هل أصبحنا من الشعوب المتعصبة التى تهوى التطرف فى كل المجالات؟ التطرف الذى نراه فى كل فكر من بداية مكان الإقامة الذى يتعصب له الفرد مع الذين يقيمون فى مناطق أخرى، بمعنى أنه يمكن أن نجد مشاجرات مكانية بين سكان مكانين مختلفين، ونتعصب للمحافظة التى ننتمى إليها ضد المحافظات الأخرى وللمدرسة التى نتعلم فيها ضد المدارس الأخرى، مرورا بالنادى الذى ينتمى إليه الشخص، هنا نرى التعصب يزداد وتيرته ويصل إلى أعمال عنف قوية بين مشجعين الأندية دون أن يجنى هؤلاء من وراء هذا التعصب أى مكاسب مادية، لكن قد يحرك هؤلاء بعض المتربحين ولكنه لا يستطيع فعل ذلك إلا إذا كانت هناك روح داخلهم مستعدة لذلك، فنجد تعامل جماهير الأندية المختلفة مع بعضها البعض بكل قوة و قسوة، حتى نصل من جراء كل التوترات العصبية إلى أقسى أنواع التعصب، ألا وهو التعصب الدينى الذى ظهر فى الآونة الأخيرة بكل معناه، أنه نتيجة من نتائج حياة تغوص على بحر من التعصب فى كل شىء، قد نجد الزوج يتعصب ضد زوجته فى أمر معين إن كان ناديًا رياضيًا أو المنطقة التى عاش فيها، أنه التعصب الأعمى الذى يقودنا الآن إلى المجهول، والغريب أننا نسير خلفه بتواتر ملحوظ قد يكون سريع أو قد يكون منظم، غير قانعين بأننا ننحدر إلى الهاوية السحيقة التى إن وصلنا إليها لن ينجو منها أحد، قد نستطيع أن نعالج كل أنواع التعصب السابقة، لكننا (من وجهة نظرى) فشلنا فى معالجة كل أنواع التعصب الدينى حتى الآن.
فالأسلوب المتبع فى معالجة التعصب الدينى فى مصر هو الأسلوب الأمنى الذى لا يداوى الجرح العميق وإنما يغطيه حتى لا يظهر، يغطيه ولا يهتم بالنتيجة اللاحقة ولكن المهم هو الآن أن يتم إخفاء هذا الجرح، فلنأخذ مثلا الحادث الأخير وهو حادثة سمالوط التى قتل فيها مندوب الشرطة شخصا مسيحيا وأصاب آخرين بمسدسه الميرى، ممكن أن تكون هذه حادثة عادية لكن فى ظل الجو المشحون وما سبقها من أحداث لا يمكن لعاقل أن يقول أنه حادث عادى وليس طائفى، ثانيا عندما تعلن وزارة الداخلية بعد ساعات من الحادث أن الجانى مريض نفسيا، هنا لعب بعقلية ومشاعر الناس ودفاع عن الجانى وإذا كان الجانى مريض نفسيا لماذا هو يحمل سلاح ميرى إنه العذر الأقبح من الذنب. مثل هذه الأمور هى السبب فى تفاقم الطائفية والتعصب وليس علاجها. لو أن الداخلية خرجت علينا ببيان أن الحادث الذى تم هو حادث لم يتبين نية الجانى فيه حتى الآن، وسوف تجرى التحقيقات على أعلى مستوى لمعرفة إن كان وراء الجانى دوافع أو محرضون، وسوف يتم الكشف على الجانى ومعرفة هل لديه تاريخ مرضى من عدمه، وتهيب الداخلية بأن الجانى سوف يأخذ عقابه مهما كانت وظيفته أو وضعه دون النظر إلى دينه لأننا جميعا سواء فى وطننا، ولأننا المنوطون بحماية الناس وليس ترويعهم، من هنا نبدأ، ونكمل بتقديم الجانى لمحاكمة عادلة تماما بدون دفاع أو تشهير، إننا ننساق بدون وعى إلى بحور من الظلام الطائفى والفاعل ليس مجهولا، ليتنا نفيق لأنفسنا حتى لا نحترق جميعا لأن المؤشرات صارت خطيرة، جنبنا الله شر الفتن والتعصب وهدانا إلى طريق المحبة والأخوة.