محمد حمدى

مات محمد.. وعاشت تونس

السبت، 15 يناير 2011 12:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حتى السابع عشر من ديسمبر الماضى لم يكن أحد فى تونس أو غيرها من بلدان العالم كله يتوقع أن تبدأ نهاية النظام الحاكم فى تونس فى هذا اليوم، وعلى يد شاب عاطل عن العمل، ففى هذا اليوم أضرم محمد البوعزيزى (26 عاما) النار فى نفسه أمام مقر ولاية سيدى بوزيد، احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية فى المدينة عربة يبيع عليها الفاكهة والخضار، وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها فى حق شرطى صفعه أمام الملأ.

لم يشعل البوعزيزى النار فى نفسه وضحى بحياته فى مواجهة الظلم فقط، وإنما أشعل شرارة الغضب، فتحولت إلى نيران التهمت نيرانها السلطة الحاكمة فى تونس، ودفعت الرئيس زين العابدين بن على إلى الهروب تحت جنح الظلام متخليا عن السلطة بعد 23 عاما قضاها فى حكم تونس.

وصل بن على إلى الحكم عام 1987 بعدما أطاح بالرئيس الأول للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة، استنادا إلى تقرير طبى يثبت عدم أهلية بورقيبة للحكم، وبدأ بن على عصرا جديدا فى تونس واستهل حكمه بشعارات براقة، مثل التغيير والحرية والديمقراطية، لكنه بعد فترتين فى حكم البلاد عدل الدستور ليصبح رئيسا مدى الحياة، وفاز ست مرات فى انتخابات رئاسية لم تكن اى منها تتسم بالديمقراطية والشفافية.

ومثل الكثير من الحكام العرب، استغل بن على خوف الغرب من الإسلام السياسى ليقيم حكما ديكتاتوريا فى بلاده، حظى بدعم غربى كبير، لدرجة أن أوروبا وأمريكا التى تتدخل فى معظم بلدان العالم تحت دعوى حماية حقوق الإنسان ظلت تغض الطرف عما يجرى فى تونس، حتى بدا أنها حصلت على ضوء أخضر عالمى ليفعل فيها النظام الحاكم ما شاء فى شعبه.

وحين أشعل البوعزيزى النار فى نفسه انطلقت شرارة الغضب فى تونس، ولم تفلح التنازلات التى ظل الرئيس الهارب بن على يقدمها يوما تلو الآخر، فى محاولة لإطفاء نيران الثورة، حتى بدا أنه ونظامه غير قادرين على المواجهة فاتخذ قراره بالفرار، ولم تقبل فرنسا أهم حليف وداعم له استقباله وتوفير ملجأ أمن له يعيش فيه كلاجئ سياسى.

محمد البوعزيزى توفى فى الرابع من يناير الماضى متأثرا بالحروق التى أتت على كل جسده النحيل، لكن حياته لم تذهب هباء، فقد قدمها ثمنا من أجل بلاده.. من أجل الثورة على الظلم والفساد، وغياب الحقوق الأساسية.. وكما مات البوعزيزى فى ريعان الشباب فإنه أكد ما قاله مواطنه الشاعر التونسى الكبير أبو القاسم الشابى الذى مات أيضا فى ريعان الشباب لكن روح البوعزيزى وكلمات الشابى: إذا الشعب يوما أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر .. لابد لللّيل أن ينجلى .. ولابد للقيد أن ينكسر.. وقد انجلى ليل تونس المظلم وانكسر القيد.. وانتصر الشعب على الظلم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة