يسألنى الكثيرون منذ أن جئت إلى بلاد السور العظيم عن مصر وأين دورها الإقليمى والعالمى، فلا أجد ما أستطيع أن أجيب به.. سوى أن مصر موجودة وستظل موجودة، ممكن تكون تأخرت شوية لكن موجودة. ممكن تكون عايشة على أمجاد الماضى لكن موجودة.. ولكنى فى الحقيقة لا أعرف لماذا هى تأخرت أو تعطلت عن القيام بدورها الريادى فى المنطقة والعالم وليس هذا فضل أو منه نمن بها على العالم ولكن هو واجب وفرض لما حباها الله من موقع وسط العالم وتاريخ وحضارة.
يحكى لى زميلى فى الغرفة وهو من ساحل العاج أن له ابن عم درس فى الأزهر وهو الآن معلم وأمام مسجد فى ابيدجان، ولكن ذلك عندما كان الأزهر يقوم بدوره الدعوى والتنموى ومن خلفه مصر تدفع بقوة القوى الناعمة للأمام.
فى لقائنا الأسبوعى بسفارة السودان لأداء صلاة الجمعة فى العاصمة الصينية بكين أقابل أصدقاء من كل البلاد العربية يتكلمون ويتناقشون عن أحوال هذه الأمة وفى النهاية أجد السؤال المعتاد موجها لى.. أين مصر؟
لماذا لم تقم هى بهذا الدور الرائع الذى تقوم به سفارة السودان فى تجميع الدول العربية والإسلامية فى بكين.. وليس هذا الرأى عن حقد وغل للسودان ولسفارته فى الصين ولكن عن حب وانبهار بما تفعله البعثة الدبلوماسية للسودان هنا فى الصين.. أو تقوم بدور الوساطة بين الفصائل فى لبنان أو تدعو للتهدئة فى دارفور أو تقوم بدور ريادى فى أفريقيا بدلا من إقامة دورة حوض النيل ؟يقول لى زميلى السودانى والقطرى.. أين مصر؟
يسألنى صديق صينى لماذا لا نرى الجالية المصرية كبيرة فى بكين؟ رغم أن مصر من أقدم الدول علاقة بالصين ويكن لها الناس الحب والتقدير ويتكرر السؤال.. أين مصر؟
جاء لى زميل مصرى يحكى لى عن سوء المعاملة فى السفارة المصرية وعدم اهتمام البعثة الدبلوماسية بنا نحن الذين جئنا لطلب العلم فى هذه البلاد التى كانت متأخرة من نصف قرن والآن تجرى نحو صدارة العالم.
ويقول لى تخيل مصر معندهاش ملحق ثقافى ولا تعليمى فى الصين! وقلت له نصيحة غالية أسدها لى أحد أقاربى وكان يعيش فى الغربة فى بلاد الخليج.. آخر مكان ممكن تلجأ ليه فى الغربة سفارة مصر، فقال لى صديقى بإصرار ليه وإحنا أكبر دولة عربية وأفريقية والناس تعاملنا على أساس ذلك؟ فقلت له إذا كنا كذلك، فأين دورنا فى الثقافة والعلوم؟ بلاش أين دورنا فى السياسة الدولية؟ بلاش أين دورنا فى التجارة والصناعة؟ أين مصر؟
جلس صديقى حزينا على الوهم الذى كان فى خيالنا جميعا أننا قادة المنطقة وتذكر أن قطر سوف تستضيف كأس العالم وأن الأردن تعمل على قيادة السلام وأن دولا مثل السعودية وجنوب أفريقيا تفوقت جامعاتها على الجامعات المصرية فى التصنيف العالمى.
وقلت له وإلى كل من يسأل عن مصر.. مصر التى تسأل عنها لم يبق منها سوى شعب طيب يحاول أن يدير أمره بنفسه دون أن يلجأ إلى حكومة أو أن يستعين بحزب.. شعب يدير الآن الحياة ويحاول أن يحافظ على ما بقى له من أخلاق حميدة وطباع صاغها التاريخ منذ آلاف السنين ويأمل أن تعود إليه بلده بعدما طال عليه الانتظار والسؤال أين مصر.
علم مصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة