لم تفلح الفكرة الشيطانية التى ابتدعها وزير الداخلية التونسى عندما قام بتشكيل شعب موازٍ يوالى الداخلية محتواه من البلطجية والمسجلين وأرباب السوابق.
ويختصر دورهم فى تنفيذ العمليات القذرة التى تحتاجها الدولة التونسية، ومنها تفقيل وتسويد البطاقات الانتخابية، ولا يتأخرون فى تنفيذ مهام التزوير بكل ألوانه وأشكاله.. يستطيع أيضا هذا الشعب الموازى من تأديب المعارضة إذا تطاولت وتلفظت بالحقائق التى دوما توجع قلب الديكتاتور وحاشيته.. يستطيع أيضا هذا الشعب الموازى أن يحطم المنشآت ويحرق الكاوتشات، ويدمر الممتلكات الخاصة حتى يشعر سواد الشعب أن الركود والركوع والذل أهون كثيرا من الحرية التى يطلق عليها "الموازى "..الفوضى.. فعندما سعى بلطجية نظام بن على لوأد الانتفاضة الشعبية، وجعلها تأكل نفسها وتظهر بأنها حركة تمرد تدمر البلاد، ولا تنفعها وتعيدها إلى عصور الظلام الاقتصادى.. وتفنن هؤلاء البلطجية بإثارة الفوضى بزيادة الترويع وسرقة وتدمير كل الممتلكات الخاصة، آملين أن تظهر مظاهرات الحرية على أنها فوضى تودى بالبلاد، وتذهب بها فى الدرك الأسفل لكى تتحول تونس الخضراء إلى العراق الآن التى مزقتها الطائفية والأيدلوجيات المتناقضة والصراع المذهبى.
ظن ذيول الحاكم أن هؤلاء البلطجية سوف يجعلون الشعب التونسى يخرج مطالباً بعودة الرئيس المخلوع.. ظن هؤلاء المأجورون أن التوانسة بهذه السذاجة السياسية وباتوا لا يفرقون بين بلطجية النظام الحاكم وبين الأحوال الاقتصادية السيئة التى اكتوى بنيرانها أصحاب المظاهرات التاريخية.. ظن هؤلاء المرتزقة أن لعبة الضغوط والتشديد والقتل والنهب ستحول البلاد إلى اقتتال متبادل فى الشارع ربما يجعل دول الجوار أو الدول العظمى تعيد حساباتها، وتساند وتساهم فى عودة الديكتاتور الفاسد "بن على".. لم يفكر هؤلاء المرتزقة لأنهم لا يملكون نعمة العقل والتفكير أصلا، ولا يعرفون أن هذه الدول الكبرى تتعامل مع دول ومصالح، ولا تتعامل مع أفراد بدليل أن فرنسا رفضت استقبال الديكتاتور المخلوع لأن مصالحها تستوجب أن تظل علاقاتها بالشعب التونسى هى الأفضل، ولم ينس ساركوزى أن هناك جالية تونسية تبلغ 600 ألف مواطن مهمة تعيش على الأراضى الفرنسية، وهناك جهات سيادية فرنسية رصدت حالة الفرحة العارمة التى سادت باريس وباقى المدن المختلفة وكل الجاليات العربية التى خرجت تؤازر الشعب التونسى.. نسى هؤلاء البلطيجة أن الأمريكان وعلى رأسهم أوباما آزر الشعب التونسى وشكره على اختيار الديمقراطية، ونسى هؤلاء أن الطاغية شاه إيران المعظم الذى كان ينفذ تعليمات الأمريكان بالحرف الواحد دون تفكير لم يتم استقباله وقتما كانت الثورة الإسلامية بقيادة الخومينى فى إيران.. لأن مصالح الدولة الأمريكية تتعارض مع وجود شاه إيران منذ أربعين عاماً.. دائما سياسة الديكتاتورية لا تعنيه ولا يفكر ولا يهمه مصالح دولته لأنه حولها إلى عزبة ومقاطعة خاصة وعامة.. شيمة وطبائع الديكتاتور أنه لا يصدق أن هناك يوما لرحيله.. الديكتاتور فرعون كبير لا يصدق إلا نفسه.. دوما يحتقر شعبه ويضع حوله دوائر الاتهامات يكره هذا الشعب إذا راح يطالب بحقوقه فيجرى سريعاً يرتدى عباءة الفرعون، ولا يجد إلا تكميم الأفواه وكتم أنفاس معارضيه سوى بالنفى خارج البلاد أو السجن أو التخلص النهائى منهم ظناً أن ذلك وسيلة بقائه على كرسى العرش.
أمنيتى الآن أن يفكر أصحاب الديكتاتوريات العربية، وهم أغلبية، ويتأملون فى لحظة ركوب الرئيس التونسى طائرته وهو لا يعرف أين وجهته.. لا يعرف أى أرض تستقبله ويظل معلقاً فى السحاب ينتظر قرار هبوطه فى مطار الدولة التى ستقف ضد رغبة شعبها وتستقبله.. إذا كان الحكام العرب خافوا وارتعشوا وأمسكتهم الرجفة عقب طرد الفرعون التونسى.. فأرى أن احترام الشعوب وإعادة حقوقهم ورفع رايات العزة والكرامة الحصانة الحقيقية للحاكم.. ولأن دفء الشعوب هو المحمية الطبيعية للحكام الذى لا ينفعه الديكتاتورية أو البلطجة، أو صناعة شعب موازى، لأن الشعوب عندما تثور تنهار أمامها قوافل البلطجية والمرتزقة، ولذا فأقول للذين يحشدون ميليشيات من الخارجين على القانون ويدعمونهم ويضمنون لهم الحماية، مقابل أن ينفذوا أعمالهم القذرة.. انكشفت اللعبة ولم تفلح هذه المليشيات فى حماية الرئيس التونسى زين العابدين بن على.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة