إذا كنت حاكما عربيا أو مقربا لأحد منهم فتحسس ضميرك جيدا وقس درجة حرارة عدلك، لأنك عاجلا أم آجلا ستقف للسؤال أمام الواحد القهار بعد أن تكون ميتا إما بضغط الدم من هموم الحكم أو بالحسرة إذا كنت هاربا خارج وطنك فى طائرة رئاسية تدور فى الفضاء وأنت تتسول بلدا يأويك وأرضا تقبل بك، وحكاما لديهم بقية من إنسانية ليخفوك من أعين شعبك الغاضب..أنتم السابقون يابن على..23 عاما من عمرك سقطت كرها وذلا فى لحظات، والبقية من عمرك ستقضيها بؤسا وخزيا فى المنفى، فإن شئت فابحث لنفسك عن قبر مناسب، قبل أن تفقد الأرض تسامحها وترفض جثتك.
لقد خيب زين العابدين بن على ظنى الأخير فيه، لقد حسبته عاد إلى رشده وتخلى عن ديكتاتوريته حينما قال لشعبه وهو يتوسل "أنا فهمتكم.. أنا فهمتكم" لم يكن توسلا بل كان خبثا ودهاء وجبنا لا ينافسه فيه أشد الضباع طرا، فقد كان الرجل يرمى إلى أنه فهم أن الشعب لن يمنحه فرصة أخرى ليصلح أحواله، فاختار أقرب طريق للموت وهو الهرب بكل عار وخسة، كان يخطب فى الشعب ومحركات طائرته تهدر استعدادا للهروب الكبير، لم يكن زين العابدين ولا حتى أسوأهم، فأصبح إمام الهاربين وشيخ الجبناء ورئيس المتخاذلين، لم تأته الشجاعة حتى ليعلن التنحى حفظا لما بقى من ماء وجهه، ديكتاتورا فى حكمه، وخائنا فى انسحابه.. اذهب وعليك من الله ما تستحق.
يعلم كثير منا فيم يفكر حكام العرب الآن ..بعضهم يقول لنفسه "أنا جدع وشعبى جدع لا يمكن يعملوا معايا كده .. وحتى لو حاولوا جهازى الأمنى مبيرحمش".. وآخر يكلم معاونيه ويتناول كثيرا من المنومات، ويضع سلاحه تحت مخدته، وثالث يحمل العدد الكبير من عائلته التى لن تحتملها طائرته.. ولا أستبعد أن عددا منهم بات فى طائرته ينتظر غضب الشعب وينتفض عن كل فرقعة حتى وإن كانت صادرة منه، الأجدر بهم الآن أن يتعلموا الدرس جيدا ويستمعوا لصوت الغضب الكامن فى صدور شعوبهم، بدلا من تسكينهم ببعض الزيت والسكر والمكرونة والصابون، فليس بهذا تحيا الشعوب، وليس بالخوف والقهر والعسكر وحدهم تدوم الكراسى.
بعد فعلة زين الهاربين بن على أثبت شعب تونس أن دماء الرجولة مازالت تسرى فى عروقهم.. فليقبلوا اعتذارى عن سوء نيتى وخطأ حساباتى، هؤلاء هم نجومنا المضيئة فى سماء عالمنا العربى الملبد بغيوم الظلم والاستبداد، لقد ضرب التونسيون رئيسهم"شلوتا"لم يستفق منه الا فى جدة ، وما زال بعضنا يحاول أن يقنع نفسه بأن الجاثمين على صدورنا ليسوا حكامنا ولكنه كسلنا وقلة حيلتنا، أيها الأحرار لا تنتظرونا فقطار الديمقراطية فاتنا منذ زمن فأنظمتنا محمية ومعارضتنا تافهة وأحزابنا هراء ونخبتنا فاسدة، ونحن شعوب لا تريد الحياة ولا نتوقع أن يستجيب القدر..فمن يخش صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر، كما قال شاعركم الملهم..شكرا يا شباب تونس وليرحم الله شهداءكم ويوفقم أن تحافظوا على بلدكم حرا كما تريدون، فالقادم اختبار صعب نسأل الله أن يعينكم عليه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة