودانى، والصراع العربى الإسرائيلى.
طلعت رميح رئيساً لتحرير الدستور خبر مفرح جداً، لأنه بصراحة شديدة قادر على إعادة بناء هذه الصحيفة، وبعثها مرة أخرى، بعد أن كنا قاب قوسين أو أدنى من إعلان وفاتها.. مبروك للدستور طلعت رميح.
عدد الردود 0
بواسطة:
مسلمة تهوى المعالي
طلعت رميح .. الصحفي الإنسان
عدد الردود 0
بواسطة:
عبد المنعم عبد الرحمن ابراهيم
طلعت رميح .. الصحفي الإنسان
عدد الردود 0
بواسطة:
مها مروان
نموذج صارخ للانتهازية الساسية